مدينة ما بعد النفط.. قطر تستعد لرؤية 2030 في لوسيل
مدار الساعة -من بين رمال الساحل القطري، ترتفع الأشكال الشاهقة من الزجاج والصلب والخرسانة في لوسيل، وهي مدينة بُنيت بالكامل تقريباً من الصفر. هذه الحاضرة الفرعونية في حجمها وطموحها، والجاري إنشاؤها هي رؤية الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، والتي وُلدت جزئياً من الرغبة في تنويع الاقتصاد القطري وإبعاده عن الاعتماد على النفط.
وكانت هذه المدينة التي تموّلها الحكومة عن طريق شركة الديار القطرية للاستثمار العقاري، قد جرى تصورها للمرة الأولى عام 2005، لكنَّ التطوير بدأ بالفعل عندما أُعلن عن استضافة قطر لكأس العالم 2022، بحسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
درة تاج رؤية 2030
وتعد هذه المدينة أيضاً واسطة العقد في رؤية 2030 الحكومية لخطة التنمية المستدامة، مع مجموعة من المزايا بدءاً من خطط تصميم المواقع الطبيعية الحساسة للمياه إلى نظام تبريد مناطقي مصمم لتوفير 65 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً.
هذه المدينة واحدة من عدد من التطورات المصممة لتوقع الحاجة لإسكان عدد متزايد على نحو دراماتيكي من السكان؛ إذ ارتفع عدد سكان قطر بين عامَي 2004 و2010 بنسبة 125%، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الدفع من أجل جذب العمال الأجانب.
مدينة العيش الرغيد وفي متناول اليد
لا يزال القطريون يمثلون أقلية، فمن بين سكان البلاد البالغ عددهم 2.6 مليون نسمة، يبلغ عددهم حوالي 313 ألف نسمة. ويعود النمو السكاني الهائل إلى حد كبير للعمال القادمين من البلدان النامية مثل باكستان ونيبال وبنغلاديش، والذين يعملون بشكل رئيسي عمالاً يدويين لمشروعات البناء في البلاد، بما ذلك البنية التحتية الضرورية لتنظيم كأس العالم.
ويبدو أنَّ المدينة مصممة لإغراء المزيد من العمال من أصحاب المهارات العالية من الدول المتقدمة بوصفهم جزءاً من استعداد البلاد لعصر ما بعد النفط للعيش والسكن فيها.
مدينة للتنمية المستدامة
وتأمل الحكومة القطرية بأنَّ لوسيل سوف تجعل البلاد نموذجاً للشرق الأوسط من حيث الاستدامة والتنمية البشرية والاقتصاد والسياحة والرياضة. فعندما يستضيف ملعب المدينة الذي يتسع لـ80ألف مقعد المباراتين الافتتاحية والنهائية لكأس العالم لكرة القدم عام 2022، سوف تكون عيون العالم عليها.
ومع نمو المدينة، يحول تصميم المناظر الطبيعية المزيد والمزيد من رمال الصحراء إلى اللون الأخضر، ومع ذلك تجري استعادة المزيد من الأراضي من البحر للبناء عليها. وبينما أشاهد مدينة المستقبل هذه يجري تشييدها أمام ناظري، ينتابني شعور قوي للغاية بأنَّ أي شيء ممكن.