شيرين أبو عاقلة
مدار الساعة ـ نشر في 2022/05/12 الساعة 02:08
شيرين
أنا لا أعرف من هو القناص الذي سدد الطلقة لرقبة شيرين أبو عاقلة, لكن البندقية حديثة جداً... و(الناظور) المركب عليها أيضاً فيه دقة عالية.. أظنه استند على الجدار وراقبها.. ثم أخذ شهيقا بعد ذلك وضع الطلقة في بيت النار, ثم قام بحساب الارتداد وحركة الريح.. لا بد أنه كان يعرف حركة الريح جيداً... ويعرف مدى ضيق الزاوية المكشوفة بين الرأس والرقبة, ثم سدد وكان يدرك أن طلقته قاتلة لا محالة..
هم يقولون في الأخبار إن قناصاً استهدفها.. هذا ليس بالقناص أبداً, انه مجرد شيطان.. يا ترى ما هو شعوره بعد ان قام بتصفيتها؟... هل ابتسم؟ هل شعر بأنه نفذ المهمة على أكمل وجه؟... هل جاء إليه الاتصال عبر اللاسلكي من قائده مليئاً بالثناء لأنه قتل وردة...
هؤلاء ليسوا جنوداً, ولا حتى عصابة.. هؤلاء ليسوا بشراً, هؤلاء وحوش بكل ما تحمل الكلمة من معنى... الجيوش حتى لو كانت تمشي على الجماجم, حتى لو كانت ملطخة بالدم.. لكنها لا تستهدف الورد, أحاول أن أفهم كيف يفكرون.. ماذا يأكلون, هل فيهم دم يسري في العروق مثلنا.. هل يشعرون بالبرد؟ هل لهم دمع في المحاجر؟
شيرين ابو عاقلة انتصرت صباحاً.. أوقعت هزيمة بإسرائيل ليس لها مثيل.. انتصرت لأنها العربية الفلسطينية المسيحية... التي صعدت صباحات الآلام.. حاملة صليبها وفلسطينها, واجراس الكنائس وحاملة معها التراتيل.. ومخيم جنين, انتصرت لأن الرهبان صلوا عليها في المشفى... ونثروا الورد ووضعوا الصليب بين يديها.. ثم أخذها اهل جنين وطافوا بها في أزقة المخيم.. واطلقوا تكبيراتهم على مسمعها... سبحان من وحّد هذا الصباح بين صلاة الرهبان وتكبيرات المقاوم.. هي فلسطين وحدها من توحد.. هي وحدها من جعلت الشهيد يحتضن صليبه بيديه.. ويغفو على صوت الله اكبر..
هزمت اسرائيل ومن هزمتها وردة... هزمت اسرائيل ومن هزمتها امرأة...
ستكون هذه البنت رمزاً للحب والحياة وفلسطين... وحين تسجى في غفوتها الأخيرة تحت تراب القدس, حين يزهر الدحنون على حواف القبر... وحين يأتي الندى في الصباح.. وتفوح رائحة المسك من بين ثنايا التراب... وحين تحتفل المقبرة كل صباح بها... ويحاول العشب أن يقلد جديلتها في نموه... وحين يمر بعض الأطفال من جانب القبر ويتذكرون اطلالتها على الشاشة.. وحين يأتي بعض الرهبان ويتلون صلاة من الحب على قبرها... حين يحدث كل ذلك, ربما ستقرع أجراس الكنائس في بيت لحم والناصرة... معلنة صلاة التحرير وصلاة الشكر.. وصلاة خالصة لفلسطين المطهرة من دنس اليهود..
شيرين أبو عاقلة.. لم تكن صحفية فقط, ولا وردة, ولا صبية من العسل والسكر... كانت رسالة للدنيا مفادها: أن الصليب في فلسطين يقاتل..
abdelhadi18@yahoo.com
أنا لا أعرف من هو القناص الذي سدد الطلقة لرقبة شيرين أبو عاقلة, لكن البندقية حديثة جداً... و(الناظور) المركب عليها أيضاً فيه دقة عالية.. أظنه استند على الجدار وراقبها.. ثم أخذ شهيقا بعد ذلك وضع الطلقة في بيت النار, ثم قام بحساب الارتداد وحركة الريح.. لا بد أنه كان يعرف حركة الريح جيداً... ويعرف مدى ضيق الزاوية المكشوفة بين الرأس والرقبة, ثم سدد وكان يدرك أن طلقته قاتلة لا محالة..
هم يقولون في الأخبار إن قناصاً استهدفها.. هذا ليس بالقناص أبداً, انه مجرد شيطان.. يا ترى ما هو شعوره بعد ان قام بتصفيتها؟... هل ابتسم؟ هل شعر بأنه نفذ المهمة على أكمل وجه؟... هل جاء إليه الاتصال عبر اللاسلكي من قائده مليئاً بالثناء لأنه قتل وردة...
هؤلاء ليسوا جنوداً, ولا حتى عصابة.. هؤلاء ليسوا بشراً, هؤلاء وحوش بكل ما تحمل الكلمة من معنى... الجيوش حتى لو كانت تمشي على الجماجم, حتى لو كانت ملطخة بالدم.. لكنها لا تستهدف الورد, أحاول أن أفهم كيف يفكرون.. ماذا يأكلون, هل فيهم دم يسري في العروق مثلنا.. هل يشعرون بالبرد؟ هل لهم دمع في المحاجر؟
شيرين ابو عاقلة انتصرت صباحاً.. أوقعت هزيمة بإسرائيل ليس لها مثيل.. انتصرت لأنها العربية الفلسطينية المسيحية... التي صعدت صباحات الآلام.. حاملة صليبها وفلسطينها, واجراس الكنائس وحاملة معها التراتيل.. ومخيم جنين, انتصرت لأن الرهبان صلوا عليها في المشفى... ونثروا الورد ووضعوا الصليب بين يديها.. ثم أخذها اهل جنين وطافوا بها في أزقة المخيم.. واطلقوا تكبيراتهم على مسمعها... سبحان من وحّد هذا الصباح بين صلاة الرهبان وتكبيرات المقاوم.. هي فلسطين وحدها من توحد.. هي وحدها من جعلت الشهيد يحتضن صليبه بيديه.. ويغفو على صوت الله اكبر..
هزمت اسرائيل ومن هزمتها وردة... هزمت اسرائيل ومن هزمتها امرأة...
ستكون هذه البنت رمزاً للحب والحياة وفلسطين... وحين تسجى في غفوتها الأخيرة تحت تراب القدس, حين يزهر الدحنون على حواف القبر... وحين يأتي الندى في الصباح.. وتفوح رائحة المسك من بين ثنايا التراب... وحين تحتفل المقبرة كل صباح بها... ويحاول العشب أن يقلد جديلتها في نموه... وحين يمر بعض الأطفال من جانب القبر ويتذكرون اطلالتها على الشاشة.. وحين يأتي بعض الرهبان ويتلون صلاة من الحب على قبرها... حين يحدث كل ذلك, ربما ستقرع أجراس الكنائس في بيت لحم والناصرة... معلنة صلاة التحرير وصلاة الشكر.. وصلاة خالصة لفلسطين المطهرة من دنس اليهود..
شيرين أبو عاقلة.. لم تكن صحفية فقط, ولا وردة, ولا صبية من العسل والسكر... كانت رسالة للدنيا مفادها: أن الصليب في فلسطين يقاتل..
abdelhadi18@yahoo.com
مدار الساعة ـ نشر في 2022/05/12 الساعة 02:08