الملك.. يمضي بين خطين متقابلين

د. هزاع عبد العزيز المجالي
مدار الساعة ـ نشر في 2022/06/05 الساعة 01:34
من المؤكد أن المجتمع الدولي أصبح يعيش في السنوات الأخيرة في حالة من عدم الاتزان الاقتصادي والسياسي, فبالكاد استطاعت الدول أن تأخذ أنفاسها في الخطوات الأخيرة للتعافي من أزمة وباء كورونا، حتى دخل العالم في أزمة جديدة عميقة، أعادت العالم إلى نقطة الصفر، ألا وهي الحرب الروسية الأوكرانية.
فمن المعلوم أن أزمتين اقتصاديتين عالميتين متتاليتين, تعادلان نشوب حرب عالمية ثالثة في آثارها وما ينتج عنها من أزمات داخلية تطال جميع مناحي الحياة الإنسانية، أزمة الطاقة والغذاء والمياه, التي تؤدي وبشكل كبير إلى رفع معدلات التضخم في كافة الدول دون استثناء, إما بسبب ارتفاع كلف الإنتاج والنقل, التي تعتمد على الطاقة, او بسبب ارتفاع كلف توفير البدائل. وهذه الأزمة بطبيعة الحال, تكون أكثر إيلاماً على الدول النامية والضعيفة اقتصاديا, التي تمتلك موارد مالية محدودة, أو التي تعتمد بشكل كبير على توفير حاجياتها من الأسواق الخارجية مثل النفط والغذاء, فيؤدي ذلك بطبيعة الحال الى ضعف وتراجع نموها الاقتصادي، وينعكس عليها داخلياً بالعديد من المشاكل مثل ارتفاع حجم البطالة والفقر، وزيادة نسبة الجريمة والمخدرات، والكثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، بل يصل الأمر في بعض الأحيان الى مرحلة التصادم والاضطرابات الداخلية.
لقد أدت الحرب الروسية الأوكرانية -العبثية- الى أزمة طاقة وغذاء عالميتين, باعتبار أن الدولتين من أهم الدول المصدرة للمواد الغذائية, إذا ما أضفنا أن روسيا أحد أهم مصادر الطاقة, بل تعتبر المصدر الرئيس للنفط والغاز للدول الأوروبية.
وبعيدا عن أسباب افتعال هذه الحرب, وصراع المصالح والتوازنات الاقتصادية العالمية، التي يطول الحديث عنها, فلقد أدت هذه الأزمة الى إعادة خلط الأوراق والأولويات لدى الكثير من الدول ومنها الأردن، الذي ما كاد يتعافى من أزمة كورونا, والانطلاق نحو مرحلة جديدة من التعافي الاقتصادي, وتحقيق مكاسب تنموية، حتى أدخلته الحرب في متاهة التضخم, وارتفاع الاسعار من جديد، وازدياد الأعباء المالية على موازنة الدولة, وعلى المواطنين على حد سواء.
إن المتابع لخطوات جلالة الملك, لا بد أن يعلم أن جلالته, يعمل في ظل ضغوط وأعباء داخلية وخارجية غير مسبوقة, فعلى الصعيد الخارجي أصبح من المعلوم أن جلالته هو المكلف دوليا بقيادة وإدارة الملفات الإقليمية الأكثر حساسية وصعوبة, والتي تحتاج الى جهود مضنية, على رأسها القضية الفلسطينية, ولعب دور الوسيط في النزاعات الإقليمية. ومن جهة أخرى عمل جلالته على توحيد وتنسيق المواقف العربية تجاه قضايا المنطقة, وفي نقل وجهة نظر دولها من الأحداث, ورؤيتهم لحل الكثير من الملفات العالقة.
أما على الصعيد الداخلي, فجلالته يبذل جهودا مضنية لإيجاد الحلول لمعالجة آثار الأزمات الاقتصادية المتتالية, بإجراءات وإصلاحات وقرارات, تهدف لتخفيف آثار تلك الأزمات, وسعيه لتوفير الدعم الدولي للأردن. ومن جهة أخرى أيضا مواجهة خطر التحديات الخارجية الأمنية, لا سيما على الحدود الشمالية.
المطلوب منا جميعاً أن نؤازر ونقف خلف جلالة الملك, الذي يتحمل عنا أعباء الموازنة بين هذين الخطين المتقابلين داخلياً وخارجياً.
مدار الساعة ـ نشر في 2022/06/05 الساعة 01:34