سقوط جسر مشاة
كمن يستيقظ من حلم، فوجئت قبل بضعة أيام وأنا أسير في شارع الشهيد من جهة دوار المشاغل باتجاه دوار المدينة الرياضية، وإذ بالنصف الأيمن من جسر المشاة الواقع بعد حراج السيارات، ممدد على الأرض فيما النصف الأيسر معلق بالهواء!
لم أتمكن من الوقوف لمعاينة الموقع بسبب أزمة المرور، وبقي المشهد يرافقني وأنا أتساءل ماذا حدث؟ وحرصت على التوقف في الموقع في طريق العودة، ونزلت من السيارة وراقبت منظر الجسر المشطور الى نصفين! ووضعت الشركة المنفذة على بوابة النصف المعلق حاجزا، لكي لا يخطئ أحد باستخدام الجسر للعبور الى الجانب الآخر من الشارع فيسقط، ويتقطع جسده تحت عجلات المركبات، وقد يخرج نبأ أو إشاعة بأنه انتحر لأسباب نفسية، او نتيجة الفقر وضغوطات الحياة التي تتزايد يوما بعد آخر!
التقطت مجموعة من الصور و"فيديو» للجسر «المشطور» الى نصف معلق والثاني ممدد على مسار الباص السريع، وللتذكير فهذا الجسر وغيره جسور عديدة أنشئت لخدمة المشاة ضمن مشروع الباص السريع، ولم يمض على انجاز الجسر وإعادة ترميم الشارع الرئيسي غير بضعة أشهر، فيما مسار الباص السريع الذي يتوسط الاوتستراد لم ينته العمل به حتى الآن!
لم يشبع فضولي الصحفي ما التقطته من صور نشرتها في صفحتي على الفيسبوك، فعدت في اليوم التالي لمعاينة الموقع من نفس اتجاه نصف الجسر الذي سقط، وشاهدت بالعين المجردة الهبوط الذي وقع في المنطقة، التي أقيمت عليها قواعد الجسر، واكتشفت كم الغش في تنفيذ العديد من المشروعات، الذي يدفع ثمنها المواطن الأردني من رزقه وتعبه، وبضمنها مشروع الباص السريع، الذي أرهق سكان عمان والقادمين اليها من المحافظات، وسبب معاناة هائلة وحالة توتر وضغوطات نفسية، نتيجة أزمات السير والتحويلات المرورية التي ارتبطت بالمشروع طيلة أحد عشر عاما، ?تحويل الشوارع الى حفر ومطبات ورقع، فضلا عن الخسائر الفادحة التي تكبدها أصحاب المتاجر والمرافق الخدمية الواقعة على مسار المشروع!
لا اعتراض على تطوير منظومة النقل العام، وترسيخ ثقافة النقل الجماعي، بل أن ذلك ضرورة ملحة لأن وجود وسائل نقل عام محترمة ومنظمة تعمل ضمن مواعيد محددة خدمة أساسية تحترم قيمة الانسان، نظرا لكون وسائط النقل العام المستخدمة متهالكة وفوضوية وغالبيتها «كوسترات» يتعامل سائقوها ومساعدوهم «الكونترولية» مع الركاب كأنهم أغنام! ولم يكن ثمة ضرورة لإضاعة 11 عاما على مشروع الباص السريع، بكل ما رافقها من معاناة وتكاليف مالية زادت عن 90 مليون دينار.
كان يكفي شراء باصات نقل حديثة ووضع جدول زمني لمواعيد تحركها، وقد جربت أمانة عمان ذلك بشراء 135 حافلة حديثة وشغلتها عام 2019، باسم «باص عمّان» بإدارة شركة تركية، وكانت انطلاقتها جيدة ومبشرة تغطي 27 مسارا في العاصمة وتعتمد نظام بطاقات الدفع الالكتروني، حيث كانت الباصات تتحرك كل ربع ساعة، ثم تراجعت وأصبحت عملية الانتظار تزيد عن نصف ساعة واكثر.
theban100@gmail.com