حدادين يكتب: مستقبل الدولار الأمريكي في ظل المتغيّرات العالمية

م. مهند عباس حدادين
مدار الساعة ـ نشر في 2022/04/26 الساعة 20:40

يعتبر الدولار الأمريكي الأكثر إستخداماً في التجارة العالمية والمعاملات المالية واحتياطات البنوك المركزية للدول فخلال الثماني وسبعون عاماً الماضية وبالتحديد عام 1944 وبعدالحرب العالمية الثانية تبنت الدول المشاركة في إتفاقية "بريتون وودز"إعتبار الدولار الأمريكي العملة الرسمية للإحتياطي النقدي والذي لا زال ليومنا هذا حيث يشكل الدولار من أصل 12 ترليون من العملات الأجنبية التي تحتفظ بها البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم في نهاية العام 2021 المنصرم ما نسبته 59% , أما اليورو الذي تتداوله 19 دولة أُوروبية يشكل 20% من تلك الإحتياطيات ويتبعه الين الياباني 6% ثم الجنيه الإسترليني 5% وأخيراً الإيوان الصيني بإقل من 3% .

ولتكون الصورة أوضح سندخل ببيانات أمريكية بحته وعلاقتها مع الدول العظمى ذات الاقتصاد المنافس لهاوهي الصين واليابان وسنتطرق لاحقاً للحرب الروسية الأكرانية بتعمق وأي حروب أخرى إذا نشأت لا سمح الله وسنقدم التحليلات اللازمة والنصائح الممكنة للدول للإستفادة من الخبرات والتحليلات نتيجة المعطيات الحالية.

يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة الأمريكية 20.5 ترليون دولار ,أما الدين العام فبلغ 30.29ترليون دولار , وبلغ العجزالمالي لعام 2021 مبلغ 860 مليار دولار(عجز الصادرات عن الواردات) , وللإضافة زاد دين الولايات المتحدة آخر 5 سنوات 8 ترليون دولار حيث كان لجائحة كورونا نصيباً أكبر منه(الإحصاءات الأخيرة لوزارة الخزانة الامريكية)

وما أثر سلباً أن العجز التجاري مع الصين بلغ 65% ,إضافة الى أن مؤشرات الدين الخارجي 1.1 ترليون دولار للصين أذونات خزانة امريكية و1.3 ترليون دولار لليابان أذونات خزانة امريكية.

لذلك نرى أن الولايات المتحدة الأمريكية تترقب بحذر شديد نتائج الحرب الروسية الأوكرانية وعدم توسعها عالمياً لكنها تريدها محدودة طويلة الأمد لأن هذه الحرب هي حرب إقتصادية بحته وليست حرب استنزاف لروسيا أو لجيشها ,لأن أمريكيا تريد أن يبقى الدب الروسي عدواً للحلف بعدم التعامل معه باستيراد الطاقة من روسيا إضافة الى المحافظة على امدادت سلاحها لدول حلف الناتو الأوروبية من مصانعها لما له من مدخول قومي على إقتصادها والناتج الإجمالي لها لأنه من المسلمات العالمية بين الدول العظمى أن تقاس روسيا بأسلحتها النووية حتى لو قل عدد جيشها وسلاحها التقليدي.

أن هذه الحرب دقت ناقوس الخطر بخلط الأوراق الإقتصادية العالمية وخصوصاً التعامل مع الدولار عالمياً , حيث أدركت الولايات المتحدة أنه من الممكن أن يكون هناك تمرد حقيقي على ما تم الإتفاق عليه عام 1944 والذي أشرنا له سابقاً.

في الوقت الحاضر ستبقى الصين في الحياد من هذه الحرب لان خسارتها ستكون أكبر من ربحها في حال وقفت على العلن مع روسيا,وادركت كما أدركت الدول الأوروبية بأن الحرب يجب أن تنتهي بأسرع وقت ممكن, فالدول الأوروبية ايضأً تضرر إقتصادها وسيتعمق هذا التأثير كلما طال أمد الحرب , والدول الأخرى بدأت بالتفكير بعقلانية كي تحمي اقتصاداتها فبأقل تقدير سيكون لها ملاذاً آمناً بشراء كميات إضافية من الذهب لأن الحرب الروسية الأوكرانية ليس فيها رابح إلا الولايات المتحدة وهذا ما أدركته لاحقاً روسيا عندما قررت أن تحكم سيطرتها على شرق وجنوب أوكرانية بدل من التوهان بحرب طويلة لها أول وليس لها آخر ومن بعدها فرض شروطها.

لذلك سيكون هناك احتمالين اتوقعهما للدولار :

الإحتمال الأول: في حال بقيت الحرب محدودة بين روسيا وأوكرانية سيبقى الدولار سائدا لمدة لا تتجاوز 5 سنوات مع تحول تدريجي لبدائل أهمها زيادة الطلب على الذهب وهذا سيرفع من سعره ليتجاوز حاجز 3000 دولار للأُونصة مع نهاية عام 2023, إضافة الى زيادة التعامل بالعملات المشفرة وكذلك بروز لعملات جديدة بالتعاملات كالروبل الروسي أو صعود نسبة التعامل بالإيوان الصيني مما ستؤدي الى انخفاض نسبة احتياطيات الدولار العالمية لدى البنوك من 59% الى 25% .

الإحتمال الثاني: وهذا ما تخشاه الولايات المتحدة الأمريكية , في حال قررت الصين احتلال تايوان فهنا نقطة التحول ستكون عالمياً لأنه بالفعل سيكون هناك تراجع هائل لا وبل إنهيار للدولار نتيجة

انهيار للإقتصاد الأمريكي والتخلي عنه لدى معظم دول العالم.

وبالنهاية أتوجه الى الدول العربية بتنويع السلة الاستثمارية الخاصة بهم لان الرؤيا للدولار غير واضحة وهو أن يكون لهم جزء من الاستثمارات والأصول في الدول العربية وخصوصاً المستقرة سياسياً عن طريق استثمارات وايداعات ومساهمات بأصول استراتيجية وسيادية.

رئيس مجلس إدارة شركة جوبكينز الأمريكية

مستشار مجموعة DDL الأمريكية-CDAG

mhaddadin@jobkins.com

مدار الساعة ـ نشر في 2022/04/26 الساعة 20:40