رفع أسعار الفائدة.. لن يكون الأخير

علاء القرالة
مدار الساعة ـ نشر في 2022/05/11 الساعة 02:00
بحسب المعطيات الأولية والمؤشرات والتوقعات المختلفة التي تؤكد أن الفدرالي الاميركي يتجه الى رفع أسعار الفائدة لثلاث او اربع مرات مقبلة وبنسب مختلفة، ما يعني اننا محليا مضطرون الى اتخاذ قرارات مشابهة للقرار الذي اتخذ مؤخرا برفع اسعار الفائدة محليا وبنسبة 0.50 نقطة اساس، لأسباب أهمها حماية الاقتصاد الوطني ودفع جاذبية الدينار مقابل العملات الاخرى.
ما قام به البنك المركزي من رفع اسعار الفائدة مؤخراً أمر جيد، ولربما سيضطر للقيام به مستقبلا في حال تم رفع اسعار الفائدة من قبل الفدرالي الاميركي حتى ولو انه لا يرضي الجميع، فالبنك المركزي لا يملك خياراً آخر يتجه اليه في مثل هذه الحالة سوى الالتزام برفع الفائدة لارتباط الدينار بعمليات الصرف مقابل الدولار الاميركي، بالاضافة الى ان سبب رفع الفائدة في الولايات المتحدة نتيجة التضخم وهو نفس السبب الذي يتوقع ان ترتفع نسبته لدينا لارتفاع اسعار السلع نتيجة الفجوة الكبيرة ما بين الطلب المعروض عالميا للعديد من الاسباب.
المحافظة على جاذبية الدينار وقوته مقابل العملات الاجنبية وتحديدا الدولار امر ضروري لا بد منه حتى لو اتخذنا قرارات صعبة بهذا الخصوص، ومع ذلك ادارة البنك المركزي تعي تماما مدى التأثير الذي سيطرأ على الموردين وعمليات التمويل لغايات الاستيراد، لذلك هي تسعى بمختلف البرامج والطرق بالبحث عن حلول تمويلية تساهم في ضمان استمرار عمليات التوريد من قبل المستوردين والمحافظة على مستويات العرض مقابل الطلب وبأسعار فوائد مناسبة ومستقرة عند حدود مقبولة لا تؤثر على معدلات التضخم.
المطلوب حالياً من البنك المركزي مزيد من الاجراءات القادرة على التخفيف من آثار رفع أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية، من خلال مواصلة دوره في دعم الاقتصاد الكلي واستمراره في توفير التمويل الميسر للأنشطة الاقتصادية من خلال نوافذه التمويلية وتوسيع اعتماد تجارة الجملة للسلع من النافذة التمويلية، وهذا الموضوع مهم لأنه يتعلق بتأمين احتياجات البلد من السلع الرئيسية وتوفير تمويل للمستوردين بأسعار فائدة ميسرة، بالإضافة إلى أن الاستمرار في العمل بالنوافذ التمويلية المدعومة اجراء مهم لاستدامة العملية الانتاجية للعديد من القطاعات.
أي اجراء للبنك المركزي في هذا الاتجاه يجب ان يدعم من الجميع وخاصة ان تلك الاجراءات تصب في مصلحة الاقتصاد الكلي الذي يمثل مختلف القطاعات والافراد وما يتعلق بها من حياة معيشية او تشغيلية، وخاصة إذا ما اعترفنا بأننا نواجه تحديات خارجة عن الارادة ومفروضة علينا لاسباب عالمية من اهمها جائحة كورونا وآثارها والحرب الروسية الاوكرانية ونتائجها السلبية على سلاسل التوريد والطاقة والغذاء وغيرها من الاثار التي لربما لولا العديد من الاجراءات التي اتخذتها الحكومة سابقا مثل تعديل الرسوم الجمركية وسقوف اجور الشحن وتوفير الاجراءات التمويلية من المركزي للمستثمرين لشعرنا بها وبشكل كبير قد لا نحتمله جميعا وخاصة التضخم وارتفاعه الى مستويات كبيرة لربما تؤثر على الجميع.
ختاما، نعم ارتفعت أسعار الفائدة لدينا مرتين ولربما قد ترتفع عدة مرات خلال العام الحالي، غير انها ستعود الى وضعها الطبيعي عند انتهاء مبررات الرفع من قبل الفدرالي الاميركي والمتمثلة بانخفاض نسب التضخم وحينها ستنخفض اسعار الفائدة محليا، فتحمل آثار سلبية لفترة قصيرة من الجميع افضل بكثير من الوقوع في فخ الانحدار إلى منزلقات اقتصادية صعبة كنا سنصلها سريعا لو اننا لم نستجب لرفع اسعار الفائدة عالمياً.
مدار الساعة ـ نشر في 2022/05/11 الساعة 02:00