المواطنة الرقمية
اليوم أخذت التكنولوجيا مكانة واسعة في عالمنا ودخلت جميع المجالات الحياتية بكل ما تحتويه من إيجابيات وسلبيات سواء عامة أو خاصة، فأصبح حاضر هذا الزمان وما سيحكمه فعلياً هي الحياة الرقمية الجديدة وهو مستقبلنا القريب الاجباري، وسيبرز جلياً ما يسمى بالمواطنة الرقمية، لهذا نحن اليوم بحاجة ماسة لبناء معرفة في مجالات المواطنة الرقمية ونشر ثقافتها لتشكيل مسارات وقائية وتحفيزية من مخاطر هذه الحياة الرقمية وبناء سلوك حسن الاستخدام بشكل سليم مفيد للفرد والوطن.
مع سرعة وقوة الانتشار للثورة التكنولوجية الرابعة وحرية وسعة عالم الانترنت في هذه المعمورة، بدأت تظهر المواطنة الرقمية التي تهتم بتنمية السلوك الإيجابي للمواطنين في البيئة الرقمية وذلك لترسيخ مبدأ حسن الاستخدام لهذه التكنولوجيا لبناء مواطنة رقمية واعية إيجابية مع البيئة الرقمية المحلية والعالمية وممارسة كل شيء بمسؤولية آمنة وباحترام حقوق الاخر بعيداً عن سلوكيات الإيذاء والاضرار بالغير.
اذاً المواطنة الرقمية يجب أن تكون لها قواعد ومعايير تتبع من أجل الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا والتي أصبحت ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها لا من الكبار ولا من الصغار، تكون بمثابة توجيه نحو التقنيات التكنولوجية الحديثة للحماية من الاخطار والمضار المحيطة بها من أجل الارتقاء بالوطن، ويصبح الانسان الرقمي هو الذي يعرف ويفرق بين الصح والخطأ، ليمارس سلوك التكنولوجيا الذكية بالأخلاقية الدينية والوطنية السليمة ويأتي ذلك من خلال وضع التشريعات والقوانين التي تنظم استخدام التكنولوجيا عن طريق المواطنة الرقمية والتي سيكون لها دور بالنهوض بالوطن والمجتمع ودورها الفعال في التنمية المستدامة وحل المشاكل المجتمعية، والتحديات التي تعترض تقدمنا ومعرفة سبل مواجهة هذه التحديات.
تأتي الحاجة الملحة لتنظيم السلوكيات ووضع تشريعات خاصة بالحياة الرقمية لما نشهده اليوم من انصهار بين المجتمعات والجماعات بالعوالم الافتراضية حيث ان الانسان يقضي معظم يومه في العالم الافتراضي واصبحت معظم اجتماعياته محصورة بهذا العالم فكما هي القوانين والتشريعات وضعت لتنظم حياتنا فلا بد من وجودها لتنظم سلوكياتنا الوطنية الرقمية.
اليوم لم يعد تشكيل الهوية بطريقة واقعية كما كانت في الأجيال السابقة، اليوم صارت بطريقة افتراضية وذلك بسبب الرقميات التي أثرت وتؤثر في هوية الفرد بذاته وتصوره عن المستقبل وعلاقاته بالآخرين، فأصبحت وتحولت السمعة الاجتماعية التي يحرص عليها المجتمع والتي كانت تتشكل داخل الاسرة والرقابة الاجتماعية الى سمعة رقمية سهلة التشكل بلا رقابة ومحددات، وهذا يدعو الى الانتباه والاهتمام بالمواطنة الرقمية والتعامل معها كواقع وان نحرص على الدمج الآمن بين الهوية الوطنية بثقافتها وحضارتها وبين الهوية الرقمية والمواطنة الرقمية، وهذا يستوجب ضرورة ان يتم دراسة الامر بشكل فعلي من قبل حكوماتنا وتشكيل لجان مختصة لوضع التنظيمات المطلوبة فكما هي مسؤولة تجاه شعوبها تعليمياً وإعلامياً وثقافياً اصبحت مسؤولة رقميا ايضا لبناء الأجيال على مستوى احترام الذات الوطنية وترسيخ الشعور بالانتماء للمجتمع.