واشنطن إذ 'تتراجَع' عن فتح 'قُنصليتها'.. في القدس الشرقية

محمد خروب
مدار الساعة ـ نشر في 2022/06/01 الساعة 00:44
ما كان مُتوقعاً حدث, ولم يعد ثمَّة فرصة أو تبرير لرهط الذين روّجوا/واحتفوا بقدوم إدارة بايدن, وقالوا لنا أنها «تختلف عن إدارة ترمب وأنّ الوعود التي بذلها ساكن البيت الأبيض الجديد في حملته الرئاسية, لن تلبث أن تعيد بعض التوازن إلى قرارات ترمب وفريقه الصهيوني/اليهودي، ما برّر للسلطة الوطنية الفلسطينية في رام الله المُسارعة إلى إعادة علاقاتها مع البيت الأبيض, بعد أن كانت «قطعتها», في خطوة لافتة/غير مسبوقة من «سلطة» واصلتْ اعتمادها على المساعدات الأميركية, ما أوقعها لاحقاً في أزمة مالية خطيرة بعد أن أغلق ترمب «حنفية» المساعدات هذه.
لم يصدر بعد أي رد فعل من رام الله على الأخبار التي نقلها الموقع الصهيوني «تايمز أوف إسرائيل»/الأحد الماضي, بأنّ إدارة بايدن قرّرت «عدم» فتح قنصلية للفلسطينيين في الشطر الشرقي من القدس المحتلة/عام 1967. ما يعني من بين أمور أُخرى أنّ قرار «التجميد» التي كانت اتخذته هذه الإدارة, مبررة ذلك «خِشيتها من انهيار الائتلاف الحكومي الذي يرأسه نفتالي بينيت, وأنّها في انتظار إقرار ميزانية إسرائيل للعام الجديد كي تبدأ عملية إعادة فتح القنصلية, التي كان أقفلها ترمب/عام 2019 رابطاً عملها بالسفارة الأميركية التي كان نقلها إلى القدس المحتلة, بعد اعترافه بها «عاصمة مُوحدة وأبدية لإسرائيل.. لن تَتجزّأ»... قد انتهى (نقصد تجميد قرار بايدن), وبات الحديث عن إمكانية إعادة افتتاحها خارج السياق, تماماً كما احتمالات عمل هذه الإدارة على تطبيق «حل الدولتين» ضرباً من الجنون أو أحلام ليالي الصيف, التي تعيشها رام الله, التي كان رئيس حكومتها/محمد اشتيّة قال ذات يوم (10/11/2021): أن واشنطن ليست في حاجة إلى إذن من إسرائيل لإعادة فتح قنصليتها في القدس الشرقية. متجاهلاً تصريحاً مُعلَناً وصريحاً لا مواربة فيه ولا تحايل, لمسؤول أميركي رفيع هو نائب وزير الخارجية الأميركية/براين ماكيوني, خلال جلسة استماع أمام مجلس الشيوخ الأميركي قائلاّ: إن تنفيذ القرار بإعادة افتتاح القنصلية الأميركية في القدس, يتوقف على حصول واشنطن على «إذن» من الحكومة الإسرائيلية, مُضيفاً أنّ موافقة «الدولة المُضيفة» شرط لفتح مّقرِّ دبلوماسي. (28/10/2021).
ليس ثمة فرصة أمام رام الله لإعادة إنتاج تصريحاتها السابقة, بعدما تنكّرت إدارة بايدن لكل وعودها في هذا الشأن، خاصة إذا ما أضفنا إليها مسألة إعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية (المُصنفة منظمة إرهابية أميركياً), فيما شرعنتْ للتَو وبشكل رسمي «حركة كاخ» الصهيونية الإرهابية صاحبة التاريخ الحافل بالجرائم. مكتفية/رام الله بإصدار بيانات استهجنت فيها قرار الخارجية الأميركية, شطب حركة كاخ الإرهابية الصهيونية من قوائم منظمات الإرهاب الأجنبية، داعية واشنطن اتخاذ «القرار التاريخي» الصحيح بشطب منظمة التحرير الفلسطينية من قوائمها للمنظمات الإرهابية. فهل هكذا تورَد إبل السياسة الفلسطينية التي تتعامل معها واشنطن وفق «لعبة» مكشوفة, تروم دعم سياسات إسرائيل بتكريس الأمر الواقع الاستيطاني/الإحلالي القائم على التنصّل من الاتفاقات السابقة, التي تمّت برعاية وخصوصاً بضغوط أميركية, ووعود مخملية لم تُنفّذ ولا يلوح في الأفق أنها ستنفذ؟.
أيّ «ثمنٍ» تدفعه واشنطن لـ«إرضاء» السلطة؟.
وِفق الموقع الصهيوني «تايمز أوف إسرائيل».. فإنّ الإدارة الأميركية ستتّخذ «عدة خطوات» للتعويض عن عدم فتح القنصلية (دون أن تسمّيها أو تفصّلها سوى ان الولايات المتحدة تعتزم رفع مستوى/ ومسمى نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الفلسطينية والإسرائيلية، هادي عمرو لمنصب «مُوفد» خاص للفلسطينيين. وعليه يبقى عمرو في واشنطن لكنه يمارس مهامه من هناك، مع زيارات مكثفة للمنطقة للعمل مُقابل «وحدة الشؤون الفلسطينية» في السفارة الأميركية في إسرائيل، بحسب الموقع العبري), خلال زيارة بايدن للمنطقة أواخر الشهر الجاري. والتي يتوقع ان تكون تظاهرة احتفالية/ذات أبعاد سياسية عميقة الأثر, تُعقَد خلالها قمة عربية/أميركية, تليها زيارة بايدن لإسرائيل دون تأكيد زيارته لمشفى فلسطيني في القدس الشرقية, قيل أنّ مُمثلاً إسرائيلياً «رسمياً» لن يشاركه فيها, بعد اعتراض حكومة بينيت على خطوة كهذه. ستُفسّر على أن بايدن «لا» يعترِف بالقدس «المُوحدة» عاصمة لإسرائيل.
فهل ثمة شكوك بأنّ إدارة بايدن أغلقت وعلى نحو نهائي السبل كافة, أمام محاولات الفلسطينيين دفعها لـ«تصحيح» قواعد اللعبة الوحيدة, التي فرضها التحالف الأميركي - الإسرائيلي الهادف تكريس الاحتلال وتخليد صيغة أوسلو, فقط وفق القراءة الإسرائيلية وليس وفق نُصوصه التي باتت من الماضي؟.
kharroub@jpf.com.jo
مدار الساعة ـ نشر في 2022/06/01 الساعة 00:44