في حضرة الرأي وذكرى مولدها
مدار الساعة ـ نشر في 2022/06/02 الساعة 08:20
بالعادة، تختلط احلامنا في الطفولة وتتقلب من لحظة الى اخرى, فنحن نحلم بأن نكون مهندسين واطباء ومحامين وطيارين خلال نفس اليوم او الاسبوع في الاكثر, وسرعان ما ندفن احلامنا على عتبات الشباب, فنتحول الى حرفيين ومهنيين وقلة تصل الى ما تبتغي, ومنتصف الشباب ننعى احلامنا ونبدأ مع الحياة احلاما جديدة لصغارنا من فلذات الاكباد, ذات مدرسة ابتدائية سألني الاستاذ خليل رضوان متعه الله بالصحة وطول العُمر, ماذ ستصبح في المستقبل؟ اجبته مهندس, فما كان منه الا ان شلع أذني وقال لي: ستكون صحفيا ناجحا او محاميا بارعا, وقبل سنتين هاتفني الباشا توفيق كريشان وسألني ان كان استاذ لك قد توقع ان تصبح صحفيا, فقلت له نعم الاستاذ خليل رضوان فمنحني كرم محادثته, واسأل الله ان اكون كما وصفني استاذي.
سردت حتى اصل إلى اولى الخطى على طريق المهنة, كان هناك مبنى ومعنى, نستهدف الوصول اليه, فإجازة الاعتراف بالمهنة تبدأ من الرأي والدستور, والترتيب مقصود, ف$ قلعة الدولة, وكانت تحتفظ بألق خاص جماهيريا, وتحظى بمكانة في عقل الدولة كله, كانت الصفحات تفوح منها رائحة الثقافة والخبر الموثوق, وكانت كلمات الراحل محمود الكايد رحمه الله, الذي تتزامن ذكرى وفاته مع ذكرى ولادة $, تحمل من الغطرسة ما تحمل, لكنها غطرسة المنتصر والواثق» مَن لم ينشر نعيه في $ لم يمت», كانت $ فضاء للدولة فعلا, على صفحاتها تقرأ اليمين واليسار والوسط, وكانت زاوية سبعة ايام مهوى الافئدة وعنوان السيادة في المقالة, اما الصفحة الاخيرة ومقالاتها فتلك قصة تعني الكثير, فالحضور عليها يعني انك اخترقت حواجز المستحيل في المهنة.
كان الطموح ونحن لم نتجاوز دوار المدينة الرياضية, بحكم مواقع صحفنا, ان نكون من اتباع الدستور او من اهل $, صحيح ان تجربة الصحافة الاسبوعية جرى الانقضاض عليها وشيطنتها وتحت ابناء هذه التجربة, الا ان حلم النجاح في الاسبوعيات كان بهدف الوصول الى طاولة تحرير $ او الدستور, واظننا جيل اوائل التسعينيات كنا نتوق الى $, الرواتب العالية والامتيازات الفاخرة, وصحبة العمالقة, فيكفي ان يكون رئيس تحريرك محمود الكايد ومعلمك جمعة حماد رحمهما الله, كان هذا المبنى علامة فارقة, فيكفي ان تقول لسائق الحافلة عند $, حتى ينظر اليك باهتمام, واذا كنت تحمل الاوراق الناعمة الملمس والتي يبدو عليها بعض كهولة بحكم اللون, فيعرف انك صحفي, فينظر اليك بوقار ويصرف لك لقب استاذ دون تردد, «اتفضل يا أستاذ».
هذه اصل الحكاية وبدايتها مع $, التي اتشرف انني احد كتابها اليوم, واتشرف انني امضيت عقدا من العمر واكثر قليلا في الدستور, لكن صدقوني ما زال في الحلق رغم الفرح بعض ملوحة, فالصحيفة التي تخطت مرحلة الشباب, تبدو عليها الكهولة رغم انها ما زالت يافعة, بعد ازمات عانتها مع شقيقاتها الاخريات من الصحف الورقية, جزء منها لظروف اسهمت هي فيها, لكن الجزء الاكبر كان خارجاً عن ارادتها, ولا اود ان اقول رغما عنها, فحاملة الطائرات الكبرى لفكر الدولة وعقلها, تسير في بحر لا يحمل كثير إيمان بدورها إلا وقت الازمات والفزعة ولفترة محدودة, وجيل آباء مسؤولي اليوم يبدو انهم لم يوصلوا الفكرة بأصلها وعمقها, ف$ ليست شركة مساهمة عامة, بل حاملة طائرات خاضت حروبا اكثر من «سارتوغا» أشهر حاملة طائرات أميركية وأقواها.
الرأي, ليست شركة يقاس الاداء فيها بمنطق الربح والخسارة, بل هي رائحة حبر ودم, حبر خط سطور حكاية الدولة, ودم سال دفاعا عن ثراها, ف$ ربما أكثر صحيفة أردنية قدمت الشهداء, ولا أظن أن دم الشهيد سهم قابل لمنطق السوق, حمى الله $ وزاد من ألقها وحضورها وبارك في جهد اسرتها, التي تحمل إرثا وتراثا, على وعد أن نستيقظ لهيبتها ومهابتها وضرورتها.
omarkallab@yahoo.com
سردت حتى اصل إلى اولى الخطى على طريق المهنة, كان هناك مبنى ومعنى, نستهدف الوصول اليه, فإجازة الاعتراف بالمهنة تبدأ من الرأي والدستور, والترتيب مقصود, ف$ قلعة الدولة, وكانت تحتفظ بألق خاص جماهيريا, وتحظى بمكانة في عقل الدولة كله, كانت الصفحات تفوح منها رائحة الثقافة والخبر الموثوق, وكانت كلمات الراحل محمود الكايد رحمه الله, الذي تتزامن ذكرى وفاته مع ذكرى ولادة $, تحمل من الغطرسة ما تحمل, لكنها غطرسة المنتصر والواثق» مَن لم ينشر نعيه في $ لم يمت», كانت $ فضاء للدولة فعلا, على صفحاتها تقرأ اليمين واليسار والوسط, وكانت زاوية سبعة ايام مهوى الافئدة وعنوان السيادة في المقالة, اما الصفحة الاخيرة ومقالاتها فتلك قصة تعني الكثير, فالحضور عليها يعني انك اخترقت حواجز المستحيل في المهنة.
كان الطموح ونحن لم نتجاوز دوار المدينة الرياضية, بحكم مواقع صحفنا, ان نكون من اتباع الدستور او من اهل $, صحيح ان تجربة الصحافة الاسبوعية جرى الانقضاض عليها وشيطنتها وتحت ابناء هذه التجربة, الا ان حلم النجاح في الاسبوعيات كان بهدف الوصول الى طاولة تحرير $ او الدستور, واظننا جيل اوائل التسعينيات كنا نتوق الى $, الرواتب العالية والامتيازات الفاخرة, وصحبة العمالقة, فيكفي ان يكون رئيس تحريرك محمود الكايد ومعلمك جمعة حماد رحمهما الله, كان هذا المبنى علامة فارقة, فيكفي ان تقول لسائق الحافلة عند $, حتى ينظر اليك باهتمام, واذا كنت تحمل الاوراق الناعمة الملمس والتي يبدو عليها بعض كهولة بحكم اللون, فيعرف انك صحفي, فينظر اليك بوقار ويصرف لك لقب استاذ دون تردد, «اتفضل يا أستاذ».
هذه اصل الحكاية وبدايتها مع $, التي اتشرف انني احد كتابها اليوم, واتشرف انني امضيت عقدا من العمر واكثر قليلا في الدستور, لكن صدقوني ما زال في الحلق رغم الفرح بعض ملوحة, فالصحيفة التي تخطت مرحلة الشباب, تبدو عليها الكهولة رغم انها ما زالت يافعة, بعد ازمات عانتها مع شقيقاتها الاخريات من الصحف الورقية, جزء منها لظروف اسهمت هي فيها, لكن الجزء الاكبر كان خارجاً عن ارادتها, ولا اود ان اقول رغما عنها, فحاملة الطائرات الكبرى لفكر الدولة وعقلها, تسير في بحر لا يحمل كثير إيمان بدورها إلا وقت الازمات والفزعة ولفترة محدودة, وجيل آباء مسؤولي اليوم يبدو انهم لم يوصلوا الفكرة بأصلها وعمقها, ف$ ليست شركة مساهمة عامة, بل حاملة طائرات خاضت حروبا اكثر من «سارتوغا» أشهر حاملة طائرات أميركية وأقواها.
الرأي, ليست شركة يقاس الاداء فيها بمنطق الربح والخسارة, بل هي رائحة حبر ودم, حبر خط سطور حكاية الدولة, ودم سال دفاعا عن ثراها, ف$ ربما أكثر صحيفة أردنية قدمت الشهداء, ولا أظن أن دم الشهيد سهم قابل لمنطق السوق, حمى الله $ وزاد من ألقها وحضورها وبارك في جهد اسرتها, التي تحمل إرثا وتراثا, على وعد أن نستيقظ لهيبتها ومهابتها وضرورتها.
omarkallab@yahoo.com
مدار الساعة ـ نشر في 2022/06/02 الساعة 08:20