في 'عُقمِ' الرِهان على 'تفكُّك' إسرائيل.. قبل 'الثمانين' (1ــ2)
مدار الساعة ـ نشر في 2022/05/10 الساعة 00:43
مقالان/على حلقتين.. كتبهما رئيس حكومة العدو الصهيوني الأسبق/إيهود باراك في صحيفة يديعوت أحرونوت, كانت الأولى في الرابع من ايار الجاري, ونُشرت الثانية أول أمس/الأحد, حفلتا كما عادة قادة العدو بكثير من الأوصاف والادعاءات, وخصوصاً المصطلحات التي تفوح منها روائح الاستعلاء والغطرسة والتلويح الدائم باستخدام القوة غير المسبوقة التي تتوافر عليها الدولة العنصرية, بل الجزم ــ على النحو الذي كتبه باراك/رئيس الأركان الأسبق المُلطخة يداه بالدماء الفلسطينية والعربية ــ قائلاً في الحلقة الثانية 8/5.(.. لا الإرهاب يمكنه أ? يُبيدنا, لا حزب الله ولا حتى إيران حتى لو كان لها سلاح نووي.. العدو الأخطر ــ أضاف ــ هو الانقسام الداخلي, الكراهية المُتزايدة بين اليهود, التحريض, التزمّت والانقسام الذي يشّتد سنة إلى سنة. الأمم ــ استطرَد ــ التي لم تعِرف كيف ترص صفوفها في لحظات الاختبار اختفت عن مسرح التاريخ».
عبارات ومصطلحات كهذه لم تلفِت أنظار معظم المُعلقين والمُحللين, بل ووسائل الإعلام العربية وخصوصاً الفلسطينية منها, بل ركّز هؤلاء على ما أورده باراك عن «نقمة العقد الثامن» الذي أشار إليه مجرم الحرب الصهيوني, عندما استعاد مسيرة ومصير مملكة داوود ومملكة الحشمونائيم حيث «زالت» كل واحدة منهما (وفق الرواية الصهيونية المؤسطرة) إذ أن مملكة داوود لم تعمّر سوى 76 عاماً, فيما اختفت دولة الحشمونائيم عن 77 عاماً.
اللافت في استدعاء هذه الأساطير القديمة, إذ أن الأخيرة (الحشمونائيم/المملكة الثانية) كانت موجودة في فلسطين عام 140 قبل الميلاد وانتهت على يد الإمبراطورية الرومانية بعد سيطرتها على فلسطين عام 63 قبل الميلاد، فيما المملكة الأولى (مملكة داوود) التي ورد ذكرها في «التوراة» كمملكة جمعت أسباط بني إسرائيل الـ«12» وفق السردية الصهيونية، فتأسَّست على يد الملك شاؤول الأول سنة 1020 قبل الميلاد ولم تعش سوى 76 عاماً.
نقول: اللافت في الاهتمام (الأقرب للاحتفال) الإعلامي والسياسي العربي, هو التخوّف الذي عبّر عنه إيهود باراك بأنّ لا تحتفل «دولتهم» الحالية بعيد استقلالها الـ«80»، مُتجاهلين عن عمد وربما عن جهل بأنّ أقوال باراك ومخاوفه هذه, لم تكن الأولى بل سبقه إليها كثيرون أكثر تشدداً ويمينية وصهيونية وإجراماً وعنصرية منه, مثل نتنياهو (على سبيل المثال) الذي حذّر في العاشر من تشرين الأول/2017 (أي عندما كانت إسرائيل ابنة 69). إذ حذّر في احتفال ديني بمناسبة ما يُسمى عند اليهود/عيد العُرُش من مخاطرَ تهدّد وجود إسرائيل، مُطالباً?بأن تستعد كي تتمكن من إحياء ما أسماه «يوم الاستقلال» السنوي بعد ثلاثة عقود (يقصد وصولها عمر الـ«100»).
أمّا جنرال الاحتياط عوزي ديان/رئيس مجلس الأمن القومي في الدولة العنصرية، فكتب قبل عامين 2020 مقالة تحت عنوان «إسرائيل في امتحان العقد الثامن».. أعاد فيها تذكير اليهود بمصير المملكتين اليهوديتين السابقتين (مملكة داوود ومملكة الحشمونائيم), وأنّهما تفككتا قبل أن تصلا إلى سن الثمانين.. مُعتبراً أنّ العقد الثامن في تجارب الدول المعاصرة, «هو عقد مُحمّل بالمخاطر وينتهي في معظمه بتفكك عنيف».
ثمّة سياسي إسرائيلي أكثر شهرة، هو إبراهام بورغ رئيس الكنيست السابق وابن الحاخام يوسيف بورغ وزير الداخلية الصهيوني الأشهر, الذي عاصر قيام دولة العدو على أنقاض الشعب الفلسطيني حضارة وتاريخاً وأرضاً، فقد نشر عام 2007 كتاباً بعنوان «هزيمة هتلر»، أكّد فيه أنّ إسرائيل «غيتو يحمل أسباب زواله في ذاته»، علماً أنّ بورغ نفسه الذي كان أحد قادة حزب العمل الإسرائيلي ثمّ انشقّ عنه والتحق عام 2015 بالجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (يُشكّل الحزب الشيوعي الإسرائيلي عامودها الأساس) كشفَ في مؤتمر دولي حول نزع السلاح النووي? امتلاك إسرائيل أسلحة نووية, واصفاً إسرائيل بأنّها «آخر مُحتل استعماري في العالم العربي».
ماذا عن نبوءة هنري كيسنجر؟
أكبر داعم «يهودي» لإسرائيل وأكثر الأميركيين اليهود نفوذاً وسطوة, ومؤسس نهج/مسار اتفاقيات كامب ديفيد وقبلها مفاوضات الكيلو 101هنري كيسنجر, فكان «تنبأ» في تشرين الأول عام 2012 بأنّه «بعد عشر سنوات لن تكون هناك إسرائيل».. وإذ أثارت تصريحاته ضجَّة في الأوساط اليهودية/والصهيونية داخل أميركا وخارجها، فإنّه حاول جاهداً نفيها إلّا أنّ الصحيفة الأميركية التي نقلت نبوءته (نيويورك بوست), عادت وأكّدت صحة ودقة العبارة التي نقلتها على لسان مُنظر ومهندس السياسة الأميركية الداعمة بلا تحفّظ لإسرائيل وسياساتها التوسعية/العد?انية منذ سبعينيات القرن الماضي حتى الآن.
فلماذا «استفاق» المعلقون «العرب» على تحذيرات باراك ومخاوفه؟
للحديث صِلة.
kharroub@jpf.com.jo
عبارات ومصطلحات كهذه لم تلفِت أنظار معظم المُعلقين والمُحللين, بل ووسائل الإعلام العربية وخصوصاً الفلسطينية منها, بل ركّز هؤلاء على ما أورده باراك عن «نقمة العقد الثامن» الذي أشار إليه مجرم الحرب الصهيوني, عندما استعاد مسيرة ومصير مملكة داوود ومملكة الحشمونائيم حيث «زالت» كل واحدة منهما (وفق الرواية الصهيونية المؤسطرة) إذ أن مملكة داوود لم تعمّر سوى 76 عاماً, فيما اختفت دولة الحشمونائيم عن 77 عاماً.
اللافت في استدعاء هذه الأساطير القديمة, إذ أن الأخيرة (الحشمونائيم/المملكة الثانية) كانت موجودة في فلسطين عام 140 قبل الميلاد وانتهت على يد الإمبراطورية الرومانية بعد سيطرتها على فلسطين عام 63 قبل الميلاد، فيما المملكة الأولى (مملكة داوود) التي ورد ذكرها في «التوراة» كمملكة جمعت أسباط بني إسرائيل الـ«12» وفق السردية الصهيونية، فتأسَّست على يد الملك شاؤول الأول سنة 1020 قبل الميلاد ولم تعش سوى 76 عاماً.
نقول: اللافت في الاهتمام (الأقرب للاحتفال) الإعلامي والسياسي العربي, هو التخوّف الذي عبّر عنه إيهود باراك بأنّ لا تحتفل «دولتهم» الحالية بعيد استقلالها الـ«80»، مُتجاهلين عن عمد وربما عن جهل بأنّ أقوال باراك ومخاوفه هذه, لم تكن الأولى بل سبقه إليها كثيرون أكثر تشدداً ويمينية وصهيونية وإجراماً وعنصرية منه, مثل نتنياهو (على سبيل المثال) الذي حذّر في العاشر من تشرين الأول/2017 (أي عندما كانت إسرائيل ابنة 69). إذ حذّر في احتفال ديني بمناسبة ما يُسمى عند اليهود/عيد العُرُش من مخاطرَ تهدّد وجود إسرائيل، مُطالباً?بأن تستعد كي تتمكن من إحياء ما أسماه «يوم الاستقلال» السنوي بعد ثلاثة عقود (يقصد وصولها عمر الـ«100»).
أمّا جنرال الاحتياط عوزي ديان/رئيس مجلس الأمن القومي في الدولة العنصرية، فكتب قبل عامين 2020 مقالة تحت عنوان «إسرائيل في امتحان العقد الثامن».. أعاد فيها تذكير اليهود بمصير المملكتين اليهوديتين السابقتين (مملكة داوود ومملكة الحشمونائيم), وأنّهما تفككتا قبل أن تصلا إلى سن الثمانين.. مُعتبراً أنّ العقد الثامن في تجارب الدول المعاصرة, «هو عقد مُحمّل بالمخاطر وينتهي في معظمه بتفكك عنيف».
ثمّة سياسي إسرائيلي أكثر شهرة، هو إبراهام بورغ رئيس الكنيست السابق وابن الحاخام يوسيف بورغ وزير الداخلية الصهيوني الأشهر, الذي عاصر قيام دولة العدو على أنقاض الشعب الفلسطيني حضارة وتاريخاً وأرضاً، فقد نشر عام 2007 كتاباً بعنوان «هزيمة هتلر»، أكّد فيه أنّ إسرائيل «غيتو يحمل أسباب زواله في ذاته»، علماً أنّ بورغ نفسه الذي كان أحد قادة حزب العمل الإسرائيلي ثمّ انشقّ عنه والتحق عام 2015 بالجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (يُشكّل الحزب الشيوعي الإسرائيلي عامودها الأساس) كشفَ في مؤتمر دولي حول نزع السلاح النووي? امتلاك إسرائيل أسلحة نووية, واصفاً إسرائيل بأنّها «آخر مُحتل استعماري في العالم العربي».
ماذا عن نبوءة هنري كيسنجر؟
أكبر داعم «يهودي» لإسرائيل وأكثر الأميركيين اليهود نفوذاً وسطوة, ومؤسس نهج/مسار اتفاقيات كامب ديفيد وقبلها مفاوضات الكيلو 101هنري كيسنجر, فكان «تنبأ» في تشرين الأول عام 2012 بأنّه «بعد عشر سنوات لن تكون هناك إسرائيل».. وإذ أثارت تصريحاته ضجَّة في الأوساط اليهودية/والصهيونية داخل أميركا وخارجها، فإنّه حاول جاهداً نفيها إلّا أنّ الصحيفة الأميركية التي نقلت نبوءته (نيويورك بوست), عادت وأكّدت صحة ودقة العبارة التي نقلتها على لسان مُنظر ومهندس السياسة الأميركية الداعمة بلا تحفّظ لإسرائيل وسياساتها التوسعية/العد?انية منذ سبعينيات القرن الماضي حتى الآن.
فلماذا «استفاق» المعلقون «العرب» على تحذيرات باراك ومخاوفه؟
للحديث صِلة.
kharroub@jpf.com.jo
مدار الساعة ـ نشر في 2022/05/10 الساعة 00:43