تنظيم العمل الحزبي في الجامعات
صدرت الإرادة الملكية السامية بالموافقة على قانون الأحزاب السياسية الجديد رقم (7) لسنة 2022، الذي سيدخل حيز النفاذ بعد مرور ثلاثين يوما من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
وقد تضمن القانون الجديد مجموعة من الأحكام الموضوعية والإجرائية المستحدثة، التي يستلزم التعاطي معها قانونيا لضمان حسن تطبيقها.
فقد نص القانون الجديد على إنشاء سجل للأحزاب في الهيئة المستقلة للانتخاب، يرأسه أحد موظفيها ويسمى أمين السجل، حيث ستعتبر هذه الوحدة الإدارية خط الاشتباك الإيجابي الأول بين الأحزاب السياسية القائمة والمنوي إنشاؤها مع الهيئة المستقلة للانتخاب. ولهذه الغاية، فقد خطت الهيئة المستقلة خطوات كبيرة نحو استكمال التحضيرات الإدارية والتشريعية اللازمة لكي تكون هذه الوحدة قائمة، وقادرة على ممارسة مهام عملها عند نفاذ أحكام القانون.
ويبقى الحكم المستحدث الأهم الذي قرره قانون الأحزاب السياسية الجديد يتمثل في تكريس الحق في ممارسة العمل الحزبي داخل الجامعات والمعاهد التعليمية، حيث تنص المادة (4/ج) من القانون بالقول "يُمنع التعرض لطلبة مؤسسات التعليم العالي بسبب الانتماء والنشاط الحزبي والسياسي". كما تقضي المادة (20/أ) من القانون ذاته بالقول "يحق لطلبة مؤسسات التعليم العالي الأعضاء في الحزب ممارسة الأنشطة الحزبية داخل حرم تلك المؤسسات من دون أي تضييق أو مساس بحقوقهم، على أن يصدر نظام خاص ينظم هذه الأنشطة".
ولغايات تنفيذ هذه النصوص القانونية، فإن الحكومة مدعوة إلى أن تسرع الخطى نحو إقرار نظام خاص ينظم عملية ممارسة الأحزاب السياسية لأنشطتها في الجامعات والمعاهد التدريسية، بحيث يكون هذا النظام جاهزا قبل سريان قانون الأحزاب السياسية الجديد. فالجامعات وباقي مؤسسات التعليم العالي تعد بيئة اجتماعية خصبة للأحزاب، وذلك نظرا للعدد الكبير من الطلبة المتواجدين فيها، والذين ستسعى الأحزاب السياسية إلى استقطابهم وضمهم إلى صفوفها.
ولن يقتصر هذا الأمر على الأحزاب الجديدة المنوي إنشاؤها، بل سيشمل التنافس على حصد أكبر عدد من الطلبة للأحزاب القائمة والمسجلة حاليا، والتي هي ملزمة بأن تقوم بتوفيق أوضاعها بما يتناسب مع أحكام القانون الجديد خلال سنة من تاريخ نفاذه.
وتشمل عملية تصويب الأوضاع زيادة عدد منتسبي الأحزاب السياسية القائمة لتصبح ألف عضو، وبأن يكون منهم ما نسبته (20%) من الشباب الذين يتراوح أعمارهم من 18 وحتى 35 سنة ميلادية، وما نسبته (20%) من النساء. وهي الشروط ذاتها التي يجب على الأحزاب السياسية الجديدة أن تراعيها عند تقديمها لطلب تسجيلها وفق أحكام القانون.
إن النظام الذي سيصدره مجلس الوزراء لتنظيم العمل الحزبي في الجامعات يجب أن ينطلق من قاعدة أساسية مفادها أن الطالب قد التحق بالجامعات والمعاهد التدريسية لغايات الدراسة والتحصيل العلمي ابتداء، ومن ثم لممارسة العمل الحزبي. فهذا النشاط السياسي يجب أن يعامل معاملة باقي الأنشطة الرياضية والاجتماعية والفنية التي تحتضنها الجامعات الأردنية، وذلك من حيث وجوب إخضاعها للرقابة من قبل الجهات الإدارية المسؤولة عن شؤون الطلبة، وأن يتم تنظيم آلية ممارستها وأوقاتها بما لا يخل بالعملية التعليمية، ولا يصادر الحق في ممارسة العمل الحزبي في الجامعات.
كما أن السماح لأعضاء الأحزاب السياسية بممارسة العمل الحزبي داخل مؤسسات التعليم العالي يجب أن يقترن بجزاء في حال مخالفة القواعد القانونية الناظمة له، بحيث يتم إخضاع الطلبة المخالفين للإجراءات التأديبية ذاتها التي تطبق على أي مخالفات مسلكية أو طلابية أخرى تقع داخل المقر الجامعي.
وعليه، فإن سرعة إصدار هذا النظام وإعلامه للأحزاب السياسية من شأنه أن يحول دون وقوع أي خلافات حول نطاق ممارسة العمل الحزبي داخل الجامعات، بحيث تكون الأحكام الناظمة لعمل أعضاء الأحزاب السياسية في مؤسسات التعليم العالي واضحة ومعروفة للجميع.