أحمد نادي عبيدات.. رجل من عهد مضى
مدار الساعة ـ نشر في 2022/05/26 الساعة 13:37
مدار الساعة -مع احتفالات الأردن بالذكرى السادسة والسبعين لاستقلال البلاد وعلى وقع دخولها المئوية الثانية يستذكر عسكريون ومدنيون أردنيون جانبا من مناقب أحد رجالات الرعيل الأول وكيل أمانة عمان الأسبق العميد المتقاعد أحمد نادي عبيدات الذي انتقل إلى رحمته تعالى قبل نحو ٢٤ عاما بعد حياة حافلة بالعطاء لوطنه وشعبه ومليكه.
حياته العسكرية
بعد تخرجه في مدرسة الحصن بمحافظة إربد في أربعينيات القرن الماضي بدأ الراحل مسيرته العملية من مصنع الرجال وموئل الأبطال القوات المسلحة الأردنية التي دخلها عام ١٩٤٥ بقرار مباشر من الجنرال جون باغوت غلوب قائد الجيش الأردني آنذاك. وبعد مقابلة أعجب خلالها قائد الجيش بخط يد التلميذ حديث التخرج تم اختيار العبيدات للعمل المكتبي والإداري، وبعد سنوات قليلة دخل الراحل دورة مرشحين تخرج في أعقابها ملازما ليكمل مسيرته العسكرية في القيادة العامة للقوات المسلحة متنقلا بين مديريات شؤون الضباط ولجنة العطاءات والتوجيه المعنوي ومن هناك وقع الاختيار عليه إبان كان مقدما عام ١٩٧٠ للقيام بمهمة محفوفة بالمخاطر هي توصيل شريط يحمل مقابلة لإذاعة بي بي سي البريطانية مع جلالة الراحل الكبير المغفور له الحسين بن طلال للسفير الأردني في بيروت الذي سيقوم بدوره بتأمين إيصاله للمحطة ليبث منها إلى مختلف أنحاء العالم العربي.
كان توقيت المقابلة مع الراحل العظيم مهما جدا في الوقت الذي كان يتعرض فيه الأردن لحملات تضليل إعلامي من إذاعات تدعمها دول شقيقة تبث صباحا ومساء مواد تحرض على الأردن وقيادته وتتهمه زورا بالتآمر مع الغرب.
ولما كانت الأجواء الأردنية مغلقة ويكاد لا يخلو شارع حيوي من عناصر مسلحة تناصب الجيش العداء كان على المقدم أحمد نادي عبيدات آنئذ أن يستقل سيارة رسمية للوصول إلى بيروت عبر سوريا لأداء المهمة.
لبس بزته العسكرية وحمل سلاحه الشخصي متوجها برفقة سائقه إلى الحدود السورية وهناك رفض حرس الحدود السماح له بدخول سوريا حاملا سلاحه الشخصي فما كان منه إلا أن تمسك بذلك رافضا تسليم السلاح بقوله إنه لم يأت لاحتلال سوريا بسلاح شخصي.
تفاعلت المسألة إلى أن وصلت بطريقة أو بأخرى إلى وزير الدفاع السوري مصطفى طلاس الذي أمر حرس الحدود بالسماح للمقدم العبيدات بدخول البلاد ليصل بعد ساعات طويلة إلى بيروت التي قابل فيها السفير الأردني مصرا على توصيل شريط المقابلة بنفسه لأصحاب العلاقة.
توجه العبيدات بدلالة السفارة الأردنية إلى مطار بيروت وأوقف سيارته بجانب طائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية البريطانية، ترجل من السيارة حاملا الأمانة التي سلمها إلى الطيار الذي قال له أوصل سلاما لجلالة الملك من طيار مثله ليغادر بعدها مباشرة بيروت ويعود عبر سوريا أدراجه إلى أرض الوطن مكلا بالنجاح.
أحداث ١٩٧٠
يذكر من عاصر العبيدات وعرفه عن قرب أنه كان يأمل بشدة بتجنب الصدام بين الجيش والفصائل الفلسطينية المسلحة عام ١٩٧٠ وحاول من خلال علاقاته برئيس الوزراء الراحل وصفي التل وقيادات الإخوان المسلمين تقريب وجهات النظر بين الدولة وقادة الفصائل إلا أن الوساطات لم يكتب لها أن تتكلل بالنجاح ولكنه نال وصحبه شرف المحاولة.
وخلال ذلك العام تمكن العبيدات من خلال علاقاته بقيادات الإخوان المسلمين من الإفراج عن ابن عم له يحمل الاسم ذاته أحمد عبيدات اختطفته فصائل مسلحة حين كان ضابطا في دائرة المخابرات العامة خرج من المحنة سالما ليصبح فيما بعد وزيرا للداخلية ورئيسا للحكومة.
خلال عمله في لجنة العطاءات العسكرية التي كانت مكلفة بطرح المناقصات لشراء كل احتياجات الجيش من ملابس وقرطاسية وتجهيزات مكتبية وطعام وشراب وغيرها اتخذ العبيدات بحسب ما يروي مقربون منه الأمانة والاستقامة والعدالة نهجا في العمل فكان يطبق التعليمات بحذافيرها ويتمسك بالمواصفات المطلوبة ليحصل الجيش على أفضل التجهيزات بأقل الأسعار.
وبعد حياة عسكرية حافلة بالعطاء حصل خلالها على العديد من الأوسمة والشارات تقاعد أحمد نادي عبيدات من القوات المسلحة عام ١٩٧٦ برتبة عميد.
الحياة المدنية
بعد تعيينه أمينًا للعاصمة عمان كان على اللواء المتقاعد الوزير الأسبق معن أبو نوار اختيار وكيل للأمانة يحمل على عاتقه المهام الإدارية والتنفيذية لهذا المرفق الحيوي فلم يقع اختياره إلا على مساعده السابق في مديرية التوجيه المعنوي العميد المتقاعد أحمد نادي عبيدات ولما فاتحه بالأمر عام ١٩٧٧ رفض العبيدات تولي المنصب معتبرا أنه أدى دوره في العمل العام وآن له أن يرتاح، وبعد أسابيع من ضغوط ووساطات مكثفة لم تفلح في زحزحة العبيدات عن موقفه طلب أبو نوار وساطة رئيس الوزراء شخصيا آنذاك مضر بدران للضغط على العبيدات لقبول المنصب فما كان منه إلا أن قبل ليبدأ مهمة صعبة هدفها تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين ورفع كفاءة الأمانة وتسريع إنجازاتها.
هنا يقول من عمل مع العبيدات عن قرب إنه نجح في وضع نظام يتم بموجبه إنهاء معاملة كل مواطن في ذات اليوم الذي يقدمها فيه إلى الأمانة مختصرا زمن إنجاز المعاملات من شهور لساعات، كما يقول موظفون عملوا معه في الأمانة إنه كان حريصا على المال العام لدرجة كان ينحني خلالها على الأرض لالتقاط دبوس يقول إن الدولة تدفع ثمنه فلا يجوز التفريط به بلا مقابل.
وبعد نحو أربع سنوات من العمل وكيلا لأمانة عمان حصل خلالها على وسامي الكوكب والاستقلال من الدرجة الأولى تقاعد العبيدات من العمل العام عام ١٩٨١ قبل أن ينتقل إلى رحمته تعالى عام ١٩٩٨ مشيعا بجنازة عسكرية رسمية إلى مثواه الأخير في مسقط رأسه قرية الرفيد بمحافظة إربد.
حياته العسكرية
بعد تخرجه في مدرسة الحصن بمحافظة إربد في أربعينيات القرن الماضي بدأ الراحل مسيرته العملية من مصنع الرجال وموئل الأبطال القوات المسلحة الأردنية التي دخلها عام ١٩٤٥ بقرار مباشر من الجنرال جون باغوت غلوب قائد الجيش الأردني آنذاك. وبعد مقابلة أعجب خلالها قائد الجيش بخط يد التلميذ حديث التخرج تم اختيار العبيدات للعمل المكتبي والإداري، وبعد سنوات قليلة دخل الراحل دورة مرشحين تخرج في أعقابها ملازما ليكمل مسيرته العسكرية في القيادة العامة للقوات المسلحة متنقلا بين مديريات شؤون الضباط ولجنة العطاءات والتوجيه المعنوي ومن هناك وقع الاختيار عليه إبان كان مقدما عام ١٩٧٠ للقيام بمهمة محفوفة بالمخاطر هي توصيل شريط يحمل مقابلة لإذاعة بي بي سي البريطانية مع جلالة الراحل الكبير المغفور له الحسين بن طلال للسفير الأردني في بيروت الذي سيقوم بدوره بتأمين إيصاله للمحطة ليبث منها إلى مختلف أنحاء العالم العربي.
كان توقيت المقابلة مع الراحل العظيم مهما جدا في الوقت الذي كان يتعرض فيه الأردن لحملات تضليل إعلامي من إذاعات تدعمها دول شقيقة تبث صباحا ومساء مواد تحرض على الأردن وقيادته وتتهمه زورا بالتآمر مع الغرب.
ولما كانت الأجواء الأردنية مغلقة ويكاد لا يخلو شارع حيوي من عناصر مسلحة تناصب الجيش العداء كان على المقدم أحمد نادي عبيدات آنئذ أن يستقل سيارة رسمية للوصول إلى بيروت عبر سوريا لأداء المهمة.
لبس بزته العسكرية وحمل سلاحه الشخصي متوجها برفقة سائقه إلى الحدود السورية وهناك رفض حرس الحدود السماح له بدخول سوريا حاملا سلاحه الشخصي فما كان منه إلا أن تمسك بذلك رافضا تسليم السلاح بقوله إنه لم يأت لاحتلال سوريا بسلاح شخصي.
تفاعلت المسألة إلى أن وصلت بطريقة أو بأخرى إلى وزير الدفاع السوري مصطفى طلاس الذي أمر حرس الحدود بالسماح للمقدم العبيدات بدخول البلاد ليصل بعد ساعات طويلة إلى بيروت التي قابل فيها السفير الأردني مصرا على توصيل شريط المقابلة بنفسه لأصحاب العلاقة.
توجه العبيدات بدلالة السفارة الأردنية إلى مطار بيروت وأوقف سيارته بجانب طائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية البريطانية، ترجل من السيارة حاملا الأمانة التي سلمها إلى الطيار الذي قال له أوصل سلاما لجلالة الملك من طيار مثله ليغادر بعدها مباشرة بيروت ويعود عبر سوريا أدراجه إلى أرض الوطن مكلا بالنجاح.
أحداث ١٩٧٠
يذكر من عاصر العبيدات وعرفه عن قرب أنه كان يأمل بشدة بتجنب الصدام بين الجيش والفصائل الفلسطينية المسلحة عام ١٩٧٠ وحاول من خلال علاقاته برئيس الوزراء الراحل وصفي التل وقيادات الإخوان المسلمين تقريب وجهات النظر بين الدولة وقادة الفصائل إلا أن الوساطات لم يكتب لها أن تتكلل بالنجاح ولكنه نال وصحبه شرف المحاولة.
وخلال ذلك العام تمكن العبيدات من خلال علاقاته بقيادات الإخوان المسلمين من الإفراج عن ابن عم له يحمل الاسم ذاته أحمد عبيدات اختطفته فصائل مسلحة حين كان ضابطا في دائرة المخابرات العامة خرج من المحنة سالما ليصبح فيما بعد وزيرا للداخلية ورئيسا للحكومة.
خلال عمله في لجنة العطاءات العسكرية التي كانت مكلفة بطرح المناقصات لشراء كل احتياجات الجيش من ملابس وقرطاسية وتجهيزات مكتبية وطعام وشراب وغيرها اتخذ العبيدات بحسب ما يروي مقربون منه الأمانة والاستقامة والعدالة نهجا في العمل فكان يطبق التعليمات بحذافيرها ويتمسك بالمواصفات المطلوبة ليحصل الجيش على أفضل التجهيزات بأقل الأسعار.
وبعد حياة عسكرية حافلة بالعطاء حصل خلالها على العديد من الأوسمة والشارات تقاعد أحمد نادي عبيدات من القوات المسلحة عام ١٩٧٦ برتبة عميد.
الحياة المدنية
بعد تعيينه أمينًا للعاصمة عمان كان على اللواء المتقاعد الوزير الأسبق معن أبو نوار اختيار وكيل للأمانة يحمل على عاتقه المهام الإدارية والتنفيذية لهذا المرفق الحيوي فلم يقع اختياره إلا على مساعده السابق في مديرية التوجيه المعنوي العميد المتقاعد أحمد نادي عبيدات ولما فاتحه بالأمر عام ١٩٧٧ رفض العبيدات تولي المنصب معتبرا أنه أدى دوره في العمل العام وآن له أن يرتاح، وبعد أسابيع من ضغوط ووساطات مكثفة لم تفلح في زحزحة العبيدات عن موقفه طلب أبو نوار وساطة رئيس الوزراء شخصيا آنذاك مضر بدران للضغط على العبيدات لقبول المنصب فما كان منه إلا أن قبل ليبدأ مهمة صعبة هدفها تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين ورفع كفاءة الأمانة وتسريع إنجازاتها.
هنا يقول من عمل مع العبيدات عن قرب إنه نجح في وضع نظام يتم بموجبه إنهاء معاملة كل مواطن في ذات اليوم الذي يقدمها فيه إلى الأمانة مختصرا زمن إنجاز المعاملات من شهور لساعات، كما يقول موظفون عملوا معه في الأمانة إنه كان حريصا على المال العام لدرجة كان ينحني خلالها على الأرض لالتقاط دبوس يقول إن الدولة تدفع ثمنه فلا يجوز التفريط به بلا مقابل.
وبعد نحو أربع سنوات من العمل وكيلا لأمانة عمان حصل خلالها على وسامي الكوكب والاستقلال من الدرجة الأولى تقاعد العبيدات من العمل العام عام ١٩٨١ قبل أن ينتقل إلى رحمته تعالى عام ١٩٩٨ مشيعا بجنازة عسكرية رسمية إلى مثواه الأخير في مسقط رأسه قرية الرفيد بمحافظة إربد.
مدار الساعة ـ نشر في 2022/05/26 الساعة 13:37