في لبنان.. كلفة ذهاب الموظفين إلى أماكن عملهم تفوق رواتبهم
مدار الساعة -يحتفل العالم في الأول من مايو من كل عام بعيد العمال، وفي لبنان يحل العيد على وقع أسوأ أزمة اقتصادية تمر بها البلاد للعام الثالث على التوالي، إذ باتت الليرة اللبنانية من العملات الأسوأ أداءً في العام، مع فقدانها نحو 90 في المئة من قيمتها حتى الساعة.
“معاشات بلا قيمة”.. هكذا يجيب فادي، وهو موظف في القطاع العام، ويضيف متسائلاً: “لماذا أذهب إلى العمل والكلفة التي أدفعها للوصول والعودة من العمل تفوق راتبي الشهري بكثير”.
أما هنادي، وهي أيضاً موظفة في القطاع العام فتقول: “في حال ذهبت للعمل قد لا أتمكن من القيام بواجباتي تجاه المواطنين بسبب انقطاع الكهرباء الدائم، وفقدان العديد من الأدوات والقرطاسية التي احتاجها لإتمام عملي”، مشيرة إلى أن هذا الأمر دفع إدارتها إلى الإقفال القسري.
وتستغرب هنادي قيام الحكومة اللبنانية بمنح الموظفين يوم عطلة رسمية بمناسبة عيد العمال، وقالت متأسفة: “لا عمل لا خلال عيد العمال ولا بعده”.
رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، قال في تصريحات صحفية، إنه في ظل الأوضاع الحالية لا قدرة لموظفي القطاع العام والخاص على الذهاب إلى أعمالهم بشكل يومي، واصفاً الوضع بـ”المأساوي”، والذي لا قدرة لأحد على الصمود والاستمرار به.
ولفت الأسمر إلى أن جزءاً كبيراً من موظفي القطاع العام يأتون إلى أعمالهم مرتين أو 3 مرات كحد أقصى في الأسبوع، حيث إن نسبة تقديم الخدمات في بعض الوزارات ضئيلة جداً، كما أن عدداً من مؤسسات الدولة متوقفة عن العمل.
ويضيف الأسمر، أن الدولة لجأت منذ عدة أشهر إلى منح موظفي القطاع العام ما يُسمى بـ”مساعدات اجتماعية”، كما تم رفع بدل النقل اليومي لموظفي القطاع العام والخاص من 24 ألف ليرة إلى 64 الف ليرة لبنانية، إلا أن حتى هذه المساعدات لم تعد تفي بالغرض مع ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، ومع وصول أسعار المحروقات إلى مبالغ مرتفعة، مشيراً إلى أنه تم إبلاغ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بضرورة رفع بدل النقل مجدداً.
وكشف الأسمر أن عدد العمال والموظفين في لبنان يناهز المليون عامل حالياً بين قطاع عام وخاص، مشيراً إلى أنه مهما منحت قسماً كبيراً من هؤلاء، فإنه لم يعد لديهم القدرة للذهاب للعمل يومياً، خصوصاً مع غياب وسائل النقل العام، معربا عن أمله أن تكون الانتخابات النيابية المقبلة المزمع إجراؤها بعد أسبوعين نقطة تحول بالنسبة للبنان وعماله.
من جهته يرى مدير المعهد اللبناني لدراسات السوق باتريك مارديني، أنه مع انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية بات هناك تآكلاً كبيراً في الرواتب، مما تسبب بانهيار القدرة الشرائية للمواطن، وارتفاع نسبة الفقر بشكل كبير.
ويلفت مارديني إلى أن مبدأ المساعدات الاجتماعية ليس حلاً يُعمل به، خصوصاً أنه يتم تمويل هذه المساعدات عن طريق طباعة الليرة، مما يعني في نهاية الأمر انهيارا أكبر من السابق.
ويرى مارديني أن الحل الأول للإنقاذ هو عن طريق إنشاء مجلس نقد تكون مهمته الأولى، وقف انهيار الليرة وتثبيتها ليتم لاحقاً رفع الرواتب.