بعد إطاحة عمران خان.. هل يَحتدِم 'الصِراع الدوليّ' على باكستان؟

محمد خروب
مدار الساعة ـ نشر في 2022/04/11 الساعة 05:03

كان تصويت البرلمان الباكستاني حجب الثقة عن حكومة عمران خان رئيس حزب/حركة الإنصاف سيمرّ في شكلٍ عادي، كما يحدث في دول عديدة تتمتع بهوامش مُتباينة من الديمقراطية, لو أنّ «خان» لم يفجّر «قنبلته» التي ما تزال أصداؤها تتردد في جنبات المشهد الباكستاني, والمرشحة كمادة للسجال في الأزمة السياسية المتدحرجة التي بدأت تفرض نفسها على باكستان، بعد تشكيل حكومة جديدة برئاسة شهباز شريف اليوم الاثنين.

قنبلة عمران خان عن دور «أميركي» في إطاحته، لم يسقط عن جدول أعماله وهو سيواصل التصويب على المعارضة زعماء وأحزاباً, إن لجهة العمل على تفكيك الائتلاف الذي يعتزم شهباز شريف تشكيله. أم تمهيداً للانتخابات البرلمانية المقبلة والمقررة/تشرين الأول 2023، في الوقت ذاته الذي يصعب فيه تجاهل «الاستدارة» التي ربما تقوم بها الحكومة الجديدة, في شأن علاقات إسلام أباد الإقليمية/والدولية وبخاصّة تجاه الصين, التي ترتبط معها بعلاقات وطيدة, لم تتأثر كثيراً جراء التقلبات والانقلابات العسكرية العديدة التي حدثت في ذلك البلد، ناهيك الدور الباكستاني المعروف في أفغانستان, وصِلاتها الممتدة والمتشعبة مع الفصائل الأفغانية المسلحة، وخصوصاً حركة طالبان (للأخيرة فرع باكستاني يُوصف «طالبان باكستان").

وإذ لم يُقنع النفي الأميركي لأيّ دور لواشنطن في الأزمة الباكستانية المستجدة..أحداً، وبخاصة دول الجوار الباكستاني، كون «خان» أشار إلى غضب أميركي إزاء سياسته الخارجية وتقاربه مع كلّ من بيجين وموسكو، خاصّة زيارته اللافتة/والمثيرة لموسكو يوم 24 شباط الماضي، يوم بدأ الجيش الروسي عمليته الخاصّة في الدونباس، فضلاً عن اكتفاء واشنطن بهذا النفي «الكلامي» غير المقنع، دون أن ترمي قفاز التّحدي أمام «خان» وتبدي استعدادها التحقيق في «التسجيل", الذي قال فيه عمران خان أنّ سفيره لدى واشنطن أرسله له، وفيه يقول مسؤول أميركي رفيع المستوى: أنّ «الولايات المتّحدة تشعر بأنّ العلاقات يمكن أن تكون أفضل بين البلدين إذا غادر خان السلطة».

من هنا يمكن ربط ما يحدث في باكستان الآن بما حدث في أفغانستان منذ 15 آب/الماضي، وبروز الفشل الأميركي في ترتيب انسحاب منظّم لقواتها المهزومة في بلاد الأفغان, على يد الحركة التي ما تزال حتّى اللحظة مُصنفة «إرهابية» على القوائم الأميركية, المزدحمة بأسماء دول ومنظمات واحزاب وأشخاص, تخلع عليهم أميركا ولأسباب سياسية صفة الإرهاب.

معروف أنّ الإدارة الأميركية طلبت من حكومة عمران خان نقل قواتها المُنسحبة إلى باكستان وعبرها لم يستجب خان لها، ما أربك خطط الانسحاب وزاد من الفوضى التي رافقتها، زد على ذلك ما تمّ كشفه لاحقاً بأنّ إسلام أباد رفضت طلباً أميركياً لإقامة قاعدة عسكرية أميركية ولو مؤقتة فيها، ما زاد من غضب إدارة بايدن التي يبدو أنّها لم تغفر لـ"خان» هذا الرفض, المُتزامن مع تنسيق وتماثل في المستجدات الجيوسياسية التي ترتبت على الهزيمة الأميركية المُذلّة/والمُدوية في بلاد الأفغان, والتي توشك على بلورة تحالف «ثلاثي» آخذ في التشكّل بين ثلاث دول مجاورة لأفغانستان هي الصين وإيران وروسيا, يمكن أن تلحق بهم باكستان وإن كانت الهند لم تغب عن المشهد الذي يُقلقها نظراً لطبيعة العلاقات المتوترة والمحتقنة «تاريخياً» بين نيودلهي وإسلام أباد (حتّى في ظلّ حكومات أقل تعصباً مما هي عليه حكومة نارندرا مودي/زعيم حزب بهراتيا جاناتا الهندوسي المتطرف، كما كذلك في «عهود» الحكومات العسكرية الباكستانية, ودور البلدين في «الحروب» الأفغانية منذ ثمانينيات القرن الماضي حتّى الآن).

ملابسات وقائع ما جرى من أحداث وتجاوزات واصطفافات وانشقاقات في حكومة عمران خان, كما داخل صفوف المعارضة التي قويت شوكتها بعد انشقاق الحركة القومية المتّحدة (ذات السبعة نواب) عن الائتلاف الحكومي, وفّر للأخيرة العدد اللازم وأكثر لحجب الثقة عن حكومته, كذلك قرار المحكمة العليا بإلغاء قرارات حكومة خان بإلغاء التصويت على حجب الثقة وحلّ البرلمان والاقتراح على رئيس الجمهورية بتحديد موعد لانتخابات برلمانية مُبكرة، سيكون في صلب السجال الذي سيزداد حدّة مباشرة بعد تشكيل حكومة شهباز شريف, في الوقت ذاته الذي ستعلن فيه العواصم المجاورة حال «طوارئ» سياسية/ ودبلوماسية وربما تشكيل خلايا أزمة, لمعرفة توجّهات وسياسات الحكومة الجديدة في ما خصّ علاقاتها بها، وخصوصاً دور واشنطن في المشهد الباكستاني المُستجِد، إضافة الى الموقف الذي سيتّخذه الجيش الباكستاني خاصّة العلاقات العسكرية مع واشنطن, واحتمال تجديد الأخيرة طلبها إقامة قاعدة عسكرية هناك. دون إهمال خطوة دراماتيكية يمكن ان يلجأ اليها عمران خان, عبر تقديم استقالة «جماعية» لنواب حزبه في البرلمان/150 نائباً, ما يخلط الأوراق ويفضي الى إنتخابات برلمانية مبكرة يصعب التكهّن بنتائجها. في ظل أوضاع داخلية صعبة اقتصاديا واجتماعياً, وتدهور في الأوضاع المعيشية وارتفاع نِسب الفقر والبطالة والتضخّم.

kharroub@jpf.com.jo
الرأي

مدار الساعة ـ نشر في 2022/04/11 الساعة 05:03