44 مليار دولار هل تذكرنا بشيء؟
مدار الساعة ـ نشر في 2022/04/28 الساعة 07:13
في بداية عهد الملك عبدالله الثاني من العام 2000 طرح الملك فكرة دخول الأردن سوق التكنولوجيا الرقمية، وضع الملك إطاراً لمستقبل التكنولوجيا والإعلام الذي من الممكن أن تستحوذ عليه هذه المملكة برؤيتها الجديدة.
كانت المسألة من أبسط ما يكون، تعزيز قدرات الشباب الواعد ودعم شركات تكنولوجية متواضعة، والتركيز على استقطاب شركات جديدة ترفد السوق الأردني، فضلا عن استقطاب محطات التلفزة العربية المنطلقة للتو في المدينة الإعلامية الواقعة، ولكن الحكومات التي جاءت في تلك الحقبة لم تكن على ذلك المستوى من العقلية التكنولوجية، بل تحمل ميراث «الأنالوج» والأبيض والأسود، وتلكأت حتى أماتت كل الفرص الممكنة.
في ذلك الزمن لم يكن هناك شيء اسمه فيسبوك ولا تويتر ولا فليكر، بل كانت شركات تكنولوجيا أميركية على الأغلب، كانت «ياهو» وكنت شخصيا مسجلا بريدي الإلكتروني الثاني فيه العام 1998، بعد بريدي الإلكتروني مع شركة «مكتوب» الأردنية الواعدة آنذاك و التي استحوذت عليها «ياهو» في العام 2009 لمنافسة جوجل التي تربعت على عرش التكنولوجيا وشركات البرمجة العالمية، ومنذ عام 2000 وانا امتلك بريداً الكترونياً من «هوتميل»، وكل هذه السنين ونحن لم نتعلم شيئا، لا نحن ولا حكوماتنا التي تصر على وزارات باسم تكنولوجيا المعلومات، وقد نسيت الحكومات أيضا مصطلح الحكومة الإلكترونية حتى قبل سنيات قليلة.
اليوم بات تطبيق تويتر مملوكا خالصا للملياردير «إلون ماسك» بعد صفقة شاقة انتزعها من ملّاكها الأوائل واصبح ماسك اليوم هو المالك الوحيد بعد أن جمع المليارات من جيبه وقروض بنكية وأسهم من شركة تيسلا التي يملكها، وفي نظرة الى الوراء غير البعيد نكتشف كم نحن خارج الخدمة محليا وعالميا، فقد كانت فكرة ابتكار تويتر مجرد رسم على ورقة ملاحظات وضعها «جاك دورسي» أحد الشركاء الأربعة وهو في عمر الثلاثين عاما، وأطرّ عليها رسما لما تخيله على انه نافذة يمكن استخدامها لإطلاق ما عرف لاحقاً بتغريدات تنافس تطبيق فيسبوك بما لا يتعدى مئة حرف، ووضع تحت النافذة ايقونة للبريد الالكتروني واسم المستخدم.
نعود الآن الى خيبتنا، فرغم بعض الشركات الأردنية الناجحة في مجال البرمجيات والتكنولوجيا، فإن هذا السوق قد تم تقييده لأسباب عديدة، ولو نظرنا الى الشركات العملاقة في الخليج العربي على الأقل سنجد شبابا أردنيين عباقرة يديرون الشركات هناك، وقد أسسوا تطبيقات عالية المستوى استحوذت عليها الحكومات هناك، وجعلت من الحياة ما لم نكن نظن أنهم سيفعلونها، فكل ما يتعلق بشؤون المواطنين والمقيمين هناك موجود في تطبيق واحد، من الحسابات البنكية حتى تجديد الإقامات ودفع المستحقات وتأشيرات الزيارة والخروج والكثير من الميزات التي ما زلنا نفتقدها.
وفي العودة الى مليارات السيد ماسك الأربعة والأربعين التي أنفقها على شراء تويتر، فنستعيد بذاكرتنا المديونية البالغة ستة مليارات التي كانت تقلقنا في ما مضى من سنوات سابقة، ولكن مع السنين العجاف التي أضاع المسؤولون فيها سنوات طويلة من الهدّر والهذر والتجارب المنحوسة والرأي الأوحد لكل من جاء وذهب بلا فائدة، نرى أن مديونيتنا تجاوزت صفقة تويتر وهي بالمناسبة قد تم تقييم محتواها من قبل شركة تحليلات أميركية متخصصة في سانت انطونيو وهاكم النتائج بعد تحليل القيمة المضافة لتغريدات تويتر، حيث جاءت النتائج كالتالي: الثرثرة أو الكلام غير المُفيد احتلّ الصدارة بنسبة بلغت تقريبًا 40%، المحادثات الشخصية جاءت في المرتبة الثانية بنسبة 38%، إعلانات جاءت ثالثة بنسبة 6%، رسائل البريد المزعجة حلت رابعة بنسبة 4%، وأخيرا الأخبار جاءت بنسبة 3.6%.
ترى لو بدأنا فعليا منذ عشرين عاما في ذلك السوق الجديد وكل مسؤولينا يعلمون أن العالم العربي قد تغير الى ما بعد الانطواء على الذات، وبعد حروب الخليج التي استنفذت مدخرات العقود الطويلة وحصار العراق ثم احتلاله بعد حرب آل بوش على الإرهاب في عدد من دول العرب وغيرهم، ماذا كنا الآن، والأسوأ ماذا سنكون بعد عقد من اليوم في ظل الانفجار السكاني وشح الموارد؟
أخيرا: هل يعلم جماعتنا أن مدير عام مبيعات شركة بوينج للطائرات العملاقة هو شاب أردني، فهل سأل أحد عنه من باب الفضول على الأقل.
كل عام وانتم بخير
Royal430@hotmail.com
كانت المسألة من أبسط ما يكون، تعزيز قدرات الشباب الواعد ودعم شركات تكنولوجية متواضعة، والتركيز على استقطاب شركات جديدة ترفد السوق الأردني، فضلا عن استقطاب محطات التلفزة العربية المنطلقة للتو في المدينة الإعلامية الواقعة، ولكن الحكومات التي جاءت في تلك الحقبة لم تكن على ذلك المستوى من العقلية التكنولوجية، بل تحمل ميراث «الأنالوج» والأبيض والأسود، وتلكأت حتى أماتت كل الفرص الممكنة.
في ذلك الزمن لم يكن هناك شيء اسمه فيسبوك ولا تويتر ولا فليكر، بل كانت شركات تكنولوجيا أميركية على الأغلب، كانت «ياهو» وكنت شخصيا مسجلا بريدي الإلكتروني الثاني فيه العام 1998، بعد بريدي الإلكتروني مع شركة «مكتوب» الأردنية الواعدة آنذاك و التي استحوذت عليها «ياهو» في العام 2009 لمنافسة جوجل التي تربعت على عرش التكنولوجيا وشركات البرمجة العالمية، ومنذ عام 2000 وانا امتلك بريداً الكترونياً من «هوتميل»، وكل هذه السنين ونحن لم نتعلم شيئا، لا نحن ولا حكوماتنا التي تصر على وزارات باسم تكنولوجيا المعلومات، وقد نسيت الحكومات أيضا مصطلح الحكومة الإلكترونية حتى قبل سنيات قليلة.
اليوم بات تطبيق تويتر مملوكا خالصا للملياردير «إلون ماسك» بعد صفقة شاقة انتزعها من ملّاكها الأوائل واصبح ماسك اليوم هو المالك الوحيد بعد أن جمع المليارات من جيبه وقروض بنكية وأسهم من شركة تيسلا التي يملكها، وفي نظرة الى الوراء غير البعيد نكتشف كم نحن خارج الخدمة محليا وعالميا، فقد كانت فكرة ابتكار تويتر مجرد رسم على ورقة ملاحظات وضعها «جاك دورسي» أحد الشركاء الأربعة وهو في عمر الثلاثين عاما، وأطرّ عليها رسما لما تخيله على انه نافذة يمكن استخدامها لإطلاق ما عرف لاحقاً بتغريدات تنافس تطبيق فيسبوك بما لا يتعدى مئة حرف، ووضع تحت النافذة ايقونة للبريد الالكتروني واسم المستخدم.
نعود الآن الى خيبتنا، فرغم بعض الشركات الأردنية الناجحة في مجال البرمجيات والتكنولوجيا، فإن هذا السوق قد تم تقييده لأسباب عديدة، ولو نظرنا الى الشركات العملاقة في الخليج العربي على الأقل سنجد شبابا أردنيين عباقرة يديرون الشركات هناك، وقد أسسوا تطبيقات عالية المستوى استحوذت عليها الحكومات هناك، وجعلت من الحياة ما لم نكن نظن أنهم سيفعلونها، فكل ما يتعلق بشؤون المواطنين والمقيمين هناك موجود في تطبيق واحد، من الحسابات البنكية حتى تجديد الإقامات ودفع المستحقات وتأشيرات الزيارة والخروج والكثير من الميزات التي ما زلنا نفتقدها.
وفي العودة الى مليارات السيد ماسك الأربعة والأربعين التي أنفقها على شراء تويتر، فنستعيد بذاكرتنا المديونية البالغة ستة مليارات التي كانت تقلقنا في ما مضى من سنوات سابقة، ولكن مع السنين العجاف التي أضاع المسؤولون فيها سنوات طويلة من الهدّر والهذر والتجارب المنحوسة والرأي الأوحد لكل من جاء وذهب بلا فائدة، نرى أن مديونيتنا تجاوزت صفقة تويتر وهي بالمناسبة قد تم تقييم محتواها من قبل شركة تحليلات أميركية متخصصة في سانت انطونيو وهاكم النتائج بعد تحليل القيمة المضافة لتغريدات تويتر، حيث جاءت النتائج كالتالي: الثرثرة أو الكلام غير المُفيد احتلّ الصدارة بنسبة بلغت تقريبًا 40%، المحادثات الشخصية جاءت في المرتبة الثانية بنسبة 38%، إعلانات جاءت ثالثة بنسبة 6%، رسائل البريد المزعجة حلت رابعة بنسبة 4%، وأخيرا الأخبار جاءت بنسبة 3.6%.
ترى لو بدأنا فعليا منذ عشرين عاما في ذلك السوق الجديد وكل مسؤولينا يعلمون أن العالم العربي قد تغير الى ما بعد الانطواء على الذات، وبعد حروب الخليج التي استنفذت مدخرات العقود الطويلة وحصار العراق ثم احتلاله بعد حرب آل بوش على الإرهاب في عدد من دول العرب وغيرهم، ماذا كنا الآن، والأسوأ ماذا سنكون بعد عقد من اليوم في ظل الانفجار السكاني وشح الموارد؟
أخيرا: هل يعلم جماعتنا أن مدير عام مبيعات شركة بوينج للطائرات العملاقة هو شاب أردني، فهل سأل أحد عنه من باب الفضول على الأقل.
كل عام وانتم بخير
Royal430@hotmail.com
مدار الساعة ـ نشر في 2022/04/28 الساعة 07:13