طارق مصاروة ... ترك هواء الأردن لينعم بترابه !
مَتحَ طارق ونهلَ من بئر معلمه وصفي التل سليل عرار، فكابد كل ما يجب على الحر أن يكابده.
هرب طارق ابن الحزب القومي السوري الاجتماعي، وتشرد واختبأ من المباحث الأردنية والسورية واللبنانية.
سُجن طارق وفُصل من العمل ومُنع من الكتابة. ولما أسس مع مريود التل شقيق وصفي، مجلة الأفق لم يتحملها «السستم» طويلا، رغم أن الملك الحسين منحها حديثا صحفيا حارا مطولا، زيّن أول عدد منها.
فأُغلقت الأفق التي كنت سكرتير تحريرها في خريف 1982، بعد 6 شهور من صدورها.
عُيّن طارق مديرا عاما ورئيسا لتحرير صحيفة صوت الشعب، ومريود التل رئيسا لمجلس الادارة، ثم عُزِلا.
أنصفه فيصل الفايز فنسّبه لعضوية مجلس الأعيان. واختاره معروف البخيت وزيرا للثقافة، هذا الذي كان يريدها وزارة للثقافة.
حمل طارق همّ الأردن وتبيّن مكامن جماله وعظمته، وخرج من صيغة «ثقافة الوزارة» إلى ثقافة الانفتاح والديمقراطية والتعددية.
هذا أوان طارق مصاروة أبو علي ورعد، ابن مادبا العظيمة الهائلة، المسيحي الأردني العربي الذي كان يفخر بأبرز شخصية قدمها العرب للعالم، محمد بن عبدالله، إبن أُمّته الماجدة، وبأمير المؤمنين علي بن أبي طالب، الذي سمّى ابنه الأول باسمه.
هذا أوانُ عشاق الأردن، الذي ما ان تمسح مصباحه حتى يتعالى ويشمخ أمامك ماردا فولاذيا، يسند جذعك، ويسعد قلبك، ويمسح يأسك، ويزيل قنوطك، ويضخ في عروقك من جبروته و عزمه.
ظل طارق حتى ذؤابة الجسد الأخيرة، يؤمن أن الوطن الأردني هو قلب الأمة، وأن الشعب العربي الأردني هو الأمين على وحدتها.
كتبت زوجته نبيلة في ذكرى رحيله التي تصادف اليوم:
«تركت يا طارق هواء الوطن لتنعم بترابه. كنت تقول ان الأردن سيبقى كبيراً رغم كل الظروف. ليتك معنا لتشاهد بأمّ عينك جيش الأردن وأمنه، أطباء الأردن وممرضيه، رجالات الدولة وموظفيها والأردنيين الأوفياء.
لا تخف على وطن يقوده هاشمي. لقد أزيح الستار وانكشفت العظمة.
نمْ مرتاحا أنت ومن أفنى عمره في خدمة وطنه.
سلام لروحك يا طارق، وسيبقى ذكرك مؤبدا».