'حرب السيد بوتين' سبب 'التضخّم' في أميركا.. أتُصدِّقون؟
مدار الساعة ـ نشر في 2022/05/12 الساعة 02:06
في آخر فصول تجلّيات حملة الشيّطنة والتشويه التي يشنها الرئيس بايدن على روسيا وخصوصاً رئيسها بوتين, خرج سيادته على الأميركيين بتفسير لافت لأسباب ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأساسية/التضخّم الذي يعصف بالأميركيين, عبر تحميل حرب "السيد بوتين" مسؤولية ذلك. في وقت كان فيه الرئيس نفسه اعترف بأنّ "خطوات الرئيس الروسي مدروسة للغاية"، معرباً عن قلقه من أنّه قد لا يكون لدى روسيا في الوقت الحالي أيّ مخرج من الأزمة في أوكرانيا، وهو نفسه الذي كان قال إنّ "الحرب في أوكرانيا لن تكون رخيصة الثمن"، ما أثار ويثير المزيد من الأسئلة حول مدى صحة ودقة الاستنتاج/التهمة التي ألصقها بايدن بحرب السيد بوتين, حول الزيادة القياسية في أسعار السلع الأساسية في بلاده، وعمّا إذا كانت واشنطن التي تواصل "ضخّ المزيد من الأسلحة الفتّاكة إلى أوكرانيا، ما قد يُسرّع انزلاقها إلى المشاركة في حرب شاملة لن تقتصر على الساحة الأوكرانية، حال نجحت واشنطن في جرّ حلف الناتو إلى حرب كهذه. وبخاصّة بعدما أعاد بايدن تفعيل قرار "قديم" كانت الإدارة الأميركية إبان الحرب العالمية الثانية اتّخذته, لتسهيل توريد الأسلحة والمعدات إلى الحلفاء، زِد على ذلك ما بدأته وزارة الدفاع الأميركية أمس بتزويد أوكرانيا دفعة ثانية من مروحيات (مي -17) روسية الصنع، كانت واشنطن اشترتها من موسكو سابقاً لتسليح الجيش الأفغاني، وهي مروحيات مَعروفة بقدرتها على العمل في الظروف الجوية الصعبة وفوق المرتفعات التي تكثر في أفغانستان، ما يؤشر إلى استهتار أميركي يتمثل بانتهاكها اتفاقية شراء هذه المعدات, التي لا تسمح -كما معظم صفقات الأسلحة في العالم- للمشتري بتصديرها أو بعض أجزائها إلى دولة ثالثة بدون موافقة البائع (روسيا في هذه الحالة)، وإذ أعلن بايدن أنّ بلاده وحلفاءها يبحثون عن "فرص" لإعادة الحبوب الأوكرانية إلى السوق العالمية لخفض أسعارها، كاشفاً أنّ لدى أوكرانيا 20 مليون طن من الحبوب، مُضيفاً أنّه بصدد البحث عن طرق لإعادة هذه الحبوب إلى السوق العالمية التي ستؤدي إلى خفض الأسعار، مُعتبراً أنّ حرب السيد بوتين أدّت أيضاً إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية دون أن يوضّح للجمهور كيف حدث ذلك.
قد يكون مُفيداً الوقوف عندما كشفت وزارة الدفاع الروسية في 30 نيسان الماضي، بأنّ سلطات كييف أرسلت 20 مليون طن من الحبوب والذرة والمحاصيل الزيتية والماشية إلى رومانيا، رغم نقص الغذاء في أوكرانيا وذلك "مُقابِل" أسلحة وذخائر أجنبية تلقّتها.
ما يثير المزيد من الشكوك حول طبيعة وحجم الصفقات التي تتم في الخفاء بين دول الناتو والاتحاد الأوروبي من جهة وسلطات كييف, التي لا تتوقف عن طلب المزيد من الأسلحة والدعم المالي والاستخباري وخصوصاً تسريع حصولها على بطاقة الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يبدو أنّه لم يَعد في متناول اليد أو بات بعيد المنال، خاصّة بعد خطاب الرئيس الفرنسي ماكرون أمام البرلمان الأوروبي/الثلاثاء, باقتراحه إنشاء "هيئة سياسية" أوروبية جديدة تكون أوكرانيا ضمن أعضائها، بعدما استبعد قبول أوكرانيا في عضوية الاتحاد الأوروبي لسنوات وربما لعقود مُقبلة.
هنا أيضاً ودائماً يتوجب التساؤل عمّا تريده الدول الأعضاء في حلف الناتو/كما دول الاتحاد الأوروبي من مواصلتها تزويد كييف بمزيد من الأسلحة والتقارير الاستخبارية, وفرض المزيد من "حزم" العقوبات على روسيا رغم الفشل النسبي بل الواضح الذي حصدته, بدليل أنّ الروبل الروسي لم ينهار وأنّ "الشلل" لم يُصب الاقتصاد الروسي, باعتراف دوائر وهيئات ومؤسسات مالية ونقدية واقتصادية أميركية/وأوروبية، ومنها البنك الدولي والبنك الفيدرالي الأميركي، خاصّة أنّ قناعات بدأت تترسخ في الدوائر السياسية/والعسكرية وخصوصاً الأكاديمية ومراكز الأبحاث الأميركية والأوروبية, بأنّ الوضع الجيوسياسي العالمي سيشهد تغييرات بعد انتهاء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا. على ما قال هنري كيسنجر في مقابلة له مع صحيفة فاينانشيال تايمز، مؤكداً أنّنا نعيش "الآن" في حقبة مُغايرة كلياً، لافتاً إلى أنّه "لا" يعتقد أنّ بمقدور الولايات المتحدة خلق العوامل التي تفرِّق بين الصين وروسيا، لكن -يُضيف- العوامل والظروف سيكون لها دورها الطبيعي".
خلاصات واستنتاجات لافتة ومثيرة كهذه، يُصرّ قادة الناتو وبخاصة واشنطن، ناهيك عن الرؤوس الحامية في بروكسل/الاتحاد الأوروبي, على تجاهلها أو العمل على إبطائها في رهان على إلحاق الهزيمة بروسيا وضمان "إنتصار" أوكرانيا, التي أرادوها كبش فداء لأطماعهم وسياساتهم العدوانية, بعد أن أقنعوا/أمروا قادتها بالإصرار على نيل عضوية الناتو وعدم توسّع الناتو على حدود روسيا. وهم الآن يعملون بحماسة لضم كل من فنلندا /والسويد إلى حلف الشر/الناتو, غير عابئين باستخلاص دروس وعِبر الحرب الدائرة في أوكرانيا, بعدما ضربوا عرض الحائط بمطالب موسكو الأمنية, ما يفتح المشهد على مزيد من الأزمات والمواجهات الساخنة/والخطيرة.kharroub@jpf.com.jo
قد يكون مُفيداً الوقوف عندما كشفت وزارة الدفاع الروسية في 30 نيسان الماضي، بأنّ سلطات كييف أرسلت 20 مليون طن من الحبوب والذرة والمحاصيل الزيتية والماشية إلى رومانيا، رغم نقص الغذاء في أوكرانيا وذلك "مُقابِل" أسلحة وذخائر أجنبية تلقّتها.
ما يثير المزيد من الشكوك حول طبيعة وحجم الصفقات التي تتم في الخفاء بين دول الناتو والاتحاد الأوروبي من جهة وسلطات كييف, التي لا تتوقف عن طلب المزيد من الأسلحة والدعم المالي والاستخباري وخصوصاً تسريع حصولها على بطاقة الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يبدو أنّه لم يَعد في متناول اليد أو بات بعيد المنال، خاصّة بعد خطاب الرئيس الفرنسي ماكرون أمام البرلمان الأوروبي/الثلاثاء, باقتراحه إنشاء "هيئة سياسية" أوروبية جديدة تكون أوكرانيا ضمن أعضائها، بعدما استبعد قبول أوكرانيا في عضوية الاتحاد الأوروبي لسنوات وربما لعقود مُقبلة.
هنا أيضاً ودائماً يتوجب التساؤل عمّا تريده الدول الأعضاء في حلف الناتو/كما دول الاتحاد الأوروبي من مواصلتها تزويد كييف بمزيد من الأسلحة والتقارير الاستخبارية, وفرض المزيد من "حزم" العقوبات على روسيا رغم الفشل النسبي بل الواضح الذي حصدته, بدليل أنّ الروبل الروسي لم ينهار وأنّ "الشلل" لم يُصب الاقتصاد الروسي, باعتراف دوائر وهيئات ومؤسسات مالية ونقدية واقتصادية أميركية/وأوروبية، ومنها البنك الدولي والبنك الفيدرالي الأميركي، خاصّة أنّ قناعات بدأت تترسخ في الدوائر السياسية/والعسكرية وخصوصاً الأكاديمية ومراكز الأبحاث الأميركية والأوروبية, بأنّ الوضع الجيوسياسي العالمي سيشهد تغييرات بعد انتهاء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا. على ما قال هنري كيسنجر في مقابلة له مع صحيفة فاينانشيال تايمز، مؤكداً أنّنا نعيش "الآن" في حقبة مُغايرة كلياً، لافتاً إلى أنّه "لا" يعتقد أنّ بمقدور الولايات المتحدة خلق العوامل التي تفرِّق بين الصين وروسيا، لكن -يُضيف- العوامل والظروف سيكون لها دورها الطبيعي".
خلاصات واستنتاجات لافتة ومثيرة كهذه، يُصرّ قادة الناتو وبخاصة واشنطن، ناهيك عن الرؤوس الحامية في بروكسل/الاتحاد الأوروبي, على تجاهلها أو العمل على إبطائها في رهان على إلحاق الهزيمة بروسيا وضمان "إنتصار" أوكرانيا, التي أرادوها كبش فداء لأطماعهم وسياساتهم العدوانية, بعد أن أقنعوا/أمروا قادتها بالإصرار على نيل عضوية الناتو وعدم توسّع الناتو على حدود روسيا. وهم الآن يعملون بحماسة لضم كل من فنلندا /والسويد إلى حلف الشر/الناتو, غير عابئين باستخلاص دروس وعِبر الحرب الدائرة في أوكرانيا, بعدما ضربوا عرض الحائط بمطالب موسكو الأمنية, ما يفتح المشهد على مزيد من الأزمات والمواجهات الساخنة/والخطيرة.kharroub@jpf.com.jo
مدار الساعة ـ نشر في 2022/05/12 الساعة 02:06