أ.د. بلال ابوالهدى خماش
لقد وضحنا في مقالتنا التي سبقت هذه المقالة تحت عنوان " تَفْضِيْل اَلْرُسُل وَاَلْأَنْبِيَاء وَبَنِي آدَم بَعْضَهُم عَلَى بَعْضٍ " وقد ايدنا ما ورد في تلك المقالة بآيات من القرآن الكريم وبالترتيب، البقرة: 253، الأنعام: ،165 والإسراء: 55. فسيدنا موسى عليه السلام أفاد قومه عندما كلَّمه الله وأعطاه الوصايا العشر والآيات التسع ومنها عصاه، وأفاد قومه وبالخصوص السحرة عندما آمنوا بالله وإنتقلوا من الكفر للإيمان. وسيدنا عيسى عليه السلام أيده الله بروح القدس (جبريل عليه السلام)، أفاد قومه بأن أبرأ الأكمه والأبرص والأعمى بإذن الله . . . إلخ، وكذلك سيدنا داوود عليه السلام آتاه الله الزبور ويحتوي الزّبور على مئةٍ وخمسين سورة، وكلّها مواعظ له ولقومه وثناءٌ على الله ومنها (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (الأنبياء: 105)). وأما بالنسبة لآدم وذريته فجعلهم الله خلائف له في الأرض ورفع بعضهم فوق بعض درجات في الصفات الخَلْقِيَةِ والخُلُقِيَة والقدرات والإمكانات . . . إلخ وخص بهذا التفضيل أول خلقة وهم بني إسرائيل. ولكن هذا التفضيل كان وما زال وسيبقى إبتلاءً وامتحاناً لهم فيما إذا إستخدموه في ما يرضي الله عنهم أي في تطبيق أوامره واجتناب نواهيه ليجزيهم خير الدنيا والآخرة، أو في غير ذلك من مغريات الدنيا لإرضاء رغباتهم وشهواتهم ويعذبهم في الدنيا والآخرة. فبيت القصيد في هذه المقالة هو أن أصحاب التخصصات المختلفة من أطباء وصيادلة ومهندسين وأصحاب مهن حرفية وتقنية وتكنولوجية… إلخ، مَيَّزَهُم الله عن بعضهم البعض بما أعطاهم من فروقات كما أسلفنا ليستخدموها لفائدة البشر وليس لإستغلالهم أو إلحاق الأضرار بهم.
فمثلاً نجد الطبيب البارع في مهنته والذي يستمر في متابعة التقدم العلمي والتقني في الطب أولاً بأول ويحضر المؤتمرات العلمية الطبية ويعمل وينشر الأبحاث ويستخدم كل حديث في مهنته ووصفه لعلاجاته لمرضاه. ومنهم من يحصل على الشهادة في الطب ويُعَلِقُهَا في مكتبه ويكون همه وهم أهله الذين أجبروه على دراسة الطب الوحيد المادة، كم مريضا راجعا؟ وكم كشفية جَمَّع آخر الدوام؟، أي أصبحت المهن الطبية عند البعض مهنا تجارية ومادية قبل أن تكون إنسانية بالدرجة الأولى. ولقد سمعنا عن أخطاء فظيعة وكثيرة لأطباء مختصين ممن لم يعطوا المريض الوقت الكافي في الفحص والتشخيص ودراسة الحاله المرضية سابقاً وحاضراً، وأسرعوا في وصف العلاج بشكل غيردقيق لمرضاهم وألحقو بهم أضرار فادحه، لأن تركيزهم على المادة فقط وليس صحة مرضاهم. وقس على ذلك في بقية التخصصات من المهندسين المعماريين والصيادلة . . . إلخ البارعين وغير البارعين. ولهذا فنجد في الدول الغربية القانون يطبق على الجميع ولا أحد فوق القانون ولا يستطيع أحد أن يتواسط لدى القضاة للتدخل في حكمهم في أي قضية تعرض عليهم. ونجد الكل ملتزما مخافة من القانون. وليس من الله.
ومن الأجدر بنا نحن المسلمين أن نخشى الله قبل القانون في التعامل مع غيرنا من الناس، ولكن إذا كانت مخافة الله عند المختصين منَّا والذين مَيَّزَهُم الله عن غيرهم غير موجوده أو ربما منعدمه عند أغلبهم. فالمسؤولون مطالبون في تطبيق القوانين بحذافيرها من قبل السلطتين القضائية والتنفيذية على المخالفين لها لعلهم يرتدعون نوعاً ما كأصحاب الإختصاص في الدول الأجنبية المرموقة.