صلاة الاستخارة .. كيفيتها وأوقاتها المستحبة ودعاؤها وماذا نقرأ فيها.. ومتى يحتاج الإنسان إلى صلاة الاستخارة؟

مدار الساعة ـ نشر في 2022/05/01 الساعة 04:46

مدار الساعة - د. إسلام عوض - كثيرًا ما يحتار الإنسان في بعض أمور الدنيا؛ كأن يقبل بأمر ما أم يرفضه، أو يحتار في الاختيار بين شيئين ولا يعلم أيهما خير له.. ولذلك علمنا رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم علمنا صلاة الاستخارة.

والاسْتِخَارَةُ هي طلب الخيرة في شيء، أي طلب خير الأمرين لمن احتاج إلى أحدهما. «ابن حجر: فتح الباري في شرح صحيح البخاري».
حكم صلاة الاستخارة:

أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الاسْتِخَارَةَ سُنَّةٌ، وَدَلِيلُ مَشْرُوعِيَّتِهَا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ» الحديث

متى يحتاج الإنسان إلى صلاة الاستخارة؟

إذا تعرض أحدنا لأمور يتحير منها وتتشكل عليه، يحتاج للجوء إلى خالق رب السموات والأرض وخالق الناس، يسأله رافعاً يديه داعياً مستخيراً بالدعاء، راجياً الصواب في الطلب، فإنه أدعى للطمأنينة وراحة البال، فعندما يقدم على عمل ما كشراء سيارة، أو يريد الزواج أو يعمل في وظيفة معينة أو يريد سفراً فإنه يستخير له.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: ما ندم من استخار الخالق، وشاور المخلوقين، وثبت في أمره، وقد قال سبحانه وتعالى: «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ» سورة آل عمرا ن: 159، وقال قتادة: ما تشاور قوم يبتغون وجه الله إلا هدوا إلى أرشد أمرهم.

قال النووي رحمه الله تعالى: في باب الاستخارة والمشاورة:

والاستخارة مع الله، والمشاورة مع أهل الرأي والصلاح، وذلك أن الإنسان عنده قصور أو تقصير، والإنسان خلق ضعيفاً، فقد تشكل عليه الأمور، وقد يتردد فيها فماذا يصنع؟
دعاء صلاة الاستخارة

عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ يَقُولُ: إذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ:

«اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ..

اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ (هنا تسمي حاجتك) خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ..

اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ (هنا تسمي حاجتك) شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ ارْضِنِي بِهِ. (وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ)

وَفِي رواية « ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ 1166.
كيفية صلاة الاستخارة

1 - تتوضأ وضوءك للصلاة.

-2 النية.. لابد من النية لصلاة الاستخارة قبل الشروع فيها.

-3 تصلي ركعتين.. والسنة أن تقرأ بالركعة الأولى بعد الفاتحة بسورة «قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ»، وفي الركعة الثانية بعد الفاتحة بسورة «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ».

-4 في آخر الصلاة تسلم.

-5 بعد السلام من الصلاة ترفع يديك متضرعا ً إلى الله ومستحضرا ً عظمته وقدرته ومتدبرا ً بالدعاء.

-6 في أول الدعاء تحمد وتثني على الله عز وجل بالدعاء.. ثم تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، والأفضل الصلاة الإبراهيمية التي تقال بالتشهد.

«اللّهُمَّ صَلّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحمَّدٍ كمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبراهيم وَعَلَى آلِ إبْرَاهيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحمَّدٍ وعَلَى آلِ مُحمَّدٍ كمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهيمَ في العالمينَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ » أو بأي صيغة تحفظ.

-7 تم تقرأ دعاء الاستخارة: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ.. إلى آخر الدعاء.

-8 وإذا وصلت عند قول: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ.. هنا تسمي الشيء المراد له

مثال: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ «سفري إلى بلد كذا أو شراء سيارة كذا أو الزواج من بنت فلان ابن فلان أو غيرها من الأمور، ثم تكمل الدعاء وتقول: خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ.

تقولها مرتين.. مرة بالخير ومرة بالشر كما بالشق الثاني من الدعاء: وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ «سفري إلى بلد كذا أو شراء سيارة كذا أو الزواج من بنت فلان ابن فلان أو غيرها من الأمور»، ثم تكمل الدعاء وتقول: شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي.. إلى آخر الدعاء.

-9 ثم تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.. كما فعلت بالمرة الأولى الصلاة الإبراهيمية التي تقال بالتشهد.

-10 والآن انتهت صلاة الاستخارة.. تاركًا أمرك إلى الله متوكلًا عليه.. واسعى في طلبك ودعك من الأحلام أو الضيق الذي يصابك.. ولا تلتفت إلى هذه الأمور بشيء.. واسعى في أمرك إلى آخر ماتصل إليه.
ما الأوقات المستحبة لأداء صلاة الاستخارة؟

سؤال يسأله الكثيرون منا عندما يكون هناك أمر ما يشغلنا أو تنتابنا الحيرة في الاختيار بين أمرين أيهما أفضل؛ سواء كان زواجًا أو عملاً أو شيئًا في حياتنا الدنيوية، ولكن متى نؤدي تلك الصلاة حتى يستجيب لنا رب العزة سبحانه وتعالى، ويهدينا ويرشدنا إلى الصواب، ويتحقق ما نرجوه بعد أدائها؟!

يؤكد الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن أنسب وقت لصلاة الاستخارة هو الثلث الأخير من الليل؛ أي قبل صلاة الفجر؛ لأن في هذا الوقت ينزل رب العزة سبحانه وتعالى للسماء الدنيا، ويقول سبحانه: هل من داع فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من كذا.. هل من كذا.. حتى يطلع الفجر.
أمور يجب مراعاتها في صلاة الاستخارة:

-1 عود نفسك الاستخارة في أي أمر مهما كان صغيراً.

-2 أيقن بأن الله تعالى سيوفقك لما هو خير، واجمع قلبك أثناء الدعاء وتدبره وافهم معانيه العظيمة.

-3 لا يصح أن تستخير بعد الفريضة، بل لابد من ركعتين خاصة بالاستخارة.

-4 إن أردت أن تستخير بعد سنة راتبة أو صلاة ضحى أو غيرها من النوافل، فيجوز بشرط أن تنوي الاستخارة قبل الدخول في الصلاة، أما إذا أحرمت بالصلاة فيها ولم تنوِ الاستخارة فلا تجزئ.

-5 إذا احتجت إلى الاستخارة في وقت نهي «أي الأوقات المنهي الصلاة فيها)، فاصبر حتى تحلَّ الصلاة، فإن كان الأمر الذي تستخير له يفوت فصلِّ في وقت النهي واستخر.

-6 إذا منعك مانع من الصلاة - كالحيض للمرأة - فانتظر حتى يزول المانع، فإن كان الأمر الذي تستخير له يفوت وضروري، فاستخر بالدعاء دون الصلاة.

-7 إذا كنت لا تحفظ دعاء الاستخارة فاقرأه من ورقة أو كتاب، والأولى أن تحفظه.

-8 يجوز أن تجعل دعاء الاستخارة قبل السلام من الصلاة - أي بعد التشهد - كما يجوز أن تجعله بعد السلام من الصلاة.

-9 إذا استخرت فأقدم على ما أردت فعله واستمر فيه، ولا تنتظر رؤيا في المنام أو شي من ذلك.

-10 إذا لم يتبين لك الأصلح فيجوز أن تكرر الاستخارة.

-11 لا تزد على هذا الدعاء شيئاً، ولا تنقص منه شيئاً، وقف عند حدود النص.

-12 لا تجعل هواك حاكماً عليك فيما تختاره، فلعل الأصلح لك في مخالفة ما تهوى نفسك «كالزواج من بنت معينه أو شراء سيارة معينه ترغبها أو غير ذلك) بل ينبغي للمستخير ترك اختياره رأسا وإلا فلا يكون مستخيرا لله، بل يكون غير صادق في طلب الخيرة

-13 لا تنس أن تستشير أولي الحكمة والصلاح واجمع بين الاستخارة والاستشارة.

-14 لا يستخير أحد عن أحد، ولكن ممكن جدًا أن تدعو الأم لابنها أو ابنتها أن يختار الله لها الخير، في أي وقت وفي الصلاة.. في موضعين:

الأول: في السجود.

الثاني: بعد الفراغ من التشهد والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم بالصيغة الإبراهيمية

- 15إذا شك في أنه نوى للاستخارة وشرع في الصلاة ثم تيقن وهو في الصلاة فينويها نافلة مطلقة، ثم يأتي بصلاة جديدة للاستخارة

- 16إذا تعددت الأشياء فهل تكفي فيها استخارة واحدة أو لكل واحدة استخارة ؟ الجواب: الأولى والأفضل لكل واحدة استخارة وإن جمعها فلا بأس.

-17 لا استخارة في المكروهات من باب أولى المحرمات.

-18 لايجوز الاستخارة بالمسبحة أو القرآن، وإنما تكون الاستخارة بالطريقة المشروعة بالصلاة والدعاء.

فائدة صلاة الاستخارة

قال عبد الله بن عمر: «إن الرجل ليستخير الله فيختار له، فيسخط على ربه، فلا يلبث أن ينظر في العاقبة فإذا هو قد خار له».

وفي المسند من حديث سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «من سعادة ابن آدم استخارته الله تعالى، ومن سعادة ابن آدم رضاه بما قضاه الله، ومن شقوة ابن آدم تركه استخارة الله عز وجل، ومن شقوة ابن آدم سخطه بما قضى الله».

قال ابن القيم فالمقدور يكتنفه أمران: الاستخارة قبله، والرضا بعده.

وقال عمر بن الخطاب: لا أبالي أصبحت على ما أحب أو على ما أكره، لأني لا أدري الخير فيما أحب أو فيما أكره.

فيا أيها العبد المسلم لا تكره النقمات الواقعة والبلايا الحادثة، فلرُب أمر تكرهه فيه نجاتك، ولرب أمر تؤثره فيه عطبك.

قال سبحانه وتعالى: «وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ»، سورة البقرة: 216.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ما ندم من استخار الخالق، وشاور المخلوقين، وثبت في أمره».

الفرق بين الاستخارة والمشورة

الطريق الأول: استخارة رب العالمين عز وجل الذي يعلم ما كان وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون، وذلك عن طريق صلاة الاستخارة.

الطريق الثاني: استشارة أهل الرأي والصلاح والأمانة، قال سبحانه وتعالى: «وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْر» وهذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، وقال سبحانه وتعالى: «فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ»، سورة آل عمرا ن: 159.

كان النبي صلى الله عليه وسلم هو أسدُ الناس رأياً وأصوبهم صواباً، يستشير أصحابه في بعض الأمور التي تشكل عليه، وكذلك خلفاؤه من بعده كانوا يستشيرون أهل الرأي والصلاح. الاهرام

مدار الساعة ـ نشر في 2022/05/01 الساعة 04:46