لن تفلس الدولة الأردنية

نور الدويري
مدار الساعة ـ نشر في 2022/04/18 الساعة 14:06

لست بصدد تقديم تحليل إقتصادي، فأنا مطلعة، ومتابعة لكنني لست خبيرة، مع ذلك إطلاعي يقنعني بما يكفي وبالأسباب الواقعية أن الدولة الأردنية لن تفلس، وإليكم الأسباب الأبسط لذلك سأطرح عدة أسئلة جدلية، وأجيب عنهم وفقا لأوضاع دولة مشابهه، ومقارنات إقتصادية يمكن عمل بحث صغير عنها على محركات البحث، لذا سأترك مهمة التحقق من إجابات الأسئلة أدناه لمن يحب المراجعة أو القراءة أكثر في علم الإقتصاد أو ظرفية ما يطلق عليها (إفلاس الدول) !! .



أولا: ماذا يعني إفلاس الدول، وما مدى دقة المصطلح؟

لا يوجد ما يسمى دولة مفلسة، يوجد دول ضعيفة أو متوسطة أو قوية إقتصاديا وسياسيا ، والأصناف الثلاثة تمر بشكل طبيعي بمنحدرات النمو، والاستقرار، والقمة، والتعثر والتراجع ... وهكذا، أي سلسلة كما لو كانت مخطط نبضات قلب.

ثم كلمة إفلاس تعني ائتمانيا وماليا قدرة الفرد أو المؤسسة أو الحكومة عن عدم الإيفاء بمسؤولياتها، وبيع اصولها الثابته، وغير الثابته، وعدم قدرته على تحصيل ودفع ذممها المدينة، والدائنة، ولا تستطيع أي دولة بيع أصولها لاسيما الأرض بالمقدار الذي يخشى فيه أحد على مكون بقاء الدولة فهذا قانون دولي أصلا وهنالك تداعيات دوليا ضخمة، ولا يقارن تأميم أو خصخصة أو بيع مؤسسة حكومية مثلا على إتجاه الدولة للأفلاس واتفقنا أم اختلفنا فهذا يعد نهج اقتصادي له ما له وعليه ما عليه، ولست بصدد اطلاق إحكام هنا بل بتوضيح ما اشيع مؤخرا عن (إفلاس الدولة !) .

إن عجز الدولة الحقيقي يعني عجزها المالي الوارد في الميزان التجاري، والذي نقرأه نحن (الغير خبراء) هو عدم قدرة الدولة وبشكل قطعي عن الإيفاء أو سداد ديونها، لتصبح غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها المالية إتجاه أفرادها كذلك مثل: دفع الرواتب، والمستحقات المشاريع، ودفع ما يتم إستيراده من البضائع والسلع، أي أن ما يحدث ( إنخفاض حاد في إيرادات الدولة ) وأيضا لا يطلق عليها دولة مفلسة إنما دولة عاجزة كونها لا تستطيع تسير أعمالها الإقتصادية مما سيؤثر بالضرورة على سياساتها الداخلية ، والخارجية ويهدد سلمها المجتمعي.

ثانيا : كيف تتجنب الدول مراحل العجز ؟

بالطبع العجز سيعني إنخفاض القوة الشرائية، ونقل رؤوس الأموال (الودائع والمدخرات)، تعسر البنوك، تراجع العملة، عدم القدرة على إبقاء الاحتياطي في المركزي، ارتفاع معدلات التصخم لأرقام قياسية وطبعا إفلاس المؤسسات الخاصة، وإرتفاع البطالة والفقر، وطبعا لا يعني إرتفاع البطالة أو الفقر بالأردن إعلانا لمرحلة العجز التام أو ما يطلق عليه البعض توجها للأفلاس (لا سمح الله) انما تعسر واضح في الميزان التجاري و/أو إرتفاع التضخم، وتضرر القطاعات الحيوية اقتصاديا، وبالطبع تراجع لتصنيفها الإئتماني، مع ذلك التصنيف الإئتماني في الأردن مستقر .

مع العلم أن أكبر اقتصاديات الدول مثل الصين لديها مستويات قياسية من التضخم، ودخل الفرد الضعيف جدا ..

وتعمد الدول لحل التضخم إلى رفع الضرائب والرسوم ، و/ أو اللجوء للقروض من البنوك المحلية والدولية، عقد صفقات مع دول صديقة لضخ إستثمارات لتحسين الإقتصاد.

ثالثا : هل يستطيع الأردن الخروج من الأزمة والتعافي؟

في الحقيقة يستطيع الأردن الخروج من أزمته مع أو بدون الإعتماد على النهج الكلاسيكي في رفع الضرائب والرسوم، أو الاستدانة المستمرة، أو هيلكة القروض وضخ أسهم أو ما يسمى إصدار سندات ورفع الفائدة، ورفع نسبة الإحتياطي ... الخ.

بل تسطتيع أيضا استخدام السياسات التوسعية كذلك مثل : زيادة حجم الطلب أو الإنفاق الكلي لتحقيق العمالة الكاملة، ويأتي بخفض الضرائب، أو زيادة الإنفاق الحكومي أو كلاهما وإعادة النظر لسعر إعادة الخصم، وتوجيه البنوك لسياسة التوسع لتحسين القدرات الشرائية والتداول ... الخ

رابعا هل يجب أن نقلق على وضع الأردن؟

الإعتراف بالذنب فضيلة (نعم) يجب أن نقلق، لأن الاردن من قبل أزمة كورونا يعاني من ضعف إقتصادي وبطالة ... فكيف بأزمة كورونا والفترة الحالية، والقادمة عقب الأزمات السياسية في الإقليم والعالم والتي تربط باسعار العملات والمعادن والنفط وبالطبع التأثير على أسعار البورصات، وأسعار المواد الخام، والمصنعة ، والمواد الغذائية .... الخ. والتي ستخلق عبئا إضافيا على الأردن.

خامسا : هل يمكن أن نشجع الاستثمار ونجذبه في الأردن؟

الإجابة بسيطة : ( استثمر في الأردن وقلبك قوي (أهلا وسهلا وصدر البيت الكم) ).

لن اقفل المقال دون الإشارة أن التصنيف الإئتماني للأردن مستقر، وأن الإحتياطي المركزي ممتاز، وإن العملة مستقرة، وان الدولة لا تزال تستطيع الإيفاء بديونها وتدفع الرواتب، وتحاول صرف المنح والمساعدات الدولية في عدة مشاريع وبرامج، وتستطيع تقديم تسهيلات للمستثمرين وتقدم أرضية مذهلة من رأس المال البشري، والمناخات، والثروات التي تمكن نشوء إستثمارات متنوعة .

اختلفنا أم اتفقنا فالمصلحة الوطنية تلزم علينا أن نعترف أن الأردن بقعة استثمارية ممتازة، ويستطيع ان يلعب دورا في الأمن الغذائي للمنطقة، ويستطيع أن يكون محورا في الإقليم لربط الأسواق الضخمة بشكل أو بأخر، والتمكن من تحويل و/أو صناعة مدينة رقمية ذات مشاريع رقمية رائدة تدر دخلا ممكن جدا، ناهيك عن تحسين قانون الإستثمار، وتنمية السياحة.... واهم محور تعزيز الأمن على الإستثمار بثلاثية (الاستثمار، العمل، الداخلية) وتعديل جذري للاستثمار آليات الجذب .

بالمحصلة الأردن لن يفلس .

مدار الساعة ـ نشر في 2022/04/18 الساعة 14:06