جسر عبدون نعمة..
ليست جديدة؛ عقوبة السجن لمن يحاول الانتحار، وهي أيضا تعتبر سابقة جرمية و»مرضية»، لكن أعتقد أن الجديد في الموضوع هو «القروش»..
تندر الناس وما زالوا على الخبر، وهو بالمناسبة ليس خبرا مستقلا، فلم يجتمع مجلس النواب ليناقش قصة الانتحار، فهي ليست قصة ولا قضية كبيرة، فمجلس النواب يناقش تعديلات على قوانين، يمكن قانون عقوبات وقانون تنفيذ..الخ، فالمؤكد بأن المجلس لم يتناول هذا الموضوع بحد ذاته، فالانتحار ليس مشكلة في الأردن، فالمرضى النفسيون شافاهم الله، وعافاهم، متواجدون في كل مكان وزمان، وكل يوم يحاول طفل او مراهق أو غيرهم العبث في حياته، لأنه مريض نفسيا.. وقليل من بين هؤلاء يموت فعلا، بينما ثمة آخرون كثر لا يموتون، أي أنهم لا ينجحون في العملية، أو يتوقفون عند حد تهديد أهلهم أو آخرين، ثم يعودون إلى السويّة حال تنفيذ مطالبهم.
لا أريد أن أحل مشكلة الانتحار في هذه المقالة، بل أحاول من خلالها «شرشحة العالم المشرشحة»، ابتداء من التافهين الكثر، الذين يسلطون الضوء على نقطة عادية واردة في قانون مطروح للتعديل، أو تم تعديله وانتهى، ليتلقفها مرضى أكثر تفاهة، ويتداولونها تندرا في البداية، ثم يتم توظيفها في وسائل إعلام أخرى، دولية او محلية تابعة لدول أخرى، فتكتمل الصورة المسيئة للأردن وللأردنيين.. هذا ما يحدث كل يوم مع الأسف، غباء يتهافت، وفي النهاية تجري الإساءات كلها بحق بلد وشعب.
نتمنى الشفاء لكل مريض نفسي، ونطالب بتوفير العلاج لأي مريض، فالعلاج حق له، ومن الطبيعي أن يكون دفع الغرامة علاجا من نوع آخر بالنسبة لهؤلاء المرضى..
كل مرة كان ذلك الشاب يفعلها، يصعد فوق سطح المنزل القريب من أسلاك كهرباء الضغط العالي مهددا بربطها بجسده، وفي كل مرة كان يبتز والده ووالدته، ويزعج الشرطة والدفاع المدني، ويقدم وصلات «غير شكل» أمام الناس، يعني «اشي بيخزي».. وهناك قصص أخرى كثيرة، فهؤلاء يحتاجون علاجا قد يكون نفسيا، أو تربويا سلوكيا، وقد يكون علاجهم الحبس والغرامة.
أما الشجعان، الذين يرغبون الانتحار، يمكنهم اليوم ان يبحثوا عن وسيلة حاسمة لتحقيق انتحار محقق، وبهذا يكون (جسر عبدون نعمة)، أما من يفشل في تحقيق آكشن يفضي إلى إغلاق نهائي لصفحته، فعليه أن يتحمل السجن والغرامة المالية المضاعفة بعدد محاولاته السابقة الفاشلة...
فتندروا على أمة تسوق نفسها إلى الانتحار الجماعي على مذابح أعدائها، بملء رغبة «مرضاها وعملائها ومجرميها».
اللهم إنا نعوذ بك من البلاء والابتلاء.