المساعده يكتب: معايير الاعتماد الأردني للبرامج الأكاديمية

أ.د. عدنان مساعده
مدار الساعة ـ نشر في 2022/04/20 الساعة 02:38

الورشة التي أقامتها هيئة مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها حول إقرار الإعتماد الأردني للبرامج التعليمية في الجامعات الأردنية، والتي إستضافتها مشكورة جامعة العلوم التطبيقية مساء يوم الثلاثاء 12/4/2022 جاءت ضمن إستراتيجية عمل الهيئة التي تسعى للتطوير والتحديث الدائم والمستمر لرفع سوية جودة التعليم في جامعاتنا حيث أن المحاور الرئيسة والهامة التي تناولتها الورشة تصب في تطوير البرامج الأكاديمية الأمرالذي يتطلب توحيد محتوى الخطط الدراسية في جميع البرامج المماثلة في الجامعات بمستوى يراعي حاجة سوق العمل لتشتمل هذه الخطط على الجانب التطبيقي الهام ليكون الخريج مؤهلا تدريبا عمليا في كل التخصصات.

نعم، إن هناك إعتمادات دولية للبرامج، وإستطاعت الجامعات الأردنية في بعض برامجها أن تحقق شروط الحصول عليها ومنها برامج كلية الصيدلة والعلوم الطبية وبعض التخصصات الهتدسية وغيرها، ويعد ذلك قيمة مضافة لتلك البرامج. ولكن وجود معايير جديدة لإعتماد أردني وطني للبرامج الأكاديمية لا يقل أهمية من حيث مستواه وعناصره عن تلك الإعتمادات الدولية مثل تصنيف شنغهاي وتصنيف ويب ماتركس والتايمز وكيو أس، إضافة إلى أن توجيه بوصلة هذه البرامج الأكاديمية نوعا وكمّا لتنعكس هذه المكونات على جودة التعليم العالي في جامعاتنا الذي تعرّض إلى تراجع في المستوى بسبب التوسع الأفقي غير المدروس للكثيرمن البرامج من جهة، وبسبب الأعداد الكبيرة من الطلبة حيث لم تعد البنية التحنية في الجامعات قادرة على استعابها من جهة ثانية.

إن المراجعة المستمرة للمستجدات تقييما وتقويما، يتطلب وضع معايير جديدة ونوعية لإنجاز إعتماد أردني وطني للبرامج الأكاديمية الذي تضطلع به هيئة الإعتماد، سيمّا وأن جامعاتنا زاخرة بالخبرات الأكاديمية والإدارية والفنية المتميزة لتساند مهمة الهيئة في مقصدها النبيل وأهدافها رؤية ورؤيا، لتكون هذه البرامج قويّة في عناصرها، وتشير أيضا إلى نقاط القوة وتعزيزها وإلى نقاط الضعف والخلل ومعالجتها لنعيد للتعليم العالي ألقه ونضعه على السكة الصحيحة مع ضرورة إيلاء التعليم التقني أهمية كبيرة الذي لم يكن من الأولويات خلال العقود الماضية ممّا أحدث خللا في توازن منظومة التعليم من جهة، وتكدّس التخصصات النظرية من جهة ثانية، وزادت البطالة بشكل مضطرد في ظل عدم السيطرة على ضبط مخرجات سوق العمل من جهة ثالثة، ممّا شكّل وما زال يشكّل هاجسا وتحديا للدولة في مختلف المجالات لإيجاد حلول ناجعة لهذه الأعداد من أبنائنا وبناتنا الذين يصارعون الفراغ ويقضون أوقاتهم سدى، فتضيع هذه الجهود الشابّة وينعكس ذلك سلبا على التنمية.

إننا إن نجحنا في معالجة منظومة التعليم، فإن ذلك سينعكس تنمية وقدرات ورفعة على كل المجالات الصحية والزراعية والهندسية والعلوم الاجتماعية والقانونية وغيرها فيكون الطبيب مؤهلا والمهندس بارعا والمعلم مبدعا والقانوني ناجحا لتكتمل المنظومة التعليمية بكافة صورها على بلدنا الذي يستحق منا جميعا تقديم أقصى الجهود المخلصة التي ستؤتي أكلها الخّيرة وثمارها الطيبة بإذن الله.

كما إن إتخاذ قرارات جريئة لا تخضع لسياسة الإسترضاء التي يعاني منها قطاع التعليم وتسمّية الامور بمسمياتها الحقيقية، بعيدا عن الزخرفة والإستعراض يسهم في تطوير إحتياجات الجامعات الحقيقية وصياغة نهج تربوي وتعليمي أردني القالب والمضمون وعربي الرسالة والتوجه وعالمي المدارك والمعرفة يكون قادرا على وضع نفسه على خريطة العالم المعرفية يؤثر ويتأثر بها بكل إيجابية.

وهنا، فإعتقد أن مجلس التعليم العالي والبحث العلمي ممثلا بمعالي استاذنا الدكتور وزير التعليم العالي والبحث العلمي وعطوفة رئيس هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وضبط جودتها وزملائهم أعضاء المجلس يدعمون هذا التوجه لإنجازه بأفضل صورة لتكون المخرجات وطنية بإمتياز، لإن النهضة لا تتحقق ولن تتحقق إلا بالتعليم ثم التعليم ثم التعليم نوعا وكمّا وبما يراعي إحتياجاتنا الوطنية التي تنعكس على جميع مفاصل ومحاور التنمية في بلدنا. إضافة إلى ترسيخ مفاهيم العمل المؤسسي في الوسط الأكاديمي رؤية ومتابعة وواقعا وتنفيذا وتفكيك كل العقد الشائكة التي رافقت منظومة التعليم لتصويب مواطن الخلل أنىّ وجدت ومعالجة كل الثغرات بالإرادة والعزيمة والتخطيط الفاعل والمدروس بحجم أمانة المسؤولية الوطنية تجاه ميادين شتى التي ترتبط بالتعليم لإحداث نقلة نوعية حقيقية وعملية.

وختاما، فالجهد المخلص الذي تبذله هيئة إعتماد مؤسسات التعليم العالي وضبط جودتها والعاملين فيها برؤية مستقبلية إستشرافية ومتابعة حثيثة بالتعاون مع الجامعات هو موضع تقدير، ودامت النفوس الكبيرة التي تعمل وتعمل وتعمل بمنهجية وصمت وهدوء دون كلل اوملل. ودامت القلوب النضرة التي لم تلوثها المغريات مهما كانت والتي تتسامى عاليا لتحقق الأهداف النبيلة التي تنفع البلاد والعباد.

• كاتب وأكاديمي/ جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية

• عميد أكاديمي سابقا/ جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية/ جامعة اليرموك

• رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس سابقا/ جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية

مدار الساعة ـ نشر في 2022/04/20 الساعة 02:38