لماذا اختار الملك مستشفى ألمانياً؟
عاد جلالة الملك سالما معافى مما ألمّ به من أوجاع العصب المفتوح في حالة نادرة تستدعي علاجا سريعا واختصاصا نادرا لا يتوفر بسهولة، ليس في المستشفيات العربية فحسب بل وفي كثير من دول العالم، وقد أثار تأجيل زيارة الرئيس التركي طيب رجب أردوغان لعمان لغطاً غير مبرر، فيما أسرع الديوان الملكي ببيان تفصيلي عن الإصابة التي توعك جراءها جلالة الملك ما استدعى سفره الى المانيا للعلاج السريع في مستشفى «فرانكفورت إم ماين» المتخصص بالجراحات النادرة في العمود الفقري والعظام، واستعاد الملك عافيته بحمد الله.
المشفى المذكور هو مستشفى عام يضم مراكز عديدة ضمن الدولة تحتوي على أكثر من ستة آلاف سرير، وتكاليفه شبه مجانية للمواطنين، وبالرغم من ذلك فإن عوائده التي تتأتى من دعم عام وخاص في مجالات البحوث المتخصصة في مجالات عدة ومن أهمها علاج العمود الفقري و الديسك والعظام يبلغ مليار وستمئة مليون يورو، وهناك العديد من الشخصيات الرسمية والشهيرة التي تعالجت في ذلك المستشفى الذي يتمتع بالسمعة الطبية العالية، وأي حديث عن المفاضلة بين المستشفيات ليس له قيمة عندما نعرف أن المانيا هي البلد المشهور بعلاجات العظام والعيون.
يعود الملك اليوم لذات الحياة السياسية المضطربة حولنا، ورغم وجوده في فترة النقاهة فقد حرص على التواصل مع القنوات التي يتعامل معها للضغط على الطرف الإسرائيلي كي يمنع ما يمكن منعه من اعتداءات على المسجد الأقصى والمصلين فيه، والجرائم المباشرة لقتل واضطهاد نساء عزل وشباب الشعب الفلسطيني، فهو يدرك بخبرته التاريخية مع حكومات تل أبيب أن لا ضمانة كاملة يستطيعها كبار المسؤولين هناك، فهم مقيدون بين محاولات لمنع أي اشتباك غير مرئي للمناضلين العرب وبين أطراف متطرفة من اليمين الاسرائيلي أكانوا ضمن الحكومة المتأرجحة أو ف? الكنيست الذي يخرج منه متطرفون ايضا، وقادة شعبويون يقودون مستوطنين لا يألون جهدا لمحاربة الفلسطينيين في مدنهم وقراهم.
الملك خلق جبهة تصد لمواجهة جرائم الاحتلال، ودعما معنويا للفلسطينيين من غالبية الدول العربية ومن رؤسائها أيضا أدت لخلق واقع ضاغط على سلطة الاحتلال، فجبهة الصمود والتصدي ودول الطوق ومحور المجابهة كلها أصبحت في خبر كان، وقد استهلكت عقودا طويلة في الصراع مع الاحتلال دون أدنى فائدة، قبل حرب حزيران وبعدها حتى اليوم، ولهذا يتعامل الأردن مع الواقع اليومي للصراع الفلسطيني مع قوات الاحتلال والمستوطنين المتطرفين وليس من باب الأماني فقط، فمجرد تسهيل حركة الفلسطينيين ومنحهم حق التنقل وإعادة تسهيل سلاسل التوريد الى الضف? وقطاع غزة في زمن عصيب، هو واجب يؤديه الأردن وحيدا لضمان بقاء الأشقاء الفلسطينيين، بعد اجتماعات أعضاء الإدارة الإسرائيلية مع الملك ومسؤولين في عمان قبل حلول شهر رمضان.
اليوم عادت العلاقة بين الإدارة الإسرائيلية وعمان للتوتر، فالأردن لا يمكنه أن يقف متفرجا ولا مكتوف الأيدي وهو يشاهد كل ذلك الخرق الفاضح للتفاهمات التي أكد عليها الملك بعدم المساس بحرية المصلين أو إعاقتهم، ومن هنا يجب تقييم العلاقة مع الحكومة الاسرائيلية إذا ما بقيت داعمة للمتطرفين المحروسين بالقوة العسكرية الذين يعتدون على حرمة وقدسية القدس الشريف، فإذا تصاعد الموقف ضد المقدسات في القدس والاقتحامات ضد المدن والمخيمات الفلسطينية، سنعود الى المربع الأحمر مع أي إدارة جديدة قد تأتي بيمين جديد على ما يبدو.. وأعا? الله الملك على تلك الفوضى السياسية الإسرائيلية التي تعودنا عليها.
Royal430@hotmail.com