الترك تكتب: التعليم البيئي في الأردن.. قادة تنظير لا قادة تغيير
مدار الساعة ـ نشر في 2022/04/21 الساعة 23:41
كتبت: اسراء الترك - محامية بيئية
نشرت مجلة التعليم البيئي أحد أهم المجلات العلمية المحكمة عالميا عام2018 بحثا تحليليا مهما عن تدريس الحق في المياه في المدارس الأردنية باعتبار ان الأردن من أفقر ثلاث دول في قطاع المياه من حيث الكمية المتاحة للسكان والصالحة للشرب على مستوى العالم.
قام بالبحث الدكتور حسام حسين المدرس في كلية العلاقات الدولية في جامعة اوكسفورد - بريطانيا حيث اعتمد البحث على المنهج التحليلي والواقعي، من خلاله قام الباحث بالاضطلاع ومراجعة كل الكتب المدرسية المعتمدة والصادرة من وزارة التربية والتعليم الأردنية وبكل المجالات، كما قام بمقابلات مع شرائح مختلفة من المعلمين والمعلمات على مستوى المملكة، حتى يتسنى له حقيقة معرفة أين، وكيف، يسلط الضوء على الحق في المياه، وماهية تدريسه في المدارس الأردنية.
يشير الباحث الى ضرورة أن يفهم الناس انه في كل مكان على هذه البسيطة قضية حساسة وذات أولوية لابد من خلال التعليم تسليط الضوء عليها، بحيث توجه افعالهم بالنتيجة نحو إيجاد وتنفيذ حلول مناسبة لحل هذه القضية او المشكلة بصورة مستدامة، باعتبار ان هؤلاء الطلاب هم قادة المستقبل في بلدهم، وهذا ما يجب أن يكون عند الحديث عن أزمة المياه في الأردن.
وبعيدا قليلا عن البحث، وسواء كانت المعلومة الخاصة بمشكلة المياه في المملكة حقيقية وشفافة أم لا، وسواء كانت المشكلة في الإدارة وليس في الكمية كما تبين لي خلال السنوات الستة عشر الماضية من العمل في مجال البيئة، لا يمكن انكار أن تعليم الأجيال وتنويرهم نحو هذه المعضلة حاجة وأولوية لا مناص منها.
وجد الباحث وخلص الى نتيجة واحدة جوهرية في نهاية بحثه وهي أن الطلاب ومنذ الصفوف الأولى يتعرضون للتعرف على مشكلة المياه وأن هذا التعرف يتصاعد مع انتقال الطلاب من مرحلة دراسية الى أخرى ،لابل وتزيد المعرفة والتفاصيل وتتوج هذه المعرفة في الصفوف الثانوية حيث يبدأ المؤلفون لهذه الكتب المحتوية على موضوع ندرة المياه بوضع توصيات لحل مشكلة المياه ، اضف الى ذلك الحديث عن القيم الإسلامية المتعلقة بواجب كل مسلم اتجاه الماء ، لكن هذه التوصيات لا تخرج عن أنها تنظير ولا تشير ابدا ولا حتى واحدة منها على وضع الطالب الانسان في جو الواقع وتغيير سلوكه اتجاه تعامله واستخدامه اليومي للماء وهو افضل طريقة وانجحها لاستدامة هذا المورد ، فمثلا لجعل استخدام المياه الزراعية اكثر استدامة يمكن اقتراح زراعة محاصيل أكثر استدامة، بدل ان يتم اقتراح الري بالتنقيط مثلا او اللجوء الى المزيد من التقنيات التكنولوجية. ويبدو أيضا أن بعض الحلول تحظى بدعم وتأكيد وتعزيز خاصة: المهمة الهيدروليكية مثل بناء السدود، وحصاد المياه؛ فالكتب المدرسية، تدفع بشكل رئيسي نحو اتجاه حلول جانب العرض - وهذا يعني زيادة الموارد المائية - أو الحفظ، بدلا من التوجه نحو إدارة أفضل للموارد المائية من خلال حلول جانب الطلب - وهذا يعني تقليل الطلب الحالي على الموارد المائية. لذلك، يتبين أن الكتب المدرسية تساهم في إعادة إنتاج نفس خطاب ندرة المياه بشكل نظري بحت، وهذا سوف يؤدي لامحالة الى انتاج قادة تنظير لا قادة تغيير عمليين محترفين الابداع وباحثين عن الأفكار العملية الخلاقة من كل قلبهم وهم يديرون دفة العمل الذي يشغلونه، فمثلا بدل ان نشرح ما هو واقع الحال في قطاع المياه في الأردن، علينا أيضا مساعدة الطلاب بإيجاد حلول عملية، مثلا لماذا لا يتم عمل مشروع لترشيد استخدام المياه في المدرسة لمدة فصل دراسي كامل وبهذه الطريقة التطبيقية يتبين للطلاب اننا قادرون على إدارة ناجحة للمياه مهما كانت الظروف ،وبخضم ذلك نحيي في قلوبهم قيمنا الشرقية العربية والإسلامية بالسلوك العملي كما فعل محمد صلى الله عليه وسلم مع سعد بن ابي وقاص رضى الله عنه فعندما مر افضل الخلق عليه الصلاة والسلام بِسَعْدٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ بماء منهمر فَقَالَ: مَا هَذَا السَّرَفُ يَا سَعْدُ؟ قَالَ سعد: أَفِي الْوُضُوءِ سَرَفٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهْرٍ جَارٍ».
فكأن رسالته صلى الله عليه وسلم في هذا الواقعة تقول: مارس العبادة لكن بمسؤولية اتجاه الأرض ومواردها. ولا ننسى كذلك ان هذه الطريقة بالتدريس فيها تحفيز على التفكير الإبداعي العملي للطلاب، لأننا من خلال التعليم العملي نوصل للطالب رسالة أنك سوف تدرس في المدرسة وسوف يقوم المعلم أو المعلمة بتقديم أقصى ما يمكن تقديمة من معرفة، لكن ليست كل المعرفة موجودة في الكتب لتستطيع ان تعيش وتقود ان سارت بك الاقدار الى القيادة في بلدك في أي مجال كان.
نشرت مجلة التعليم البيئي أحد أهم المجلات العلمية المحكمة عالميا عام2018 بحثا تحليليا مهما عن تدريس الحق في المياه في المدارس الأردنية باعتبار ان الأردن من أفقر ثلاث دول في قطاع المياه من حيث الكمية المتاحة للسكان والصالحة للشرب على مستوى العالم.
قام بالبحث الدكتور حسام حسين المدرس في كلية العلاقات الدولية في جامعة اوكسفورد - بريطانيا حيث اعتمد البحث على المنهج التحليلي والواقعي، من خلاله قام الباحث بالاضطلاع ومراجعة كل الكتب المدرسية المعتمدة والصادرة من وزارة التربية والتعليم الأردنية وبكل المجالات، كما قام بمقابلات مع شرائح مختلفة من المعلمين والمعلمات على مستوى المملكة، حتى يتسنى له حقيقة معرفة أين، وكيف، يسلط الضوء على الحق في المياه، وماهية تدريسه في المدارس الأردنية.
يشير الباحث الى ضرورة أن يفهم الناس انه في كل مكان على هذه البسيطة قضية حساسة وذات أولوية لابد من خلال التعليم تسليط الضوء عليها، بحيث توجه افعالهم بالنتيجة نحو إيجاد وتنفيذ حلول مناسبة لحل هذه القضية او المشكلة بصورة مستدامة، باعتبار ان هؤلاء الطلاب هم قادة المستقبل في بلدهم، وهذا ما يجب أن يكون عند الحديث عن أزمة المياه في الأردن.
وبعيدا قليلا عن البحث، وسواء كانت المعلومة الخاصة بمشكلة المياه في المملكة حقيقية وشفافة أم لا، وسواء كانت المشكلة في الإدارة وليس في الكمية كما تبين لي خلال السنوات الستة عشر الماضية من العمل في مجال البيئة، لا يمكن انكار أن تعليم الأجيال وتنويرهم نحو هذه المعضلة حاجة وأولوية لا مناص منها.
وجد الباحث وخلص الى نتيجة واحدة جوهرية في نهاية بحثه وهي أن الطلاب ومنذ الصفوف الأولى يتعرضون للتعرف على مشكلة المياه وأن هذا التعرف يتصاعد مع انتقال الطلاب من مرحلة دراسية الى أخرى ،لابل وتزيد المعرفة والتفاصيل وتتوج هذه المعرفة في الصفوف الثانوية حيث يبدأ المؤلفون لهذه الكتب المحتوية على موضوع ندرة المياه بوضع توصيات لحل مشكلة المياه ، اضف الى ذلك الحديث عن القيم الإسلامية المتعلقة بواجب كل مسلم اتجاه الماء ، لكن هذه التوصيات لا تخرج عن أنها تنظير ولا تشير ابدا ولا حتى واحدة منها على وضع الطالب الانسان في جو الواقع وتغيير سلوكه اتجاه تعامله واستخدامه اليومي للماء وهو افضل طريقة وانجحها لاستدامة هذا المورد ، فمثلا لجعل استخدام المياه الزراعية اكثر استدامة يمكن اقتراح زراعة محاصيل أكثر استدامة، بدل ان يتم اقتراح الري بالتنقيط مثلا او اللجوء الى المزيد من التقنيات التكنولوجية. ويبدو أيضا أن بعض الحلول تحظى بدعم وتأكيد وتعزيز خاصة: المهمة الهيدروليكية مثل بناء السدود، وحصاد المياه؛ فالكتب المدرسية، تدفع بشكل رئيسي نحو اتجاه حلول جانب العرض - وهذا يعني زيادة الموارد المائية - أو الحفظ، بدلا من التوجه نحو إدارة أفضل للموارد المائية من خلال حلول جانب الطلب - وهذا يعني تقليل الطلب الحالي على الموارد المائية. لذلك، يتبين أن الكتب المدرسية تساهم في إعادة إنتاج نفس خطاب ندرة المياه بشكل نظري بحت، وهذا سوف يؤدي لامحالة الى انتاج قادة تنظير لا قادة تغيير عمليين محترفين الابداع وباحثين عن الأفكار العملية الخلاقة من كل قلبهم وهم يديرون دفة العمل الذي يشغلونه، فمثلا بدل ان نشرح ما هو واقع الحال في قطاع المياه في الأردن، علينا أيضا مساعدة الطلاب بإيجاد حلول عملية، مثلا لماذا لا يتم عمل مشروع لترشيد استخدام المياه في المدرسة لمدة فصل دراسي كامل وبهذه الطريقة التطبيقية يتبين للطلاب اننا قادرون على إدارة ناجحة للمياه مهما كانت الظروف ،وبخضم ذلك نحيي في قلوبهم قيمنا الشرقية العربية والإسلامية بالسلوك العملي كما فعل محمد صلى الله عليه وسلم مع سعد بن ابي وقاص رضى الله عنه فعندما مر افضل الخلق عليه الصلاة والسلام بِسَعْدٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ بماء منهمر فَقَالَ: مَا هَذَا السَّرَفُ يَا سَعْدُ؟ قَالَ سعد: أَفِي الْوُضُوءِ سَرَفٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهْرٍ جَارٍ».
فكأن رسالته صلى الله عليه وسلم في هذا الواقعة تقول: مارس العبادة لكن بمسؤولية اتجاه الأرض ومواردها. ولا ننسى كذلك ان هذه الطريقة بالتدريس فيها تحفيز على التفكير الإبداعي العملي للطلاب، لأننا من خلال التعليم العملي نوصل للطالب رسالة أنك سوف تدرس في المدرسة وسوف يقوم المعلم أو المعلمة بتقديم أقصى ما يمكن تقديمة من معرفة، لكن ليست كل المعرفة موجودة في الكتب لتستطيع ان تعيش وتقود ان سارت بك الاقدار الى القيادة في بلدك في أي مجال كان.
مدار الساعة ـ نشر في 2022/04/21 الساعة 23:41