الصين 'تتجسّس'على إسرائيل.. بـِ'أكواب القهّوة'!
ليس غريباً أو مفاجئاً قيام الأجهزة الاستخبارية/الصهيونية بتلفيق تهمة التجسّس لشخص أو تنظيم أو سفارة دولة ما, لكن المثير هذه المرة هو أنَّ الدولة المُتهمة هي «الصين», التي تربطها بها علاقات ليس مبالغة وصفها بـ«الجيدة جداً».
«حكاية» التجسّس المثيرة هذه, كشفها موقِع «واللاّ» الإلكتروني العبري, الذي يُموّله ناشر صحيفة/يديعوت أحرونوت اليومية, واسعة الإنتشار والتأثير (أرنون مُوزس المُتورّط بشبهة فساد مع نتنياهو في لائحة الاتهام المُوجّهة للأخير).
نقلَ موقع «واللاّ» عن مصادر استِخبارية, أن جهاز الأمن العام الإسرائيلي/الشاباك, يُحقّق في «هدايا» قدّمتها السفارة الصينية في تل أبيب إلى عدد من وزراء العدو, بينهم وزيرة النقل/ميراف ميخائيلي ووزيرة الابتكارات والعلوم/أوريت فركاش هكوهين، «تبيّن» بعد فحص «روتيني» أنّ بداخلها «أجهزة تجسّس»، لافتاً -الموقِع–أنّ جهاز الشاباك رفض التعليق على الموضوع..
لم تقف الأمور عند هذا «الاكتشاف», بل تمّ الكشف عن خبر أكثر إثارة وهو أنّ «إذاعة» جيش العدو هي «أول» من كشف الواقعة هذه في نشرة صباح الثلاثاء وليس موقع «واللّا»، ما أثار زوبعة من المخاوف والتحليلات التي تغرف من ثقافة التشكيك بكلّ ما هو صيني, قياساً على ما تفعله إستخبارات حارسة القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم, راعية دولة الاحتلال.. الولايات المتّحدة. وتذكرون حكاية شركة «هاواوي» الصينية وتقنية الـ5G التي تحوي أجهزة تجسّس مُرتبطة بالحكومة الصينية, على ما زعمت إدارة ترمب ما استدعي ضغوطاً هائلة محمولة على عقوبات وتهديد مارستها واشنطن، انتهت بمقاطعة أغلب الدول الأوروبية/وتلك التابعة لها، وتمّ حظر مُنتجات الشركة الصينية الرائدة في تقنية الاتصالات.
الحكاية لم تقف هنا أيضاً، بل تدحرجت ككرة الثلج، خاصّة بعدما كشفت القناة «12» الإخبارية الصهيونية مساء أول أمس/الثلاثاء, عن توتّرات «دبلوماسية» أخذت طريقها إلى مشهد العلاقات بين بيجين وتل أبيب, بسبب ما بات يُعرَف في إعلام العدو بحادثة «الأكواب المشبوهة» التي قامت سفارة الصين بإهدائها للوزارات وعدد كبير من المكاتب الحكومية الصهيونية، خاصّة بعد تحقيق الشاباك الذي انتهى إلى أنّها تحتوي «أجهزة تجسّس».
إتّهام كهذا أغضب الصينيين على ما قالت القناة/12 التي أضافت, أنّ الصين «هدّدت» تل أبيب بتداعيات وخيمة على العلاقات بين الجانبين، «ما لم» تُصدر الأخيرة توضيحاً رسمياً تنفي من خلاله, أن تكون الصين «حاولتْ» التجسس على وزارات حكومية, من خلال سفارتها في تلّ أبيب كما أكّدت القناة الإسرائيلية.. كاشفة أيضاً أنّ «الهدايا» الصينية من الأكواب الحرارية التي قيل أنّه تمّ تقديمها بمناسبة عيد الفصح اليهودي (مساء/الجمعة 14/4)، لم تقتصِر على الوزارات الحكومية فقط بل إلى عدد كبير من الهيئات غير الحكومية والخاصة.
في التفاصيل المثيرة أيضاً (وقبل التهديد الصيني) أنّ جهاز الشاباك الصهيوني, تواصلَ مع جميع الجهات التي تلقّت «الهدية» الصينية، وقام بجمعها والتحقق من عدم احتوائها على القطعة المُشتبه بها، حيث تبيّن (لاحِقاً) أنّها «قطعة عادية هدفها الحفاظ على فراغ في جوانب الكأس وعلى درجة الحرارة فيه، وليس جهاز تنصّت"!!.
تقرير القناة/12 الصهيونية كان مُوسعاً وشاملاً, غطّى كلّ ملابسات هذه «القضية» التي افتعلتها أجهزة الأمن الصهيونية, لأسباب ما تزال مجهولة -ربما تظهر لاحقاً- إذ أوردت أنّ خارجية العدو تلقّت اتّصالاً هاتفياً غاضباً من مسؤولين في السفارة الصينية بتلّ أبيب، شدّد فيه المسؤول الصيني, على أنّه «لا يوجد أيّ أساس للمزاعم التي يتمّ الترويج لها حول شبهات بعملية صينية للتجسّس على إسرائيل».. بل مضى المسؤول الصيني/الغاضب إلى اعتبار أنّ «الشائعات المُتداولة كانت مقصودة, وتهدف إلى دقِّ إسفين بين الصين وإسرائيل»، طالباً «توضيحاً» رسمياً من الجانب الإسرائيلي.
حاولت إسرائيل التملّص من مسؤولية بثّ اتهامات كهذه للصين, عبر رسالة بعثها مسؤولون صهاينة إلى الصين تقول:"لسنا وراء التقارير التي تداولتها وسائل الإعلام في هذا الشأن». لكن ذلك لم ُيقنع السفارة الصينية التي بعثت برسالة شديدة اللهجة -على ما وصفتها القناة/12- إلى الحكومة الإسرائيلية, طالبتها فيها بـ"إصدار بيان رسمي، تحت طائلة حدوث تأثير فوري ومُعلن على العلاقات الصينية/الإسرائيلية».
أدركت حكومة بينيت أنّ المسألة وصلت حداً لم يَعُد يصمت مفيداً حيالها، ما دفعها للإيعاز إلى جهاز الشاباك إصدار بيان «رسمي", جاء فيه «أنّ فحص الخبراء أظهر أنّ القطعة عادية وليست جهاز تجسس».
في السطر الأخير، قد لا تنتهي حادثة «الأكواب المشبوهة» عند هذه «النقطة»، بل ربما تترك آثارها على علاقات البلدين, وهو ما استبطنه بيان السفارة الصينية/الثلاثاء 12/4 بأنّ «هذه الشائعات هدفها تشويه إسم الصين وتضليل الجمهور».