'الأحد' اللبناني الكبير: كَبح 'الانهيار'.. أم الانزلاق لـِ'حربٍ أهلية'؟

محمد خروب
مدار الساعة ـ نشر في 2022/05/15 الساعة 00:16

وسط أجواء ومناخات مُحتقنة محمولة على استقطاب حاد غير مسبوق, تستخدِم فيه النُخب السياسية /والحزبية الفاسدة وبخاصة تلك المُلطخة أياديها بدماء اللبنانيين والفلسطينيين /والسوريين, كل ما تتوفّر عليه من "أسلحة".. إعلامية وطائفية/ومذهبية, مدعومة من مَرجعيات روحية لا تتورع عن نزع الهوية الوطنية والتشكيك بالانتماء "اللبناني" عن طائفة و/أو قطاع وازن ومؤثر, بل ربما الأكثر عدديا/ديموغرافيا, في بلد المحاصصة الطائفية/والمذهبية المعروفة. على نحو يثير الغضب ويزيد الشكوك, بأن ثمة خطة ربما تكون جاهزة، إذا لم تأتِ صناديق الاقتراع التي تُفتح صباح اليوم/الأحد لانتخاب مجلس نيابي جديد/128 نائباً، تؤشر استطلاعات الرأي إلى ان كل الضجيج الذي أحدثه معسكر "السياديين"، لن يسفر عن نتيجة ترضيهم, وأن أي تغيير قد يحدث سيكون ضعيفاً, ولن يكون بمقدورهم كتابة جدول الأعمال الذين يُمنون انفسهم كتابته أوالأدق ما كُلّفوا تطبيقه, والساعي من بين أمور أخرى الى إشعال حرب أهلية جديدة، وسط تدخلات اقليمية/ودولية ضارية/ومكشوفة, يُرحّب بها "السياديون" بعدما توفر لهم التمويل والدعم السياسي/والإعلامي الذي يتم ضخّه وفق خطّة لم تُصِب نجاحاً حتى اللحظة, أقلّه عبر دفع غالبية الطائفة/السُنيّة للمشاركة والذهاب الى مراكز الاقتراع للتصويت لقوائم تمّ تركيبها عُنوة, بعد عزوف رئيس الحكومة الأسبق/رئيس تيّار المستقبل/سعد الحريري عن المشاركة في الانتخابات, رافعاً الغطاء عن أي حِزبيّ من تيّاره حال خالف دعوته عدم المشاركة ترشيحا أو اقتراعاً.

هنا يبرز كالعادة سمير جعجع أمير الحرب السابق/وأول المرشّحين لقيادة حرب أهلية جديدة، بعدما تآمر على حليفه/سعد الحريري, مُشاركاً في تهميشه والوشاية به, متوهّماً ان ابتعاد الحريري المؤقت وربما الدائم عن الساحة السياسية/والحزبية, سيمنحه/جعجع فرصة وراثة الحريري في الطائفة السنية, التي تتوافر على أصوات وازنة كانت كافية في الانتخابات السابقة (2018) لرفع عدد نواب حزبه الفاشي/الانعزالي... المسمى/القوات اللبنانية. لكن المؤشرات تشي بأنه لن يَحصد سوى الخيبة, حتى بعد الضغوط الإقليمية/والدولية التي مورست على بعض قادة تيّار المستقبل/تنصّل الحريري منهم, كذلك تمردّت المرجعية الدينية السنية على الحريري, رغم الرعاية والدعم "متعدّد الأشكال" الذي قدّمه لها.

ما علينا...

خيبة أمل جعجع وحليفه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي (وليد جنبلاط), الذي "أورثَ" زعامة الحزب والطائفة الدرزية لنجله تيمور، رغم المساندة العلنية من دول اقليمية وسفارات غربية في بيروت, تعكسها استطلاعات الرأي اللبنانية المحايدة, رغم ندرة صفة كهذه عن معظم المؤسسات في بلد كلبنان, المثقل بصراع الهوياته الدينية/المذهبية/والطائفية, حيث يكرر بعض رموز الطائفة المارونية الروحية/السياسية, مقولة مفادها:" نحن أنشأنا لبنان", مُضيفين أنهم لن يكونوا "غرباء فيه". ما يعكس وَهمَاً بأن أحداً في لبنان يسعى لتهميشهم أو عزلهم أو نزع الهوية اللبنانية عنهم، وهذا غير وارد ولم يتحدث أحد فيه, رغم فشل "الصيغة" التي قام عليها "لبنان الكبير" الذي أنشأه المستعمرون الفرنسيون عام 1920, كذلك "ميثاق" الاستقلال عام 1943، حيث المحاصصة الطائفية والمذهبية لمناصب الإدارات والمؤسسات, ثم جاءت تعديلات "اتفاق الطائف" على صيغة/عام1943, بدليل ما يطالب به "السياديون" هؤلاء, بقيام نظام فيدرالي لا يخفون رغبتهم تحويله لاحقاً الى كونفدرالية (اي كانتونات طائفية ومذهبية) في وطن لا تزيد مساحته على (10452 كم2), فضلاً عن دعوتهم الى "حياد" لبنان وتنصّله من التزاماته الوطنية والقومية.

يمكن التوقف عند أهدف التهويل وحملات التشويه والشيطنة التي يتولّاها معسكر أدعياء السيادة, عبر خطابهم التحريضي/الطائفي/المذهبي/الانعزالي, عبر نزع الهويّة اللبنانية عن طائفة كبيرة, بل وقطاعات وشخصيات وأحزاب من طوائف أخرى سنية ومسيحية, يريدون من خلالها الزعم بأنهم السياديون من أمثال جعجع وحزب الكتائب الفاشي.. اختاروا معسكر "العروبة", فيما يُصنفون غيرهم كـ"مُعادين للعروبة ومُنتحلي صِفة".

يطمس هؤلاء عن قصد وتواطؤ على طبيعة هموم ومشكلات غالبية اللبنانيين, الذين يعيشون حالاً غير مسبوقة من الفقر والعوز والبطالة وانهيار الخدمات وارتفاع الأسعار وتدهور سعر العملة الوطنية, فضلاً عن سرقة ودائعهم في البنوك ويُبسطون مظلة حماية على حاكم البنك المركزي المتهم لبنانياً وأوروبيا بتبييض الأموال والاختلاس، فيما يرفل الزعماء وأولهم جعجع والنخبة السياسية والحزبية الفاسدة, بنعيم الثروات ومظاهر البذخ وأرصدة البنوك الخارجية والقصور الفخمة, ويحضرون لحرب أهلية جديدة إذ لم تأت صناديق الاقتراع وفق أهوائهم ومصالهم المُرتهنة للخارج, لهذا لا يركزون في حملاتهم سوى على "سلاح" حزب الله، دونما اهتمام بهموم غالبية اللبنانيين. بل ثمة سفارات غربية تروّج لـ"ثلاثية" تقوم على الانخراط والاندماج والتوطين, لـ"دمج" اللاجئين السوريين في لبنان. على ما سرّبت صحف لبنانية.

في السطر الأخير.. ثمّة مؤشرات على أن تغييراً في موازين القوى البرلمانية لن يحدث, وأن الأغلبية الحالية قد تحصل على "70" مقعداً من 128, أي.. الُثنائي/الشيعي والتيار الوطني الحر وحلفائهم من السُنّة/والدروز.

مدار الساعة ـ نشر في 2022/05/15 الساعة 00:16