أَمُجرّد 'تحذير' روسِيّ لإسرائيل.. أم تغيير في 'قواعِد اللُعبة'؟
kharroub@jpf.com.jo
ثمَّة ضجة إعلامية في دولة العدو الصهيوني, أسّست لها بالطبع الدوائر العسكرية والأمنية بدعم سياسي ودبلوماسي من حكومة بينيت الفاشية, تدور حول إطلاق "قوات روسِية" صواريخ دفاع جوي صوب طائرات حربية إسرائيلية يوم الجمعة 13/5، وصفتها القناة (13 الإسرائيلية) بأنّها تحدُث لـ"أول مرة"، علماً أنّ العدوان الجوي الصهيوني على سوريا تمّ قبل أربعة أيام من الكشف عن هذا التطور الدراماتيكي إن حدث فعلاً، خاصّة أنّ المُتّهم صهيونياً هو القوات الروسية وليس القوات العربية السورية، ما يؤشر من بين أمور أخرى إلى نيَّة إسرائيل "ربما" التحرش بروسيا أو دفعها للتراجع عن قرار ربما اتّخذه الكرملين بعد أن عِيل صبره، ليس فقط إزاء العربدة الصهيونية في الفضاء السوري بل واقترابه أحياناً من قاعدة طرطوس وخصوصاً على تخوم ميناء اللاذقية, عبر ضرب ميناء الحاويات قبل أسابيع معدودات، وإنّما خصوصاً بعد الانخراط الإسرائيلي المباشر في الأزمة الأوكرانية دعماً لحكومة كييف وامتثالاً وتضامناً مع الولايات المتّحدة الأميركية، ناهيك عن رغبة إسرائيل في الإيحاء بأنّ دمشق التي تُصدر بيانات عسكرية حول تصدي دفاعاتها الجوية للصواريخ الصهيونية وإسقاط معظمها، لا تريد تل أبيب الاعتراف بأنّ الدفاعات السورية باتت فاعلة ومؤثرة في التصدي لعدوانها المُتكرر، خاصّة أنّ متحدث القوات الروسية في سوريا يُزكّي ويساند الرواية السورية, ويشرح بالتفصيل عدد الصواريخ الصهيونية التي نجحت الدفاعات الجوية السورية بإسقاطها.. إذ قال نائب رئيس المركز الروسي للمصالحة في سوريا، العميد البحري أوليغ جورافليف، إن "6 مقاتلات من طراز "أف 16"، تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، هاجمت في الـ13 من أيار، مواقع لمركز البحوث العلمية السوري في مصياف وميناء بانياس، من دون دخول الأجواء السورية".
وأكّد جورافليف أنّ "قوات الدفاع الجوي في الجمهورية العربية السورية تمكّنت من تدمير 16 صاروخاً، وطائرة من دون طيار" استخدمتها "إسرائيل" في الهجوم.
وإذ لفتت بيانات المتحدث العسكري الروسي أنظار تل أبيب, حيث اعتبرتها بداية تحوّل (ولو نسبي) في الموقف الروسي, حول ما روّجت له إسرائيل بأنّه ضوء أخضر روسي يخولها حرية العمل في الأجواء السورية، فإن الدوائر الصهيونية بدأت تخشى فقدانه أو ارتفاع كلفته العسكرية وخصوصاً السياسية, حال أَسقطَتْ الدفاعات الروسية المحيطة بطرطوس واللاذقية طائرة إسرائيلية أو أكثر.
ما يلفت في الرواية الصهيونية الأخيرة الخاصة بإطلاق "قوات روسية" صواريخ دفاع جوي على طائرات إسرائيلية الجمعة الماضي, هو قول القناة الإسرائيلية/13 أنّه "عندما قصفت الطائرات الإسرائيلية غربي سوريا، أطلق السوريون (كالعادة) كما ورد في تقريرها حرفياً كل صواريخهم. وعندما بدأت طائرات سلاح الجو الابتعاد عن منطقة الهجوم - أضافت - أطلقت البطارية "الروسية" عدة صواريخ في الجو.. مُختتماً (التقرير) بالقول: إنّ الصواريخ التي أطلقها الروس لم تُشكّل تهديداً لطائرات القوة الجوية الإسرائيلية، لكن -استطرد البيان- هذا حدث يُشكّل سابِقة، ومعروف منذ فترة أنّ تل أبيب أكّدت قبل هذا الحدث, أنّ موسكو زوّدت دمشق بـ"4" بطاريات S-300.
تفاصيل هذه وخصوصاً تأكيد تل أبيب أنّ "ما حدث يشكّل سابقة", تثير المزيد من التساؤلات حول ما إذا كان ذلك -إذا صدقنا الرواية الصهيونية- مثابة تحذير روسيّ "عابر" لإسرائيل, يهدف كبحها ودفعها إلى المزيد من الحذر وعدم المضيّ قدماً في عربدتها، أم أنّ موسكو قد بدأت فعلاً تغيير قواعد اللعبة مع إسرائيل, وإشعال ضوء أحمر عليها عدم تخطّيه تحت طائلة العقاب الذي قد يتمثّل بإسقاط طائرة أو أكثر لإسرائيل؟، أو ربما ما هو أكثر خطورة عبر مواصلة تحليق أسراب من الطائرات الروسية والسورية فوق الأجواء السورية, كما حدث قبل أشهر عندما انطلقت أسراب كهذه في "دوريات جوية".
من السابق لأوانه الجزم بطبيعة ومدى السياسة الروسية الجديدة، التي بدأت وفق الرواية الصهيونية يوم الجمعة الماضي, عندما أطلقت بطارية S-300 "روسية" صواريخها صوب الطائرات الصهيونية، خاصّة في ظل الأزمة الصامتة بل والمُتدحرجة التي تعصف بعلاقات البلدين, وتحديداً منذ التصريحات غير المسبوقة التي أطلقها رئيس الدبلوماسية الروسية لافروف, في شأن "الدماء اليهودية" التي تجري في عروق هتلر, وما أعقبها من ردود أفعال إسرائيلية وخصوصاً صهيونية ويهودية وغربية أميركية وأوروبية لم تتردد في اتّهام بعض القادة الروس بعداء السامية.. ناهيك عمّا اتّخذته حكومة تل أبيب من قرارات وخطوات عِدائية باتّجاه تزويد أوكرانيا بالأسلحة وانخراط مرتزقة "يهود" في القتال ضدّ القوات الروسية، وهو ما كشفته بعض وقائع حصار مجمع آزوفستال المُحاصر, ووجود ضباط إسرائيليين في صفوف الكتائب النازيين الأوكران في الدونباس.