تعزيز تنافسية المنتج المحلي يتطلب تمكيناً إجرائياً وتنظيمياً
مدار الساعة - أكد صناعيون ومصدّرون أن تعزيز تنافسية المنتج المحلي، وترجيح كفّة الصادرات المحلية، يتطلّب تمكين بيئة الأعمال إجرائياً وتنظيمياً، من خلال التشريعات والقوانين، بما ينمي الصناعة الوطنية.
وأشاروا إلى ضرورة التركيز على عناصر الأسواق ورأس المال البشري ومنظومة الابتكار والإبداع، وتكاليف الإنتاج من طاقة وعمالة وتمويل، بالإضافة إلى حماية المنتج المحلي من إغراق السوق بمنتجات مستوردة لها مثيل وطني، واستحداث “عناقيد” صناعية ضمن مناطق جغرافية محددة لكل قطاع، لجذب الاستثمارات إليها.
رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمان المهندس فتحي الجغبير، أكد أن تعزيز تنافسية المنتج المحلي محلياً، يستدعي توفير وتمكين بيئة الأعمال، من الناحية الإجرائية والتنظيمية، من خلال قوانين وتشريعات تنظّم وتدعم العملية الاستثمارية والإنتاجية، وتشجع على التطور والتقدم، وتهدف إلى زيادة تنافسية الصناعة وحل القضايا والتحديات الداخلية والخارجية التي تعيق عملية ازدهارها ونموها.
واستعرض الجغبير عدداً من التحديات التي تعيق عمل الصناعة، كقانون الاستثمار، وأنظمة الضريبة والرسوم، والحوافز الاستثمارية والتصديرية، وقانون العمل والضمان الاجتماعي، وأنظمة التفتيش والرقابة، وحوكمة الشركات، وحقوق الملكية.
وأشار إلى أن آلية رفع تنافسية العملية الإنتاجية لمنتج معين باختلاف طبيعته ودرجة التعقيد التي يتمتع بها، تدور في أربعة محاور رئيسية: هي البيئة التمكينية للأعمال، والأسواق، وراس المال البشري، ومنظومة الابتكار والابداع، باعتبارها شاملة لجميع العناصر المتعلقة بتنافسية العملية الإنتاجية، التي يجب التركيز عليها.
وفصّل المحاور بدءاً بتمكين بيئة الأعمال، التي اعتبر أنها تحتاج إلى توفير برامج وقرارات، تهدف إلى دعم العملية الإنتاجية للصناعة الوطنية مباشرة، بدءاً من تكاليف الإنتاج، من مواد أولية، بما يدعم الوصول إليها- محلية ومستوردة- بأقل التكاليف الممكنة، من خلال تخفيض تكاليف الشحن والنقل الداخلي والرسوم والضرائب، وتبسيط إجراءات الاستيراد.
وأكّد الجغبير ضرورة التركيز على تخفيض فاتورة الطاقة للصناعات المحلية، بدعم برامج الطاقة البديلة والمتجددة ودعم وصول خطوط الغاز إلى المناطق الصناعية، وخفض تعرفة الكهرباء الصناعية على جميع المنشآت باختلاف طبيعتها وحجمها، وإيجاد بنية تحتية صناعية قوية، تعمل على تسهيل حركة البضائع والخدمات والمعلومات داخل البلاد.
وأضاف “أن الصناعة الوطنية، تحتاج إلى حماية المنتج المحلي من المنافسة الأجنبية الشديدة داخل السوق المحلية، من خلال زيادة القيود والإجراءات المفروضة على المنتجات المستوردة، التي باتت تشكل خطراً واضحاً، بسبب درجة الإغراق”، لافتاً إلى أن حجم المستوردات من المنتجات ذات المثيل المحلي، تزيد عن 5 مليارات دينار، ما يتطلب تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل للحد من توسع قاعدة تلك المنتجات، ومدى تأثيرها على الصناعة الوطنية وتنافسيتها.
ودعا إلى توفير تسهيلات ائتمانية أوسع باعتبارها إحدى أهم القضايا التي تواجه الصناعة الوطنية، ولاسيما المنشآت الصغيرة والمتوسطة، لتوسيع وتطوير العملية الإنتاجية، ودعم استمراريتها، وزيادة قدراتها التسويقية والترويجية لتوسيع نطاق مبيعاتها.
وأضاف أن الإجراءات التصحيحية لتعزيز التنافسية المحلية، تشمل توفير عمالة مؤهلة وقادرة على الالتحاق بسوق العمل ضمن المتطلبات والمؤهلات المطلوبة، مشيراً إلى أن توفر العمالة المؤهلة، يعد تحدياً مهماً يواجه الصناعة، اضافة إلى ضرورة دعم برامج ومراكز التدريب والتأهيل المهني بما يتماشى مع احتياجات السوق، وتعزيز المكون والتطبيق العملي داخل الجامعات وتوجيه مشروعات التخرج للتخصصات الهندسية نحو كيفية تطوير الصناعة الوطنية ضمن الإمكانات والقدرات الواقعية، وتخفيض اقتطاعات الضمان الاجتماعي.
ولفت الجغبير إلى ضرورة تعزيز دور التكنولوجيا والبحث والتطوير بالعملية الإنتاجية، من خلال دعم المشروعات والبرامج الريادية الداعمة للصناعة الوطنية،من حيث التنويع السلعي وتطوير ماهية المنتج، وتوفير برامج وطنية تمويلية هادفة إلى تشجيع الصناعة على تعزيز مفهوم الإبداع والابتكار، وتقديم تسهيلات ائتمانية بفوائد مخفضة جداً لدعم تمويل تنفيذ تلك المشروعات.
وبيّن أن ما اقترحه من اجراءات لرفع تنافسية المنتج محلياً، سينعكس مباشرة على زيادة حجم الصادرات، بعد أن تتاح المنتجات الوطنية بتكاليف أقل وبجودة عالية وضمن طرق ترويجية وتسويقية مبتكرة، كنتاج للجهود المبذولة في سبيل تمكين بيئة الأعمال وتطبيق جميع العناصر الداعمة لتوفير بيئة أعمال ملائمة للصناعة الوطنية.
وأوضح أن تعزيز تنافسية المنتج المحلي يقلّل الاعتماد على المنتجات المستوردة لتغطية حاجة السوق المحلية، وخصوصا أن الكثير من الصناعات الوطنية تمتلك مساحة جيدة لزيادة حصتها من إجمالي حجم استهلاك السوق المحلية، بعد أن تصبح المنتجات المحلية قادرة على منافسة المنتجات الأجنبية جراء الإجراءات التصحيحية للوضع التنافسي لها، وبالتوازي مع القرارات الهادفة الى ضبط انسياب المنتجات الأجنبية إلى السوق المحلية.
وأشار إلى أن حجم القدرات التصديرية غير المستغلّة، يُقدّر بما يزيد عن 4.4 مليار دولار، ضمن الإمكانات والقدرات الإنتاجية الحالية، حيث تتطلب فقط تعزيز القدرات التسويقية والترويجية لها وتسهيل وصولها الى الأسواق العالمية بتحقيقها للمتطلبات والمعايير الدولية، وتحسين تنافسيتها مقارنة بالمنتج الأجنبي.
وأكد الجغبير أن ذلك يؤكد قدرة الصناعة الوطنية على زيادة حجم صادراتها إلى أكثر من 10 مليارات دولار، بعد رفع تنافسية المنتج المحلي.
بدوره، عرض عضو مجلس إدارة غرفة صناعة عمان الدكتور إياد أبو حلتم، عوامل لإعادة تنافسية المنتجات الصناعية، منها التكلفة والمطابقة مع المواصفات والجودة وملاءمة أذواق المستهلكين وقدرة المنتجات على اختراق الأسواق المحلية والخارجية.
وقال “إن المنتجات الصناعية المحلية، لها تكاليف إنتاجية، من مواد خام بعضها مستورد، وتكاليف التشغيل، والكهرباء والنقل والتمويل”، داعياً إلى إيجاد سياسة وطنية لتخفيضها كلها.
واقترح أبو حلتم، استحداث “عناقيد” صناعية في تجمعات ضمن مناطق جغرافية محددة لكل صناعة، ما يشجع ويرفع من جاذبية الاستثمار، إضافة إلى ضرورة التنسيق بين الجهات المعنية بتطوير الصادرات، لزيادة الحضور في المعارض، من خلال أجنحة عرض للقطاعات التي تحمل ميزة تنافسية.
الخبير الاقتصادي المهندس موسى الساكت، أكد أن تكلفة المنتج المحلي، المنبثقة عن تكاليف الطاقة، تستدعي تخفيضها بالدرجة الأولى أسوة بدول مجاورة، وتأمين مصادر طاقة رخيصة للصناعة، كالطاقة البديلة، ولاسيما للصناعات الكبيرة.
ولفت إلى أن تكاليف النقل، الداخلي والخارجي مرتفعة، إضافة إلى مدخلات الإنتاج التي تستدعي دفع ضريبة مبيعات قبل البيع، ما يستدعي إعادة النظر فيها كلها بهدف رفع التنافسية.
وقال إن الحصول على التمويل، صعب جداً، والدليل على ذلك أن الصناعة تستحوذ على نسبة لا تزيد عن 12بالمئة من التسهيلات، وهي نسبة ضعيفة جداً، لا سيما وأن نصفها يذهب للصناعات الكبيرة بعيداً عن الصغيرة والمتوسطة.
وأضاف إنه لا يمكن إنشاء أي مشروع دون الحصول على تسهيلات بنكية، ما يتطلب معالجة سريعة، مشيراً إلى أن ضرورة توفير عمالة مدربة ضمن برامج متكاملة.
واعتبر رئيس جمعية المصدرين الأردنيين أحمد الخضري، أن المنتجات المحلية وخصوصا الغذائية، تتمتع بعدد كبير من الإيجابيات، في ظل وجود اتفاقيات تجارة حرة مع عدد من الدول، التي تسهم بانسيابية وصول الصادرات إليها.
وبيّن أن ارتفاع أجور الشحن وشح الحاويات، تحديان أمام وصول السلع المحلية لأسواق خارجية، داعياً إلى توحيد الجهود الوطنية ما بين الحكومة والقطاع الخاص بهذا الخصوص. (بترا)