تفادي تأثير الرفع المتكرر للفائدة بنصائح وحلول للمواطن والحكومة

م. مهند عباس حدادين
مدار الساعة ـ نشر في 2022/05/07 الساعة 21:06

لا أحد يُنكر أن الإقتصاد العالمي يمر بأصعب فترة منذ 4 عقود نتيجة عدة أسباب منها رئيسية كجائحة كورورناوالحرب الروسية الأوكرنية, وأخرى ثانوية أثر على بعضها السببان السابقان وهي:

1)ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأُخرى نتيجة:

- الزيادة في عدد سكان العالم أدى إلى زيادة الطلب على المواد الغذائية والسلع.

- قلة الإنتاج الزراعي للغذاء بسبب التغّير المناخي وقلة المساحات المزروعة وتأثر التربة وإنخفاض جودتها.

- تعطل سلاسل الإمداد لنحو 20% من السلع الغذائية الأساسية بسبب الحرب الروسية-الأوكرانية, وسلاسل إمداد أخرى للسلع والغذاء بسبب الإغلاقات في الصين نتيجة إستمرار جائحة كورونا.

- ارتفاع أسعار الشحن العالمي.

- إرتفاع أسعار الطاقة.

- إرتفاع أسعار المواد الأولية .

2) زيادة البطالة بسبب الجائحة أدى إلى فقدان ملايين من الوظائف عبر العالم.

إن إجتماع الأسباب المباشرة مع الأسباب الغير مباشرة بتقديري أدى إلى تفاقم الوضع الإقتصادي العالمي بطريقة صعبة ومعقدة للغاية مما أدى إلى ارتفاع نسبة التضخم في كل دول العالم وهذا من الممكن أن يقود إلى ركود عالمي خانق أو ما يعُرَف بالركود التضخمي ومؤشراته بدت جلّية على معظم دول العالم من الإقتصادات القوية إلى الإقتصادات الناشئة إنتهاءاً بدول العالم الثالث وخصوصاً أن هناك حالة نمو إقتصادي ضعيف وبطالة عالية وإرتفاع بالأسعار وزيادة مضطردة على أسعار الطاقة,مما حذا بصنّاع السياسة في الإعتراف بالدور الأساسي للسياسة النقدية في محاولة السيطرة على التضخم فأسرع مجلس الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) إلى وضع خطة فورية تتضمن رفع سعر الفائدة على الدولار للمرة الثانية هذا العام بواقع 50 نقطة أساس في أكبر زيادة خلال 22 عاماً بعد أن قام برفعها قبل شهرين 25 نقطة أساس (ماية نقطة أساس=1%), ومن المتوقع أن تتوالى عملية الرفع ليصل سعر الفائدة قرابة 5% مع نهاية هذا العام وذلك على أمل أن يتراجع الطلب على الإقراض على مستوى الأفراد والشركات والأعمال ويقل الإنفاق والطلب على السلع الإستهلاكية بشتى أنواعها مما يكبح جماح إرتفاع الأسعار وتتم السيطرة على التضخم فينخفض.

وإننا في الأردن ورغم أن هذه المتغيرات سيكون لها بعض من هذا التأثير علينا بسبب :

1) إرتباط الدينار بالدولار لما له تأثير على الدين الخارجي وخدمة الدين (الدين نهاية عام 2021 أصبح 48.3 مليار دولار).

2) فاتورة الأردن الغذائية من الخارج تبلغ 4 مليار دولار سنوياً.

3) الأردن يستورد من الطاقة ما مجموعه 95% من استهلاكه من الخارج.

إلا أن حصافة السياسة النقدية الأردنية والمتمثلة بالبنك المركزي أرادت أن يبقى الدينار جاذب للإستثمارات حيث حافضت عليه في السابق من أي تقلبات, فقد إرتأت هذه المرة أن ترفع الفائدة على الدينار بمقدار 0.5 % بعد أن إمتنعت في المرة السابقة عن الزيادة والبالغة 0.25 % لما تقتضيه المصلحة العُليا لخلق الإتزان الذي من شأنه التخفيف من أي تأثير يتعرض له الإقتصاد الأردني جراء ضبابية الإقتصاد العالمي.

لذلك إقترحت بعض من الإجراءات والمبادرات والحلول التي يجب القيام بها من قبل الحكومة والنصائح للمواطن للتقليل من تأثير الأزمة الإقتصادية:

1) مراجعة الميزان التجاري مع الدول وضبط ومراقبة المستوردات من الخارج .

2) ضبط النفقات الحكومية ودمج الهيئات ذات التخصص مع الوزارات المختصة.

3) الإسراع بطرح أهم ثلاثة مشاريع إستثمارية للبلد وهي:

- المدينة الجديدة الذكية الموفرة للطاقة وللخدمات اللوجستية والتخفيف من الإزدحام المروري الخانق لتكون على حدود العاصمة لنقل جميع الدوائر والمؤسسات الحكومية لها.

- مشروع ناقل البحرين الذي يوفر 300 مليون متر مكعب من المياه الصالحة للشُرب لأقاليم الوسط والشمال, إضافة إلى إستبدال الخطوط القديمة التي يصل نسبة الفاقد فيها إلى النصف .

- مشاريع الطاقة المتنوعة (توليد الطاقة النظيفة والتنقيب عن النفط والمعادن)

وجميع هذه المشاريع يجب أن تُنَفَذ بطريقة BOT بأسرع وقت ممكن.

4) مراجعة وتوحيد جميع الضرائب وخصوصاً على السلع من مشتريات وخدمات لتكون تصاعدية حسب دخل الفرد للتخفيف

عل الطبقة الفقيرة والوسطى.

5) رفع سقف الإعفاء على الضرائب للأفراد والأُسر.

6) عمل حزمة شهرية مدعومة من المواد الغذائية للطبقة الفقيرة والوسطى عن طريق المؤسستين العسكرية والمدنية لكبح جماح الإرتفاع بالأسعار.

7) تشجيع الإستثمار المحلي بتقديم قروض للمستثمرين المحليين بفائدة تشجيعية وبفترة سماح.

8) التركيز على دعم الرياديين والمبدعين والشركات التكنولوجية والانتهاء من التحول الرقمي والإسراع بالتطبيقات التكنولوجية الحديثة ليساهموا في إنقاذ الإقتصاد.

9) إعادة تأهيل أصحاب المهن الخدماتية الفنية وتصنيفهم لتقديم أفضل الخدمات للمواطن وبأسعار تناسب الخدمة المقدمة له.

10) مخاطبة دول الخليج لزيادة أستقدام العمالة الأردنيين من العاطلين عن العمل بعد تأهيلهم بخطة تشمل الجميع.

11) حل مشكلة اللاجئين السوريين بشكل جذري.

12) التقليل من العمالة الوافدة قدر الإمكان بشتى أنواعها وإختصاصاتها ووضع شروط قاسية على إستقدامها وإتاحة المجال لتشغيل العاطلين عن العمل من أبناء الوطن.

13) على المواطن ترشيد الإستهلاك من طاقة وماء ومشتريات والتخلي عن بعض العادات الإجتماعية المسرفة وخصوصاً أن البعض منا قد تخلى عنها أثناء جائحة كورونا.

14) المقترضين من البنوك من الطبقة الفقيرة والوسطى سيرتفع عليهم قسط سداد الدين المتغيّر, وأنصحهم بالإسراع بسداد القروض وعدم التأجيل قدر الإمكان إضافة الى سداد الأرصدة المتراكمة على البطاقات الإئتمانية ,ومن يفكر بالإقتراض منهم للحاجات الضرورية كشراء منزل أو تعليم أو... عليه إختيار البنك الذي يقدم خدمة دين وفوائد متدنية وأن يلجأ للقروض عند الضرورة وبما يتناسب مع دخله وأن لا يقوم بعمليات شراء أو توسعة أو تحديث غير ضروري لمنزله أو إستبدال سيارته.

15) على البنوك أن تحصل على عروض منافسة جداً من خلال التعاقد مع شركات ومؤسسات لبيع الشقق والسيارات والأجهزة الكهربائية ومواد البناء وغيرها وذلك للتوصل معهم إلى تمويل مقبول وبأسعار تفضيلية للمواطن لتمويل قرضه لهذه الغايات.

16) أن يكون في كل فرع من أفرع البنوك موظفين ذو خبرة فنية لمناقشة المواطن ونصحه عند طلب القرض وذلك بدراسة الجدوى الإقتصادية المفيدة له لغرض طلب القرض وتقديم ما يتناسب مع دخله أو دخل أسرته وعدم توريطه بقروض وأقساط سيتعثر في سدادها, لا نريد من البنك أن يمنح القرض فقط إذا ضمن قيمة الرهن المساوية للقرض أو تزيد عنه لأنه في النهاية سيتأثر البنك والمواطن إذا تعثر السداد.

17) التوجه لزراعة المحاصيل الزراعية الغذائية لتقليل فاتورة الإستيراد الخارجي والإعتماد على الذات في إنتاجها ,وإدخال التكنولوجيا الحديثة في زراعتها لزيادة الإنتاجية.

18) التوجه للتعليم التقني والمهني بعد تطويره ورقمنته وإعادة النظر بالتأهيل العلمي والمناهج للمدارس والجامعات.

19) التركيز على السياحة بشتى أنواعها (العلاجية والدينية والأثرية تاريخية وتراثية)ودعمها وعمل عروض كاملة Packages للسائح الأجنبي والعربي قبل زيارة البلد لتشمل 3 أنواع من ناحية التكلفة وكذلك من ناحية نوع السياحة التي يقصدها في الأردن لإستقطاب جميع الطبقات الإجتماعية ومحاولة عمل بطاقة مدفوعة الثمن بالتعاون مع البنوك الأردنية لإستخدامها داخل الأردن في الفنادق والمستشفيات والعيادات والمطاعم والمرافىء السياحية والمولات الرئيسية ومحلات بيع الصناعات السياحية كي لا يقع السائح فريسة للإستغلال ولضمان قيام السائح بالصرف اللازم أثناء مكوثه بالبلد.

20) تشجيع السياحة الإستثمارية كمفهوم جديد من خلال استقطاب المستثمرين ورجال الأعمال من الخارج بطريقة مباشرة عن طريق دعوات شخصية لهم أو غير مباشرة بعقد ورشات عمل ومؤتمرات وتنظيم نشاطات سنوية, والقيام بتعريفهم بالأردن من خلال عمل زيارات مبرمجة لهم على المواقع الإستثمارية والسياحية المتنوعة في الأردن.

21) إنشاء مواقع إلكترونية للمحافظات تحتوي على المواقع السياحية والعلاجية والدينية والوصف التاريخي والديني والطبي لها جميعاً مع خرائط للوصول لها ليتمكن السائح من مشاهدتها والحجز المبكر في بلده ولتعزيز الترويج لها في الخارج.

22) أن يتمتع سُفرائنا في الخارج بخبرة إقتصادية واستثمارية ليدركوا قيمة ما يقدموه مما يزيد من فرص جلب الإستثمارات للبلد والترويج لها وأن يجلبوا الإستثمارات ويشجعوا السياحة(العلاجية والدينية والأثرية تاريخية وتراثية واستثمارية) ويسوّقوا لصادراتنا ومنتجاتنا وذلك بالتواصل مع القطاع الخاص والعام في تلك الدول ويقوموا بعقد اجتماعات وورشات عمل وندوات ومؤتمرات في السفارة مع المستثمرين وحضور المؤتمرات والاجتماعات التي تدعم الترويج للأردن ,لا نريد أن نسمع نشاط السفير فقط عند حصول الكوارث أو الحروب في الدولة التي يخدم فيها لا قدر الله وذلك بإجلاء رعايانا على العودة الآمنة الى الوطن.

23) التواصل بالخارج مع أفراد جالياتنا التي أسست شركات ناجحة ولها إستثماراتها بالخارج عن طريق تأسيس رابطة تخدم الأهداف الإقتصادية للبلد وعمل مؤتمر سنوي خاص للمغتربين الأردنيين في الأردن.

24)إختيار أصحاب الكفاءات لإدارة المرحلة المقبلة الصعبة من وزراء وأمناء عامين ورؤساء هيئات.

هذه بعض النصائح والمقترحات لحلول إقتصادية تساعد الحكومة في المرحلة المقبلة وتسهل على المواطن وتُنعش إقتصادنا وإننا على ثقة بأن قيادتنا الهاشمية الفذة تواصل الليل بالنهار من أجل حياة كريمة للمواطن الأردني .

وكلنا أمل ان يتم التصحيح العالمي والتوازن والإرتداد الإقتصادي بأسرع وقت ممكن وخصوصاً إذا تم التوصل لحلول سياسية للأزمات العالمية العالقة والتي لها تأثير مباشر على الإقتصاد العالمي, وبالتالي سينهض الإقتصاد العالمي من جديد بعد هذه الأزمات ومن بينها إقتصادنا وكلنا أمل بأن تمر سريعاً على الجميع.

م.مهند عباس حدادين

رئيس مجلس إدارة شركة جوبكينز الأمريكية

مستشار مجموعة DDL الأمريكية-CDAG

mhaddadin@jobkins.com

مدار الساعة ـ نشر في 2022/05/07 الساعة 21:06