إليكم قصة دانيال لامبرت الطريفة

مدار الساعة ـ نشر في 2022/05/11 الساعة 16:23

مدار الساعة -البعض يصاب بالاكتئاب بسبب زيادة الوزن، ويلجأ آخرون إلى الحد من زياراتهم وفعالياتهم الاجتماعية فيميلون إلى الوحدة وعدم رؤية أناس آخرين، ولو أن دانيال لامبرت الحائز لقبَ "أسمن رجل في إنجلترا" فعل مثلهم لضيّع على نفسه فرصة الحصول على ثروة ضخمة. وبدلاً من اعتزال الناس والبقاء في المنزل حول لامبرت المقبل على الحياة وزنه البالغ 333 كغ لوسيلة لكسب العيش، فكيف فعل ذلك؟ إليكم القصة:

دانيال لامبرت.. أسمن رجل في إنجلترا

في القرن التاسع عشر لم يكن هناك رجل في إنجلترا كلها أكثر بدانة من الرجل الثلاثيني دانيال لامبرت، الذي نشر إعلاناً غريباً للغاية في إحدى الصحف اللندنية الشهيرة عام 1806.

وصف الإعلان لامبرت بأنه "الرجل الأكثر إثارة للفضول في العالم"، ودعا الناس لدفع ثمن معين مقابل القدوم لرؤية ومقابلة لامبرت، الذي كان يزن قرابة 739 رطلاً (ما يعادل 333 كغ تقريباً) بينما وصل محيط خصره إلى تسعة أقدام أي حوالي (2.7 متر).

وُلِد لامبرت، في 13 مارس/آذار 1770، في ليستر بإنجلترا، وعلى الرغم من أنه اشتهر كونه الرجل الأكثر بدانة في إنجلترا فإنه لم يكن بديناً على الدوام، فقد وردت قصته في كتاب The Two-Headed Boy and Other Medical Marvels، حيث ذكر أنه كان فتى ذا جسد قوي وصحي، يستمتع بهوايات مثل صيد الثعالب وسباق الخيل وصيد الأسماك وتربية الكلاب.

كيف أصبح لامبرت بديناً؟

رغم أن لامبرت كان يحاول أن يبقى نشيطاً دائماً لأنه استقر في نهاية المطاف في وظيفة ثابتة، فبعد تقاعد والده من وظيفة حارس السجن المحلي تولى لامبرت مكانه، وبينما كان يقضي وقتاً طويلاً للغاية في الجلوس عند باب السجن بدأ لامبرت باكتساب الوزن.

وبحلول عام 1793 بلغ وزن لامبرت 448 رطلاً (حوالي 200 كغ)، وفي ذلك الوقت كان لا يزال يتمتع بقوة بدنية، إذ كان يستطيع حمل رجلين على ظهره أثناء السباحة، لكن وزنه الزائد بات لافتاً حقاً للانتباه.

وبحلول أوائل القرن التاسع عشر واجه لامبرت مشكلة عويصة، فقد كان السجن المحلي الذي يعمل فيه على وشك الإغلاق ليبقى الرجل بدون وظيفة.

ومع نفاد أمواله وقلة فرص العمل، خطرت للامبرت فكرة استغلال بدانته، وعلى ما يبدو فإن ليستر لن تكون المكان الأنسب لتحقيق الثروة فقرر التوجه إلى لندن.

رحلة مضنية إلى لندن
لم تكن الرحلة إلى لندن بتلك السهولة، فعندما قرر لامبرت السفر إلى هناك كان وزنه يتجاوز الـ300 كغ، بمعنى أن وسائل النقل العادية لن تكون كفيلة بحمله، فقد كان في ذاك الوقت أثقل رجل مسجل في تاريخ البشرية وفقاً لـEccentrics and Eccentricities الإنجليزية.

لذلك تم تصميم عربة خاصة صممت لتكون كبيرة ومتينة بما يكفي لحمله.

وبمجرد وصوله إلى العاصمة عام 1806 بدأ لامبرت بتنفيذ خطته، فنشر إعلاناً في صحيفة التايمز جاء فيه:

"ندعوكم إلى معرض السيد دانييل لامبرت، من ليستر، الرجل الأكثر إثارة للفضول في العالم، والذي يبلغ من العمر 36 عاماً، ويزن ما يزيد عن 700 رطل، سيستقبل السيد لامبرت الزوار في منزله، رقم 53، في بيكاديللي، مقابل كنيسة سانت جيمس، من الساعة 12 إلى الساعة 5".

لامبرت يسحر الجماهير

وبالفعل توافد المئات إلى منزل السيد لامبرت، الذي قرر عرض نفسه على الجمهور، ورغم أنهم قدموا فقط ليلقوا نظرة على "أسمن رجل في العالم" فإنهم كانوا يميلون لقضاء الوقت في منزل لامبرت بسبب ذكائه ومهاراته في المحادثة.

أخبر لامبرت زواره بأنه لم يكن يفرط في تناول الطعام، ولم يكن يشرب الكحول، وافتتن الزوار بقصصه الشيقة وأحاديثه التي لا تنتهي عن الصيد وسلالات الكلاب.

حتى إن أحد المراسلين من صحيفة التايمز كتب عن لامبرت: "إنه رجل يمتلك معلومات رائعة، وهو رجل ودود بأخلاق عالية، أما براعته في المحادثة فقد فاقت توقعاتنا".

كما أشار المراسل إلى أن عدد الزوار الإناث يفوق عدد الرجال بشكل كبير، وأنه يمكن سماع النساء يمتدحن "الوجه الرجولي والذكي" الذي يمتلكه لامبرت.

وسرعان ما أصبح حجم لامبرت الضخم حديث المدينة، حتى إن الملك جورج الثالث كان واحداً من زوار لامبرت.

وبحلول الوقت الذي عاد فيه لامبرت إلى ليستر بعد بضعة أشهر، كان رجلاً ثرياً للغاية وبطلاً محلياً كذلك، وفقاً لما ورد في موقع All That Interesting.

20 رجلاً لدحرجة جثمان لامبرت

مع الأسف، كانت أيام دانيال لامبرت معدودة، فقد توفي عن عمر يناهز 39 عاماً، بعد أن وصل وزنه إلى 333 كغ.

ففي 20 يونيو/حزيران من عام 1809، ذهب لامبرت إلى الفراش كالمعتاد، واستيقظ في اليوم التالي، وبينما كان يحلق بدأ يعاني من ضيق في التنفس، وفي غضون دقائق مات الرجل الأكثر بدانة وشهرة في إنجلترا في ذاك الوقت.

لم تنته قصته هنا، فقد تسببت وفاته في الواقع في عدد من المشاكل اللوجستية، فقد وجد السكان المحليون صعوبة في إخراجه من المنزل ودفنه، وفي نهاية المطاف قاموا بتحطيم النافذة وجزء من الحائط ليُخرجوا جثمان لامبرت، ووضعوه في صندوق ضخم بحجم مرأب سيارات.

بعد ذلك استغرق الأمر 20 رجلاً لدحرجة نعش لامبرت ببطء من المدينة إلى فناء الكنيسة، حيث قام سكان البلدة بدفن لامبرت تحت حجر كتب عليه أصدقاؤه:

"في ذكرى تلك المعجزة في الطبيعة، دانيال لامبرت، مواطن من ليستر":

كان يمتلك عقلاً سامياً ومبهجاً، وفي العظمة لم يكن لديه منافس، فقد وصل إلى ثلاث أقدام وبوصة واحدة حول الساق، وتسع أقدام، وأربع بوصات حول الجسم، ووزنه يعادل وزن اثنين وخمسين حجراً وأحد عشر جنيهاً! غادر هذه الحياة في الحادي والعشرين من يونيو/حزيران 1809 عن عمر يناهز39 عاماً.

في أعقاب ذلك أصبح دانيال لامبرت أسطورة، فظهرت حانات باسمه وتم إنشاء تمثال ضخم من الشمع على صورته، وأصبحت عبارة "دانيال لامبرت" تعبيراً مجازياً عن الضخامة.

اليوم لم يعد لامبرت الرجل الأكثر بدانة في العالم، فقد حطم الرقم القياسي رجل يدعى جون مينوخ، إذ وصل وزنه إلى 1400 رطل (630كغ).

مع ذلك فقد كان دانيال لامبرت الرجل الأكثر إثارة للإعجاب، فقد استغل بدانته لتكوين ثروته الشخصية بدلاً من عزل نفسه والابتعاد عن الناس.

عربي بوست

مدار الساعة ـ نشر في 2022/05/11 الساعة 16:23