عبدالهادي راجي يفجر قنبلة غضب
مدار الساعة ـ نشر في 2022/06/07 الساعة 18:26
يعرضون دائماً قصص نجاح، لشاب خرج خارج الأردن.. وهنالك أصبح مدير شركة، وفتاة قال لها البابا (no) اتكوني طيار فردت عليه: بليز بابا.. وفيما بعد أصبحت كابتن.. وقصة لشاب (مايص) أسس شركة.. ونجحت الشركة، وخالتو قامت بدعمه في البداية.. ولم تكن ماما كتير متحمسة، بس هو نجح.. وهيو بدو يتجوز.. وثمة قصة أخرى للنجاح.. عن صبية (ئررت) هي وصاحباتها.. يفتحو محل للأكل.. والسندويشات.. ونجحت الئصة كتيررررر.. وئدرت تفتح مطعم..
كلها قصص الهدف منها تغريب المجتمع، والهدف منها.. أن يقولوا ان العشيرة كذبة وأن القبيلة محض هراء.. وأن الهوية مجرد خرافة.
ألم أكن انا قصة نجاح.. اربعون قضية مطبوعات ونشر رفعت علي.. وتحملت كل أشكال التوقيف، وعبرت في البدايات من زنزانة المخابرات.. حتى سجن ماركا.. ألم أعلم جيلا كاملا معنى (القايش والبوريه والصاك).. ألم أقاتل دون سند أو ظهر أو بندقية.. فقط بالكلمات.. لأذكّر بوصفي وهزاع.. واستفز قلب كل فتى أردني تعلم أن الوطن.. دم وعشق وفداء..
ألم اشغل الرأي العام بمقابلة هنا أو تصريح هناك.. وأنام ملء عيوني عن شواردها وتختصم وتشتم وتسهر مجاميع الفيس بوك..
ظل قلبي وقلمي على الأردن..
(٢٦) عاما في الصحافة لم اتلق تكريما واحدا من الدولة، لم اتلق قلما.. أو حتى وساما.. أو أي شيء صنع من الخردة.. لم اتلق كلمة شكرا.. لا بل وضعوني في خانة العدو.. صنفوني أني (راديكالي) شرق أردني ومتعتق بالعنصرية.. وما كتبته في فلسطين استفز أهداب الحروف والتراب..
قالوا اني أضرب الناس، وما امتدت يدي على أحد إلا لأجل كرامة اورثنا اياها أهلنا.. وهي رصيدنا في بنوك الحياة..
أنا الفتى.. النازف كبده، لكثرة ما كرهوني.. لكثرة ما وضعوني في خانة أعداء التطور.. بالمقابل من زاروا إسرائيل ومارسوا التطبيع وشتموا النظام في مقاهي بيروت، ولعقوا حذاء كل سفير.. صاروا هم سادة التنوير النجب، وأئمة الوطنية ونحن الجناة الذين شربنا ماء البلد، وأكلنا قمحها.. وسرقنا مالها، وارتكبنا فاحشة الزنى في ترابها وشجرها والتاريخ..
أنا قصة النجاح، أنا الذي قاتلت بالمقال.. وسكبت دمي سطرا يتلوه سطر.. وما مر يوم علي إلا وقبلت قدم أمي.. في خيالي، وترد لي القبلة أن تأتيني بالحلم وتمسح بكفها وجهي..
أنا قصة النجاح.. أنا الذي ولد من أم لم يسعفها الزمن في أن تجيد القراءة والكتابة، أو تدخل مدرسة في طفولتها، وحين صرت في الصف الخامس جلست في حضنها.. وصرت أعلمها الحروف.. حرفا تلو حرف.. حتى اتقنتها كلها.. وأول كلمة كتبتها كانت اسمي (عبدالهادي)..
وأنا الذي حملت أبي كيف أضعه تحت تراب الكرك، وتركت دمعي على الكفن.. وقلت له: خذ دمعي عله يؤنسك في اغتراب القبر وظلمته..
وأنا الذي حملت بلدي في كل سطر كتبته في كل نقطة في كل همزة، وخفت أعطف حرف الدال في الأردن.. لأن الأردن انعطف على قلبي وحدي ولا أريده أن ينعطف على الورق..
وأنا الذي جئت من قرية في الجنوب، وحملت دواليها وزيتونها وترابها.. والطوابين ونثرت كل ذلك على ورق الصحيفة..
نحن الوطن وقصة نجاحه.. نحن التراب ورائحته نحن بداية القصيدة ونهايتها.. نحن الرصاص ووميضه.. من سمح لكم بأن تختصروا..
الكرك والدم الذي سال على قلعتها.. والعسكر الذين عادوا إليها شهداء.. وثورتها التي نادت بالكرامة والحرية واحترام إرادة الإنسان.. من سمح لكم أن تختصروا كل ذلك.. بالبزنس بارك والبوليفارد..
ذات يوم سنستعيد شمسنا هي لنا خلقت لتلوح جباهنا، سنستعيد الصوان والربابة، سنستعيد العقال والقبيلة.. ذات يوم سنهدم كل مصانع الحزن التي شيدتموها على قلوبنا وبنيتموها من دمنا..
وسيسلم الوطن.. حتما سيسلم.
كلها قصص الهدف منها تغريب المجتمع، والهدف منها.. أن يقولوا ان العشيرة كذبة وأن القبيلة محض هراء.. وأن الهوية مجرد خرافة.
ألم أكن انا قصة نجاح.. اربعون قضية مطبوعات ونشر رفعت علي.. وتحملت كل أشكال التوقيف، وعبرت في البدايات من زنزانة المخابرات.. حتى سجن ماركا.. ألم أعلم جيلا كاملا معنى (القايش والبوريه والصاك).. ألم أقاتل دون سند أو ظهر أو بندقية.. فقط بالكلمات.. لأذكّر بوصفي وهزاع.. واستفز قلب كل فتى أردني تعلم أن الوطن.. دم وعشق وفداء..
ألم اشغل الرأي العام بمقابلة هنا أو تصريح هناك.. وأنام ملء عيوني عن شواردها وتختصم وتشتم وتسهر مجاميع الفيس بوك..
ظل قلبي وقلمي على الأردن..
(٢٦) عاما في الصحافة لم اتلق تكريما واحدا من الدولة، لم اتلق قلما.. أو حتى وساما.. أو أي شيء صنع من الخردة.. لم اتلق كلمة شكرا.. لا بل وضعوني في خانة العدو.. صنفوني أني (راديكالي) شرق أردني ومتعتق بالعنصرية.. وما كتبته في فلسطين استفز أهداب الحروف والتراب..
قالوا اني أضرب الناس، وما امتدت يدي على أحد إلا لأجل كرامة اورثنا اياها أهلنا.. وهي رصيدنا في بنوك الحياة..
أنا الفتى.. النازف كبده، لكثرة ما كرهوني.. لكثرة ما وضعوني في خانة أعداء التطور.. بالمقابل من زاروا إسرائيل ومارسوا التطبيع وشتموا النظام في مقاهي بيروت، ولعقوا حذاء كل سفير.. صاروا هم سادة التنوير النجب، وأئمة الوطنية ونحن الجناة الذين شربنا ماء البلد، وأكلنا قمحها.. وسرقنا مالها، وارتكبنا فاحشة الزنى في ترابها وشجرها والتاريخ..
أنا قصة النجاح، أنا الذي قاتلت بالمقال.. وسكبت دمي سطرا يتلوه سطر.. وما مر يوم علي إلا وقبلت قدم أمي.. في خيالي، وترد لي القبلة أن تأتيني بالحلم وتمسح بكفها وجهي..
أنا قصة النجاح.. أنا الذي ولد من أم لم يسعفها الزمن في أن تجيد القراءة والكتابة، أو تدخل مدرسة في طفولتها، وحين صرت في الصف الخامس جلست في حضنها.. وصرت أعلمها الحروف.. حرفا تلو حرف.. حتى اتقنتها كلها.. وأول كلمة كتبتها كانت اسمي (عبدالهادي)..
وأنا الذي حملت أبي كيف أضعه تحت تراب الكرك، وتركت دمعي على الكفن.. وقلت له: خذ دمعي عله يؤنسك في اغتراب القبر وظلمته..
وأنا الذي حملت بلدي في كل سطر كتبته في كل نقطة في كل همزة، وخفت أعطف حرف الدال في الأردن.. لأن الأردن انعطف على قلبي وحدي ولا أريده أن ينعطف على الورق..
وأنا الذي جئت من قرية في الجنوب، وحملت دواليها وزيتونها وترابها.. والطوابين ونثرت كل ذلك على ورق الصحيفة..
نحن الوطن وقصة نجاحه.. نحن التراب ورائحته نحن بداية القصيدة ونهايتها.. نحن الرصاص ووميضه.. من سمح لكم بأن تختصروا..
الكرك والدم الذي سال على قلعتها.. والعسكر الذين عادوا إليها شهداء.. وثورتها التي نادت بالكرامة والحرية واحترام إرادة الإنسان.. من سمح لكم أن تختصروا كل ذلك.. بالبزنس بارك والبوليفارد..
ذات يوم سنستعيد شمسنا هي لنا خلقت لتلوح جباهنا، سنستعيد الصوان والربابة، سنستعيد العقال والقبيلة.. ذات يوم سنهدم كل مصانع الحزن التي شيدتموها على قلوبنا وبنيتموها من دمنا..
وسيسلم الوطن.. حتما سيسلم.
مدار الساعة ـ نشر في 2022/06/07 الساعة 18:26