عبدالهادي راجي يشبه بشر الخصاونة بـ(زير الماء)

عبدالهادي راجي المجالي
مدار الساعة ـ نشر في 2022/05/10 الساعة 00:46
عبدالهادي راجي المجالي
أكثر كلمة تستطيع أن تصف بها علاقتك القوية بالرئيس هي: (صاحبي).. ولشدة (صحبتي) مع الرئيس, كان في كل لقاء معه يأخذ (ولاعتي) ولا يعيدها.. أنا اعرف أن الذهن الأردني لا يقبل الكتابة عن رئيس وزراء, وأعرف أني حين أضع المقال على صفحتي في «الفيس بوك» سيهاجمونني, وأعرف أنهم سيقولون عني... (سحيج).
لكنه (صاحبي).. وهل يجوز للمرء أن يتحرر من علاقة جمعته برجل, أقل ما يقال فيه إنه (مثلنا).. حسنا المجالس الآن في الأردن تقول إنه سيغادر الموقع, والبعض يقول إنه سيبقى في الموقع... هذا لا يهمني, ما يهمني هو النموذج.. كان يشبه (زير الماء) تماما والذي وضع أمام مسجد للعابرين والتائهين والعطشى, الكل كان يرتوي منه... والأهم أنه (زير) صنع محلياً, وتمت تغطيته (بالخيش) المحلي أيضاً... والأهم من كل ذلك, أنه لم يقدم الماء في كؤوس من الكريستال على طاولات فاخرة... بل قدمه (بالكيلة)..
حين كنا نهمش ويمارس علينا الإقصاء, وحين كان البعض يقسمنا بين راديكالي وبين منفتح.. ويصنفونا بحسب إجادتنا للعلاقة مع الليبرالية الجديدة, ونظرتنا للمجتمع... وتعاطينا مع الفكر الجديد وحجم تحررنا من القبيلة والعقيدة والتراب.. كان بشر الخصاونة يرمي كل ذلك خلفه ويصنف الناس بحسب نظرية (الزير)... فتح باب مكتبه للكل وسمح لنا أن نصب جام غضبنا حتى على أفراد حكومته, وأن ننصح ونشكو ونغير ونقرر.. كان يشبه معروف البخيت أو كان معروف البخيت يشبهه... مرّا على كل الأشياء, وعبرا من كل المواقع... لكن شخصيتيهما ظلتا مرتبطتين في?الذهن بعطاء (الزير) وشكله, وعذوبة الماء فيه...
بشر ومعروف البخيت, سيسجل في تاريخهما أنهما لم يتحررا من الهوية... ولم ينقلبا على موروثهما الوطني, ولم يتعاطيا مع الحكومة على أنها منحة قدمت لهما.. ولم يحتضنا تيارات جديدة على المجتمع ويدخلاها في المشهد... ويسجل لهما أيضاً أنهما ما تباهيا يوما بإرثهما في جامعات الغرب, بقدر ما تباهيا بحوران ومضارب العبابيد... وأجادا فن الشراب على المناسف وعرفت أفواههما طعم الجميد.. وحددت نشأته.
ماء (الزير) حتى لو استبدلته بألف عبوة تجارية, سيبقى طعم الصلصال فيه... وستشم أيضاً بعضا من رائحة (الخيش) فيه أيضاً, والأهم أنه الماء الذي لا يتعفف على الأفواه... والأهم أيضاً أنه الماء الذي يروي العطش ويجوز الوضوء به.. وقد تروي أيضا شتلة نبتت على غفلة من الوقت.
أنا أرى المشهد بزاوية مختلفة عن زوايا «السوشيال ميديا».. مختلفة عن زوايا الصخب في مواقع التواصل, مختلفة عن زاوية الهجوم غير المبرر.. أرى المشهد من زاوية فمي الذي يعرف طعم الماء إذا وضع في (الزير).. ويعرف طعم الماء أيضاً إذا استورد من نبع سويسري.
على كل حال سأختم مقالي بالجملة الأردنية المعروفة (الرئيس كان صاحبي).. وسيظل صاحبي.. وسيبقى طعمه في فمي... نحن في هذا الوطن أكثر ما نحتاجه هو: أن نروي ظمأ الهوية والزمن..
سلامي لبشر الخصاونة, وسلامي لمعروف البخيت.
Abdelhadi18@yahoo.com
مدار الساعة ـ نشر في 2022/05/10 الساعة 00:46