لم نشارك في اجتماعات المانيا

فايز الفايز
مدار الساعة ـ نشر في 2022/05/01 الساعة 02:23

من المفهوم أن تكون لكل دولة رأيها في ما يتعلق بالحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا التي باتت على مشارف انتهائها نظريا بعد ثلاثة أشهر من الصراع، وفيما تشكلت كتلة أوروبية أميركية بريطانية داعمة لأوكرانيا من خلال تزويدها بالأسلحة والمعدات ومليارات الدولارات الأميركية، فإن أي دولة من تلك الدول لم تتدخل في الحرب علنا، وأي مقاربة لدخول دول عربية في الحلف الغربي ضد روسيا لن يكون ذا تأثير على مجريات الصراع، ولكن هناك من تستهويه أحلام الزج بدولة كالأردن لا ناقة لها ولا جمل في تلك الحرب، وهي التي أعلنت موقفها مبكرا من?الأزمة.

في الأخبار السابقة، دعا وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن نحو 40 دولة للمشاركة في مؤتمر حول الحرب في أوكرانيا عقد يوم الثلاثاء 26 نيسان 2022 في قاعدة (رامشتاين) الجوية الأميركية في ألمانيا، وذلك لمساعدة أوكرانيا وتأليف حلف لإمدادها بالسلاح، في المقابل حذرت موسكو من خطر «حقيقي» لنشوب حرب عالمية ثالثة إذا ما أدخلت الدول العظمى أقدامها على الأرض.

إحدى وسائل الإعلام المعربة، ذكرت أن الأردن شارك في المؤتمر حسب مصادرها، ورغم وجود حديث عن مشاركة عربية متواضعة، فإن الأردن وبشكل رسمي نفى أي مشاركة له في ذلك المؤتمر، ولكن بطبيعة الإسناد الإعلامي الذي تتخذ الولايات المتحدة منه هدفا في الحرب النفسية، والضخ المتواصل عبر وسائل التلفزة العربية والغربية في تغطية ضارية قد لا تقترب من الموضوعية، خصوصا عن الجانب الروسي، فإن هناك من الإدارات الحكومية على ما يبدو تريد أن يكون الأردن شريكا محتملا في الحملة لنصرة أوكرانيا واستعداء روسيا بتبريرات غير منطقية.

العلاقة ما بين الأردن وروسيا اقتربت كثيرا إلى حدود التفاهمات على الأرض السورية وتلك مصلحة مهمة جدا لعمان خلال الصراع في سوريا عبر سنوات مضت، ومن الواضح للجميع أن موسكو تتحكم الى مدى بعيد بالحركة العسكرية على الأراضي السورية، وهي التزمت بدور الشرطة العسكرية التي نشرت قواتها في الجنوب السوري لحماية طرق المرور، ودفع قوات المليشيا والجماعات الوافدة، وهذا ما كان يتكئ عليه الأردن لخفض التصعيد في الجبهة الجنوبية سابقا، وتأسيس مرحلة جديدة في العلاقة مع دمشق بضمانات روسية، قبل أن يخفت وهج التوقعات لعودة الحياة بين ?مان ودمشق، خصوصا بعد السماح للرئيس الأسد الخروج لزيارة يتيمة لدولة عربية لم تخرج بعدها أي معلومات.

ورغم نفي مصدر مأذون في الديوان الملكي عما أشيع عن انضمام عمان لمؤتمر (رامشتاين) فإن القصة لم تتوقف الى ذلك الحد، فتم استغلال التعليق الرسمي ولي الحقائق لتكون معززة للرواية التي يريد البعض تأكيدها عبثا، كنا المثل القائل «عنزة ولو طارت»، فقد لجأت الى أخذ اقتباس من مسؤول للحديث عن القدرات الأردنية في تصنيع الأسلحة المضادة للدبابات، وهو بالطبع، أعني المصدر، قد لا يدري أن حديثه سيكون مؤشرا على إمكانية تزويد الأردن لطرف ما في الحرب، وهذا ما يشي به تأويل الاقتباس المطلوب، فضلا عن رأي لاستاذ جامعي ليس فيه أكثر من ?عادة مكررة عن الموقف الأردني غير المنحاز لأي من طرفي النزاع.

من هناك على ما يبدو أن مشاركة وزير الخارجية ايمن الصفدي في اجتماعات اللجنة وفد الجامعة العربية بداية شهر نيسان والذي ضم فضلا عن أمين عام الجامعة العربية احمد ابو الغيط، وزير خارجية مصر سامح شكري ووزراء خارجية الجزائر والسودان حيث عرضوا الوساطة في محادثات لوقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا، عقب لقائهم وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، ولم تتمخض المبادرة عن أي شيء يذكر، ولهذا بقي الأردن عالقا في مسألة علاقته بالولايات المتحدة حتى مع مشاركة وزير الخارجية الصفدي لجاهة إصلاح ذات البين الروسية الأوكرانية.

ما يهمنا فعلا في الأردن كدولة ليس لها ثأر مع أحد في دول العالم، أن نبقى على الحياد وهذا ما تعلنه الإدارة الأردنية دائما، حتى مع صراع الأشقاء المؤقت، فالملك عبدالله الثاني كان حريصا على نقل وجهة نظره أمامنا في كل اجتماعاته على أن تنتهي أي خلافات بينية بين دولنا العربية قبل أن تتدحرج الكرة أكثر، وحتى في الأزمة السورية كان حريصا على أن لا تدّول المسألة أكثر مما كانت عليه، و هذا ما ميّز الأردن تاريخيا في علاقاته مع الدول الشقيقة والصديقة.

إلى هنا نرى أن أي زج بالأردن في محاولة لإظهاره أنه منحاز لطرف ضد آخر ليس سوى هرّاء لا يستحق كل تلك الزوبعة، وأي شريك لنا في مصلحة الوطن والعلاقات المتوازنة مع جميع دول العالم، يجب عليه أن يفهم الظرف الذي يشتبك به الأردن على أعلى المستويات، مدعوما بالجبهة الوطنية مقابل التعنت والاستفزاز والجرائم ضد الفلسطينيين من قبل سلطات الاحتلال، وتدنيس المسجد الأقصى وباحاته وقبة الصخرة ومنع المصلين المسلمين والمسيحيين، واستخدام الأسلحة ضد المدنيين العزل، والذي ترتب عليه إظهار الأردن كملتف على ثوابته من القضية الفلسطينية?التي تأتي في أعلى سلم الأولويات في السياسة الخارجية.

نعم ليست حربنا في أي مكان في العالم، سوى دعم شعبنا العربي الفلسطيني الذي لم ير أي أحد يسانده في صراعه الدائم ضد الاحتلال الاسرائيلي، وأي غمز أو لمز من قناة الأردن ليس سوى محاولة لعرقلة جهوده واستعادة دوره لإسناد الأشقاء، خصوصا بعد أن كالت موسكو الصاع بالصاع للإدارة الصهيونية في تل أبيب بعدما تكشفت نواياها المتغطرسة كعادتها.

Royal430@hotmail.com

مدار الساعة ـ نشر في 2022/05/01 الساعة 02:23