أ.د. بلال ابوالهدى خماش
لقد بدأ العداء بين بني آدم منذ بداية الخلق، بين ابني آدم قابيل وهابيل على المصالح الشخصية، وقد لعب إبليس دوراً كبيراً في لاقناع قابيل في قتل أخيه هابيل (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ، لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ، إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ، فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (المائدة: 27 - 30)).
ومنذ أن سنَّ قابيل أول جريمة قتل بين بني آدم على الأرض، استمر القتل بين الشعوب المختلفة على المصالح الشخصية سواء اكانت دينية أو عقائدية أو مصالح سياسية، اقتصادية، مالية، أو غيرها إقليميا وعالميا.
وبالفعل نشبت الحرب العالمية الأولى (بدأت أوروبية 1914 وإنتهت عالمية 1918) والثانية (بدأت 1939 وإنتهت 1945) وكانت بين دول التحالف والمحور وتم تطبيق سياسة " عَدُوُ عَدُوِي صَدِيْقِي وَصَدِيْق عَدُوِي عَدُوِي". وها نحن منذ أن بدأت الحرب الروسية الأوكرانية في 24/2/2022 وحتى تاريخ هذه المقالة ونحن نعيش ممارسة وتطبيق تلك السياسة فيما بين الدول الأوروبية والعالمية. ويتجلى تطبيق تلك السياسة في ما تم اتخاذه من تصويت في جلسات كل من الجمعية العمومية ومجلس الأمن ومجلس الاتحاد الأوروبي من قبل مختلف الدول في العالم على قرارات ضد روسيا في حربها مع أوكرانيا. فقد شاهدنا كيف انحازت دول الإتحاد الأوروبي إلى أوكرانيا في حربها مع روسيا وكذلك دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) وعلى رأسهم أمريكا بالقول والفعل حيث قدَّموا وما زالوا يقدمون كل الدعم السياسي والعسكري واللوجستي والإجتماعي والإنساني . . . الخ لأوكرانيا حكومةً وشعباً.
وقد شاهدنا كذلك تطبيق تلك السياسة أيضاً على مستوى فردي من قبل بعض الدول، فقد إمتنعت كل من الهند والباكستان عن إدانة الحرب الروسية على أوكرانيا في الأمم المتحدة ودعت إلى الحوار الدبلوماسي وهما دولتين نوويتين. كما رفضت وترفض الصين إطلاق مصطلح "غزو عسكري" على العمليات العسكرية الروسية داخل أوكرانيا وفي نفس الوقت ترفض حل الصراعات الدولية بالقوة وهذه سياسة الصين على مر السنين تمسك عصى السياسة من المنتصف (الصين من أقوى الدول النووية). وأعلن ويعلن رئيس كوريا الشمالية (دولة نووية متطورة جداً) كيم جونغ اون دعمه رسمياً لروسيا في حربها ضد أوكرانيا، ويقول: أن أيام هيمنة أمريكا على العالم قد ولَّتْ. وقس على ذلك مواقف بقية الدول في العالم المرتبطة بعلاقات وثيقة بين طرفي النزاع في هذه الحرب المعلنة أو السرية. نسأل الله ان لا تتطور هذه الحرب الروسية الأوكرانية الى حرب عالمية ثالثة علناً، علماً بأن حقيقة الأمر أنها حرب عالمية ثالثة في بداياتها لأن روسيا لا تحارب أوكرانيا فقط بل جميع الدول الأوروبية وأعضاء الناتو وغيرها الذين يدعمون القوات الأوكرانية بكل الأسلحة المتطوره علاوة على الدعم السياسي والمعنوي والمادي والاجتماعي.. الخ. السؤال الذي يطرح نفسه ويسأله معظم المتابعين للأحداث العالمية، هو: هل ستعترف امريكا وحلف الناتو ودول الإتحاد الأوروبي أن هناك حلف آخر يشمل الصين وروسيا وكوريا الجنوبية والهند وباكستان والدول المقهورة في العالم يصر على تغيير قوانين وأنظمة الأمم المتحدة لإدارة شؤون العالم من قبل مجلس متعدد الأقطاب وليس قطب واحد وهو أمريكا، أم لا؟، وعلى الأغلب لا. ولهذا لا بد من اندلاع حرب عالمية ثالثة نووية، هيدروجينية، هيدرومعناطيسية عاجلاً أم آجلاً لوضع حد لإدارة العالم من قبل قطب واحد.