نظام مجلس الأمن القومي

أ. د. ليث كمال نصراوين
مدار الساعة ـ نشر في 2022/04/26 الساعة 03:47

صدرت الإرادة الملكية السامية قبل أيام بالموافقة على نظام مجلس الأمن القومي رقم (29) لسنة 2022 الذي دخل حيز النفاذ اعتبارا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية. وقد استند مجلس الوزراء في إصدار هذا النظام إلى المادة (122) من الدستور، التي تنص على إنشاء مجلس الأمن القومي وأن يتم تنظيم شؤونه بنظام خاص. فيكون هذا النظام من الأنظمة المستقلة التي يجري الاستناد في إصدارها لأحكام الدستور، ولا يعتبر من قبيل الأنظمة التنفيذية التي تصدر لتطبيق أحكام القانون عملا بالمادة (31) من الدستور.

وقد جاء النظام الجديد محدودا من حيث نصوصه وأحكامه يتكون من تسع مواد فقط. تتمثل أهمها في إعادة التأكيد على مهام المجلس بأنه يختص بالشؤون العليا المتعلقة بالأمن والدفاع والسياسة الخارجية، وعلى تشكيله بأنه يضم في عضويته رئيس الوزراء، ووزراء الدفاع والخارجية والداخلية، وقائد الجيش ومدير المخابرات ومدير الأمن العام، وعضوين اثنين يعينهما جلالة الملك بإرادة ملكية منفردة لا تحمل توقيع رئيس الوزراء والوزير المختص.

ويجتمع مجلس الأمن القومي بدعوة من جلالة الملك وبحضوره أو حضور من يفوضه. ويكون اجتماع المجلس قانونيا بحضور أغلبية أعضائه، على أن تصدر قراراته بأكثرية أصوات أعضائه، والتي يجب أن يصادق عليها جلالة الملك لتكون واجبة النفاذ وملزمة للكافة.

ويحق لأعضاء مجلس الأمن القومي دعوة من يرونه مناسبا لحضور اجتماعات المجلس والاستئناس برأيهم، دون أن يكون للخبراء الحق في التصويت على الموضوعات المعروضة على المجلس. كما يثبت للمجلس الحق في تشكيل اللجان المتخصصة لمساعدته على القيام بمهام عمله.

وسيتم اختيار أحد كبار موظفي الديوان الملكي بالإضافة لوظيفته ليقوم بمهام أمين سر المجلس، حيث سيتولى إعداد جداول أعمال المجلس، ومتابعة الدعوة لاجتماعاته وحفظ سجلاته، وتدوين محاضر جلساته ومتابعة تنفيذ قراراته.

وتعتبر جميع وثائق المجلس ومحاضر اجتماعاته ومداولاته سرية لا يجوز للعضو إفشاؤها لأي شخص مهما كان، حتى بعد انتهاء عضويته.

وبصدور النظام الجديد، تتضح الملامح الكاملة لمجلس الأمن القومي، الذي لا يجب النظر إليه بأنه ينافس مجلس الوزراء في إدارة شؤون الدولة الداخلية والخارجية وإنما داعم ومساعد له. فهذا المجلس تقتصر مهامه على الموضوعات ذات الصلة بالأمن والدفاع والسياسة الخارجية، ولا تمتد لتشمل المسائل الأخرى المتعلقة بتسيير المرافق العامة للدولة وإدارة وزاراتها ودوائرها الحكومية، بهدف تقديم الخدمة العامة والنشاط الإداري للأفراد المتعاملين مع الإدارة.

وحتى في الموضوعات الهامة التي تدخل ضمن اختصاص مجلس الأمن القومي، فإن مجلس الوزراء سيكون ممثلا من خلال شخص رئيسه وعدد من الوزراء السياديين فيه. كما سيتولى مجلس الوزراء مهام تنفيذ القرارات التي تصدر عن مجلس الأمن القومي، كونه صاحب الولاية العامة في تطبيق القوانين والتشريعات والقرارات ذات الصلة بالشؤون الداخلية والخارجية.

وما يعزز من التكاملية بين مجلس الأمن القومي ومجلس الوزراء، أن جلالة الملك نفسه هو من سيدعو مجلس الأمن القومي للاجتماع بحضوره شخصيا أو حضور من يفوضه، وأنه سيقوم بالتصديق على القرارات الصادرة عنه، أسوة بالقرارات الأخرى التي يصدرها مجلس الوزراء، وذلك باعتباره رئيسا للسلطة التنفيذية. فبهذه الصفة يثبت لجلالة الملك العديد من الحقوق والصلاحيات الدستورية التي يمارسها بواسطة وزرائه، وذلك عملا بأحكام المادة (26) من الدستور.

في المقابل، فإن المادة (45/1) من الدستور التي تكرس الولاية العامة لمجلس الوزراء، قد أجازت في الوقت نفسه أن يتم اخراج من صلاحيات مجلس الوزراء بعض المهام والأعمال، وأن يتم اسنادها لهيئة أخرى بموجب الدستور أو القانون. وهذا ما يضفي المشروعية الدستورية على أعمال مجلس الأمن القومي الذي نشأ ابتداء بموجب الدستور، فيكون اسناد الاختصاص إليه في متابعة الشؤون العليا المتعلقة بالأمن والدفاع والسياسة الخارجية إلى جانب مجلس الوزراء متوافقا مع أحكام الدستور.

مدار الساعة ـ نشر في 2022/04/26 الساعة 03:47