'دولة إسرائيل ضد اليهود'... كتابً خطير 'يُشرِّح' الكيان العنصري (3)
مدار الساعة ـ نشر في 2022/05/25 الساعة 02:46
في الفصل الثامن من كتابه يمضي سيلفان سيبِل.. الصحفي الفرنسي/اليهودي الذي يحمل الجنسية الإسرائيلية أيضاً, في الكشف عن طبيعة وحجم «التطوّر» الذي طرأ على المشهد الإسرئيلي, وبخاصة المنحى الذي إتخذته علاقات الحكام واليمين الإسرائيلي, مع «أبطال» سياسات أقصى اليمين في العالم, الذين ينقادون بدرجات متفاوتة إلى مخارج مُعادية للسامِيّة, كذلك مع أنظمة أو قادة بلدان ينتهجون سياسات التعصّب القومي, ــ وظهرت لديهم ـ هم أيضاً نزعات مُعادية للسامية لا يمكن إنكارها.
وإذ يأتي عنوان الفصل الثامن صارخاً على النحو التالي «عندما كان هتلر لا يريد إفناء اليهود» وفي عنوان فرعي «نتنياهو..تاريخ «الكذب» وأصدقاؤه المعادون للسامية»، فإنّما لرغبته التأشير على تعيين الرئيس الأميركي السابق ترمب مباشرة بعد فوزه في انتخابات العام 2016، رئيس حملته الانتخابية ستيف بانون في منصب مستشار استراتيجي للبيت الأبيض, مذكراً القرّاء بأنّه/بانون شغل قبل ذلك منصب الرئيس التنفيذي لِـ"بريت بارت نيوز» أهم منصّة إعلامية لأقصى اليمين الأميركي.. وكان أيضاً الضيف رقم «1» للحفل الذي أقامته المنظمة الصهيونية لأميركا، ما أدّى -تعيين بانون- إلى إثارة ضجة كبرى في أوساط الجمعيات اليهودية/الأميركية، لأنّ هذا الشخص معروف بكونه عنصرياً أيضاً ومُتّهم بإطلاق تصريحات معادية للسامية.
يأخذنا المؤلف إلى مسألة أكثر إثارة في معرض حديثه عن هتلر واليهود ومعاداة السامية، عارضاً تفاصيل «الافتراء» الذي أطلقه نتنياهو أمام مندوبي المؤتمر الصهيوني العالمي في القدس/2015، عندما ادّعى/نتنياهو بأنّ هتلر لم يكن يريد القضاء على اليهود في تلك الفترة بل كان يريد طردهم، موضحاً/نتنياهو أنّ فكرة إبادة اليهود جاء بها مفتي القدس/الحاج أمين الحسيني.. وأمام ذهول الحضور من هذا الاتّهام غير المُتوقع، فبركّ نتنياهو حواراً دار بين زعيم النازية/والمفتي، يشرح هتلر فيه بأنّه ينوي طرد اليهود، فيردّ عليه المفتي: لكنك إذا طردتهم فسوف يأتون إلى فلسطين.. يسأل الفوهرر: إذاً ما العمل؟.. فيجيبه المفتي: احرقهم.
تستند هذه الفِرية/المفبركة إلى لقاء فِعلي جرى بين الشخصين لم يستمر أكثر من عشر دقائق في 28/11/1941 أي بعد خمسة أشهر من بداية الاجتياح النازي للاتحاد السوفياتي، بينما كانت بدأت المجازر المُرتكبة ضد السكان اليهود على يد النازيين الألمان.
تصدّى لهذه الرواية/المفبركة رهط من الإسرائيليين، منهم دنيا بورات رئيسة المؤرخين في متحف المحرقة, فنّدوا فيه أقوال نتنياهو، وأكّدوا أنّ لا أساس لها من الصحة، لكن نتنياهو-وهذا لافت أيضاً- أصرّ عليها لأنّ هدفه منها واضح, يريد من وراء هذه المبالغة الاستثنائية لتواطؤ الحسيني توريط «الشعب الفلسطيني» كله في المسؤولية عن المحرقة, بقصد «نزع شرعية أيّ تعاطُف معه وإضعاف المطالبة بحقوق الفلسطينيين وحريتهم واستقلالهم..
من هنا فإنّ أسلوب رمي الشعب الفلسطيني بتهمة الشعب المعادي للسامية، ليس جديداً خاصة في ضوء ما هو مثبت تاريخياً عند بدء اليهود استيطانهم في فلسطين (عندما كانت ما تزال تحت الحكم العثماني). إذ كان بعض المستوطنين يحاول اختزال عداء السكان الأصليين/الفلسطينيين لهم, بأنّه «لا سامية مُتخلفة", لأنّ تهمة كهذه كانت تتيح لهم المجال في عدم طرح التساؤل على أنفسهم حول حجم المشروع الكولونيالي/الصهيوني الخاص بهم، وهنا يؤشر المؤلف كيف بدأ الصهاينة وأنصارهم إطلاق وصف نازي/أو هتلر, على كل قائد عربي يحارب ذلك المشروع مثل الحاج أمين الحسيني وجمال عبد الناصر وياسر عرفات.
يكشف المؤلف في السياق هدف نتنياهو وراء التلاعب بقصة المفتي، قائلاً: إنّ المحرقة جريمة ارتكَبها قادة شعب أوروبيّ ضد يهود كانوا مقيمين في أوروبا..الهدف «يضيف» من الأكاذيب التاريخية لنتنياهو, هو «نقل» المسؤولية المفهومية وإدارة الإبادة لدى النازيين إلى المفتي أي إلى الفلسطينيين والشرق, والفضاء الإسلامي «الرحم» الحقيقي لـ"اللاسامية» وهذه خديعة لا تنطلي على أحد، مُعيداً التذكير بقضية الضابط الذي اضطهد في فرنسا لكونه يهودياً والمعروفة بـ"قضية درايفوس» وكون هذه القضية لم تجري في باكستان كذلك بروتوكولات حكماء صهيون لم تُكتَب في مكّة, لكن نتنياهو يعتقد أنّ نقل المسؤولية من المسيحية إلى الإسلام يتيح له, إرساء تحالف أيديولوجي متين مع الأنظمة والتيارات القومية المتطرفة في أوروبا والولايات المتّحدة من خلال «إعفائهم من معاداتهم التاريخية للسامية» وذلك لصالح الهدف المشترك الحالي: الدفاع عن الغرب في مواجهة «كتائب الغزاة"/المسلمين. يختم سليفان سيبل مُستنتجاً أنّ الرهاب من الإسلام/الإسلاموفوبيا, هي نقطة الالتقاء بين إسرائيل والأنظمة والتيارات القومية المتطرفة.، لافتاً أنّ هذا «الرهاب» يتواجد في الولايات المتحدة/في الأماكن التي يكون فييها اليمين الصهيوني نشيطاً, أي داخل شريحة قليلة العدد داخل اليهودية, لكنها» نشيطة جداً» في شبكات أقصى اليمين الأميركي.
للحديث صلة.
kharroub@jpf.com.jo
وإذ يأتي عنوان الفصل الثامن صارخاً على النحو التالي «عندما كان هتلر لا يريد إفناء اليهود» وفي عنوان فرعي «نتنياهو..تاريخ «الكذب» وأصدقاؤه المعادون للسامية»، فإنّما لرغبته التأشير على تعيين الرئيس الأميركي السابق ترمب مباشرة بعد فوزه في انتخابات العام 2016، رئيس حملته الانتخابية ستيف بانون في منصب مستشار استراتيجي للبيت الأبيض, مذكراً القرّاء بأنّه/بانون شغل قبل ذلك منصب الرئيس التنفيذي لِـ"بريت بارت نيوز» أهم منصّة إعلامية لأقصى اليمين الأميركي.. وكان أيضاً الضيف رقم «1» للحفل الذي أقامته المنظمة الصهيونية لأميركا، ما أدّى -تعيين بانون- إلى إثارة ضجة كبرى في أوساط الجمعيات اليهودية/الأميركية، لأنّ هذا الشخص معروف بكونه عنصرياً أيضاً ومُتّهم بإطلاق تصريحات معادية للسامية.
يأخذنا المؤلف إلى مسألة أكثر إثارة في معرض حديثه عن هتلر واليهود ومعاداة السامية، عارضاً تفاصيل «الافتراء» الذي أطلقه نتنياهو أمام مندوبي المؤتمر الصهيوني العالمي في القدس/2015، عندما ادّعى/نتنياهو بأنّ هتلر لم يكن يريد القضاء على اليهود في تلك الفترة بل كان يريد طردهم، موضحاً/نتنياهو أنّ فكرة إبادة اليهود جاء بها مفتي القدس/الحاج أمين الحسيني.. وأمام ذهول الحضور من هذا الاتّهام غير المُتوقع، فبركّ نتنياهو حواراً دار بين زعيم النازية/والمفتي، يشرح هتلر فيه بأنّه ينوي طرد اليهود، فيردّ عليه المفتي: لكنك إذا طردتهم فسوف يأتون إلى فلسطين.. يسأل الفوهرر: إذاً ما العمل؟.. فيجيبه المفتي: احرقهم.
تستند هذه الفِرية/المفبركة إلى لقاء فِعلي جرى بين الشخصين لم يستمر أكثر من عشر دقائق في 28/11/1941 أي بعد خمسة أشهر من بداية الاجتياح النازي للاتحاد السوفياتي، بينما كانت بدأت المجازر المُرتكبة ضد السكان اليهود على يد النازيين الألمان.
تصدّى لهذه الرواية/المفبركة رهط من الإسرائيليين، منهم دنيا بورات رئيسة المؤرخين في متحف المحرقة, فنّدوا فيه أقوال نتنياهو، وأكّدوا أنّ لا أساس لها من الصحة، لكن نتنياهو-وهذا لافت أيضاً- أصرّ عليها لأنّ هدفه منها واضح, يريد من وراء هذه المبالغة الاستثنائية لتواطؤ الحسيني توريط «الشعب الفلسطيني» كله في المسؤولية عن المحرقة, بقصد «نزع شرعية أيّ تعاطُف معه وإضعاف المطالبة بحقوق الفلسطينيين وحريتهم واستقلالهم..
من هنا فإنّ أسلوب رمي الشعب الفلسطيني بتهمة الشعب المعادي للسامية، ليس جديداً خاصة في ضوء ما هو مثبت تاريخياً عند بدء اليهود استيطانهم في فلسطين (عندما كانت ما تزال تحت الحكم العثماني). إذ كان بعض المستوطنين يحاول اختزال عداء السكان الأصليين/الفلسطينيين لهم, بأنّه «لا سامية مُتخلفة", لأنّ تهمة كهذه كانت تتيح لهم المجال في عدم طرح التساؤل على أنفسهم حول حجم المشروع الكولونيالي/الصهيوني الخاص بهم، وهنا يؤشر المؤلف كيف بدأ الصهاينة وأنصارهم إطلاق وصف نازي/أو هتلر, على كل قائد عربي يحارب ذلك المشروع مثل الحاج أمين الحسيني وجمال عبد الناصر وياسر عرفات.
يكشف المؤلف في السياق هدف نتنياهو وراء التلاعب بقصة المفتي، قائلاً: إنّ المحرقة جريمة ارتكَبها قادة شعب أوروبيّ ضد يهود كانوا مقيمين في أوروبا..الهدف «يضيف» من الأكاذيب التاريخية لنتنياهو, هو «نقل» المسؤولية المفهومية وإدارة الإبادة لدى النازيين إلى المفتي أي إلى الفلسطينيين والشرق, والفضاء الإسلامي «الرحم» الحقيقي لـ"اللاسامية» وهذه خديعة لا تنطلي على أحد، مُعيداً التذكير بقضية الضابط الذي اضطهد في فرنسا لكونه يهودياً والمعروفة بـ"قضية درايفوس» وكون هذه القضية لم تجري في باكستان كذلك بروتوكولات حكماء صهيون لم تُكتَب في مكّة, لكن نتنياهو يعتقد أنّ نقل المسؤولية من المسيحية إلى الإسلام يتيح له, إرساء تحالف أيديولوجي متين مع الأنظمة والتيارات القومية المتطرفة في أوروبا والولايات المتّحدة من خلال «إعفائهم من معاداتهم التاريخية للسامية» وذلك لصالح الهدف المشترك الحالي: الدفاع عن الغرب في مواجهة «كتائب الغزاة"/المسلمين. يختم سليفان سيبل مُستنتجاً أنّ الرهاب من الإسلام/الإسلاموفوبيا, هي نقطة الالتقاء بين إسرائيل والأنظمة والتيارات القومية المتطرفة.، لافتاً أنّ هذا «الرهاب» يتواجد في الولايات المتحدة/في الأماكن التي يكون فييها اليمين الصهيوني نشيطاً, أي داخل شريحة قليلة العدد داخل اليهودية, لكنها» نشيطة جداً» في شبكات أقصى اليمين الأميركي.
للحديث صلة.
kharroub@jpf.com.jo
مدار الساعة ـ نشر في 2022/05/25 الساعة 02:46