الواسطة مقبولة أحياناً
التوسط أو الواسطة تكون مقبولة عندما تتدخل لمنح فرصة لكفاءة ظلمتها واسطة اخرى وهي مقبولة عندما تكشف عن موهبة مدفونة أو تائهة وهي مقبولة عندما تزيل ظلما عن مظلوم أو عندما تقف في وجه ظالم استغل السلطة وطوع القانون لمصلحته.
ما هو عكس ذلك ليس مقبولا بل هو فساد والواسطة في بلدنا يمارسها الناس على نطاق واسع, الوزراء والمسؤولون والموظفون قبل المواطنين, حتى أصبحت عادة وعرفا لا يمكن الاستغناء عنها يعرضها النواب والوجهاء والمواطنون ويقبلها المسؤول برغبة وحب، باعتبارها خدمة.
هي ظاهرة انتقلت إلى سلوك عام، عصية على الإحصاء، خفية لكن أثارها واضحة وضوح الشمس تمارس في مكاتب الموظفين والوزراء يوميا بل كل ساعة، لكن لا أحد يعترف بممارستها ويجملونها بالعادات والتقاليد يعرف من يمارسها أنها تلغي حقاً أو تحق باطلاً لكنه يمارسها وقد باتت أكثر أنواع الفساد شيوعاً قبل البخشيش واستغلال النفوذ والرشوة، ففي إحصاء غير رسمي كشف أنها تحتل 4.79 % بين أنواع الفساد والمحسوبية بالمرتبة الثانية بنسبة 16.4% والإكرامية «والبخشيش «بالمرتبة الثالثة بنسبة 89.3% واستغلال النفوذ بنسبة 90.2% وأخيرا الرشوة بنسبة 71.2% والمكاسب الشخصية 51.2 % والابتزاز 46.1% وزير سابق طالب الأردنيين بالتوقف عن الواسطة لكنه أقر لاحقا أنه لم يستطع رفضها ومسؤولون مثله لا يرغبون بالتوقف عن قبولها.
الواسطة مقبولة إن كانت تعيد لموهبة حقها لكن أن تتسبب بإحباط ينتج عنه الهجرة، والواسطة مقبولة عندما تتدخل لإيجاد سرير أو علاج لمريض تقطعت به السبل ولا يستطيع الحصول عليه.
الواسطة مرفوضة إذ تنخر في جسد الإدارة العامة فترفع الجاهل وتسحق الكفؤ وكلما سعت الحكومة إلى الابقاء على هذه الكفاءات ذات التعليم الجيد والمهارة العالية كانت الواسطة أقوى مفعولا.
الواسطة التي تؤكل بها حقوق الآخرين، وتعتدي على مبدأ العدالة والمساواة بين المواطنين، شكل من أشكال الفساد، ولون من الوان الظلم الاجتماعي المحرم شرعا.
الأقل ضررا هو التدخل بالواسطة لتعيين موظف هنا وأخر هناك، هذه ليست فسادا إن كانت وسيلة لشق الطريق أمام موهوب لم ينل فرصة، الواسطة والمحسوبية التي أتحدث عنها هنا هي عندما يتدخل نائب ما أو وزير سابق أو عامل في قضايا تمرير شحنات مخالفة وفاسدة وضارة للمواطن في صحته وذائقته، او يتدخل للتخفيف عن تاجر مخدرات يبيع الناس سموما قاتلة !.
لا غنى عن الواسطة إن كانت ترمي الى إحقاق حق كاد يضيع أو لإنقاذ ملهوف تقطعت به سبل الحصول على وظيفة أو لإزالة ظلم هنا أو هناك، لكنها جريمة إن تدخلت لتبرئة مجرم أو مساعدة تاجر فاسد.
qadmaniisam@yahoo.com