بعد أحداث الكرك نحن بين الثقة والمحاسبة
مدار الساعة ـ نشر في 2016/12/24 الساعة 00:58
سيف الله حسين الرواشدة
بداية دعونا نقف بإجلال أمام شهدائنا وألم أمهاتهم، أبناؤنا الذين أقبلوا على الموت وتركوا خلفهم الأهل، لننعم نحن بحياتنا و رفقة أهلنا، لا نزكّيهم عند الله، بل نرجوا أن تطالنا شفاعتهم في الآخرة كما في الدنيا افتدونا والوطن بأرواحهم الطاهرة، وهم مع من قدّم الأردن منذ الأبد من شهداء الواجب أحياءٌ عند ربهم يرزقون. ما مر به الأردن من أحداث في الأيام الأخيرة، يضعنا أمام تساؤلات مشروعة برسم حبّ البلد و الواجب اتجاهها، تساؤلات دارت حول جاهزية مؤسسات الدولة و أجهزتها، وقدرة أذرعها الإدارية على الإسناد و التّعامل مع الأزمات، و قدرة أذرعها الإعلامية على مواكبة الحدث و السيطرة على الشّارع العام و توجييه بعيدًا عن الفوضى و الإرتباك و الإرتجال. و في المقابل وضعتنا هذه التساؤلات و أعداد من ارتقوا شهداء و خلفيّة منفذي العمليات الأمنية و مطالبات الحساب لمن قصّر أمام مخاوف هزّ ثقتنا بأجهزتنا الأمنية و مدى فاعليّتها و استعدادها، أمام تراجع ثقتنا بما تقدّمه الحكومة من خطط و تصريحات. فهناك من يطالب بالمحاسبة و يبالغ في جلد الذات ويخلط بين تصفية الحسابات و انتهاز الفرص و بين الواجب أمام الله و الناس و الوطن، و هناك من يطالبنا بالصّمت وابتلاع الجراح، بحجة وحدة الصّف و أن لا صوت يعلو على صوت المعركة، و أنّ هذا ليس الوقت المناسب لفتح ملفّات التّقصير و الأخطاء إن وجدت. قبل أن نخوض فيما سبق دعونا بدايةً نستعرض الهجمات التي تعرّضنا لها في هذا العام، من هجوم الرقبان إلى مخابرات البقعة و أحداث إربد و الكرك، هذه الهجمات طالت قوّاتنا المسلّحة و مخابراتنا و قوّات الأمن العام و الدرك، استهدفت الدّولة الأردنيّة بمؤسساتها بصورة ممنهجة و مخطط لها بروية لم تكن هجمات عفويّة أو مجرّد تخفيف ضغط و لولا فضل الله و أجهزتنا الأمنيِة و العسكريّة بإحباط أهداف هذه العمليات الرئيسية و السّيطرة على المجريات و الأضرار لكانت النتائج مرعبة، منفذوا هذه الهجمات كانوا في الغالب أردنيّون باستثناء الرقبان، وهذا لابد أن يذكّرنا بضرورة المواجهة الفكريّة و الاجتماعية من قبل وزارة الأوقاف و نخب المجتمع مع هذه الفئة الضالة فهذه المواجهة لا تقل أهيمة عن المواجهة الأمنية بل هي خط الدّفاع الأول، و عدم غضّ الطّرف عن مروجي هذه الأفكار تحت غطاء التّدين أو السلفيّة أو المظلوميّة و كل هذا منهم براء، أو الدعة الى عدم وجود حواضن اجتماعية لداعش في بلادنا فقد رأينا ما قد يوقعه بضعة من الأفراد من ضرر وحزن في وطننا، أما توزيعها الجغرافي بين مخيّمات اللّجوء السّوري و مخيّم البقعة و إربد و مخيّمها و قرى الكرك و قصٌبتها، فيُراد به ضرب وحدة مكونات هذا المجتمع و الّلعب على أوتار التفرقة بين مكوّنات البيت الواحد، هذه التفاصيل و غيرها ممّن يعلمها المتابع لهذه الملفات ترسم صورة ما نواجهه ووطننا من مخطط يراد به النّيل منّا، و عليه يجب أن تُقاس ردود أفعالنا لمواجهته. إذًا أين نقف بين مطالبة المراجعة و المحاسبة لمن قصّروا الثقة بدولتنا و أجهزتنا و حكومتنا؟ لابد أن نتمتّع بذكاء المسافة بين التفافنا حول دولتنا و بين واجبنا في محاسبة المخطئ، وأن نتفهّم الضّرورات الأمنيّة و العسكرية لهذه العمليات و ما تتطلّبه من تكتّم لا يحرمنا حقنا في معرفة الحقيقة و لو بعد حين، لابدّ أن نحاسب أذرع الدّولة الإعلامّية على تراجعها عن دورها في توجيه الرّأي العام، و أنّ واجبها أن تكون الرّافد الأوّل في هذه الظّروف للمعلومة فغيابها فتح الباب أمام الشّائعات و الاجتهادات الفردية غير المحترفة، أن نفرّق بين الضابط و الجندي في الميدان و بين السّياسي و الإداري، بين من يطلق النّار و يتلقّى الرّصاص و بين من يسند و يخطط و يخلق التّخبط، لابدّ أن نغلق الباب أمام أي منتهز للفرص أو مصفّ للحسابات، و نفتحه لمن يحمل همّ الوطن و الناس، و لا نريد أن نقع في فخّ المبالغة في جلد الذّات و لا أنّ نسكت عن التخبّط بحجّة المحافظة على الهيبة، أن يدرك المجتمع دوره في حفظ الأمن وإفساح المجال للأجهزة المختصة لأداء واجبها و مراعاة خصوصيّتها، و أن لا يحمّل رجال الأمن حملاً زائدًا نتيجة اندفاعه و لو بحسن نيّة. الدّولة الأردنية هي مشروع الأردنيين، هذا ما يجب أن توحّد عليه و ننصهر في بوتقه و نقف في خندقه و أجهزتنا الأمنية و جيشنا هم طودنا و قلعتنا، الوقوف إلى جانبهم و خلفهم فرض عين، لا يعيبنا أو ينقصهم محاسبة المقصّر و التعلم من الأخطاء، و لا محيد لنا للبقاء من مكافحة الفساد والإرهاب معًا، من تجفيف منابع الإرهاب و ملاحقة مجرميه، من إعادة النّظر بسياساتنا الإعلامية و أحوالنا الإقتصادية و خطبانا الديني و الفكري و النخبوي، من جلسة مصارحة بين الحكومة و شعبها لتوطيد الثقة، لن تهزّ هيبتنا بإقالة المقصّر، هيبتنا في دماء شهدائنا و عرق رجالنا و نخوة أهلنا، و لن يجعلنا التروّي في إطلاق الأحكام و عدم امتطاء الأحداث و البحث عن النّجومية و انتظار انتهاء العمليّات الأمنيّة متواطئين مع التقصير. وفي النهاية نحن الأردنيون تربطنا بعسكرنا علاقة حب خاصة، فهم الأب والأخ و الإبن و القريب، هم نحن! لهذا لن تنجح أيّ محاولة لشق صفنا، و سيبقى أولادنا يلبسون الفوتيك و شهداؤنا في قلوبنا من هزاع ووصفي إلى معاذ وراشد وخليل وأحمد، ستبقى يد الأردني قابضة على السلاح و أختها على التراب. و المجد كل المجد للشّهيد و أمه، و حمى الله الأردن و أهله.
بداية دعونا نقف بإجلال أمام شهدائنا وألم أمهاتهم، أبناؤنا الذين أقبلوا على الموت وتركوا خلفهم الأهل، لننعم نحن بحياتنا و رفقة أهلنا، لا نزكّيهم عند الله، بل نرجوا أن تطالنا شفاعتهم في الآخرة كما في الدنيا افتدونا والوطن بأرواحهم الطاهرة، وهم مع من قدّم الأردن منذ الأبد من شهداء الواجب أحياءٌ عند ربهم يرزقون. ما مر به الأردن من أحداث في الأيام الأخيرة، يضعنا أمام تساؤلات مشروعة برسم حبّ البلد و الواجب اتجاهها، تساؤلات دارت حول جاهزية مؤسسات الدولة و أجهزتها، وقدرة أذرعها الإدارية على الإسناد و التّعامل مع الأزمات، و قدرة أذرعها الإعلامية على مواكبة الحدث و السيطرة على الشّارع العام و توجييه بعيدًا عن الفوضى و الإرتباك و الإرتجال. و في المقابل وضعتنا هذه التساؤلات و أعداد من ارتقوا شهداء و خلفيّة منفذي العمليات الأمنية و مطالبات الحساب لمن قصّر أمام مخاوف هزّ ثقتنا بأجهزتنا الأمنية و مدى فاعليّتها و استعدادها، أمام تراجع ثقتنا بما تقدّمه الحكومة من خطط و تصريحات. فهناك من يطالب بالمحاسبة و يبالغ في جلد الذات ويخلط بين تصفية الحسابات و انتهاز الفرص و بين الواجب أمام الله و الناس و الوطن، و هناك من يطالبنا بالصّمت وابتلاع الجراح، بحجة وحدة الصّف و أن لا صوت يعلو على صوت المعركة، و أنّ هذا ليس الوقت المناسب لفتح ملفّات التّقصير و الأخطاء إن وجدت. قبل أن نخوض فيما سبق دعونا بدايةً نستعرض الهجمات التي تعرّضنا لها في هذا العام، من هجوم الرقبان إلى مخابرات البقعة و أحداث إربد و الكرك، هذه الهجمات طالت قوّاتنا المسلّحة و مخابراتنا و قوّات الأمن العام و الدرك، استهدفت الدّولة الأردنيّة بمؤسساتها بصورة ممنهجة و مخطط لها بروية لم تكن هجمات عفويّة أو مجرّد تخفيف ضغط و لولا فضل الله و أجهزتنا الأمنيِة و العسكريّة بإحباط أهداف هذه العمليات الرئيسية و السّيطرة على المجريات و الأضرار لكانت النتائج مرعبة، منفذوا هذه الهجمات كانوا في الغالب أردنيّون باستثناء الرقبان، وهذا لابد أن يذكّرنا بضرورة المواجهة الفكريّة و الاجتماعية من قبل وزارة الأوقاف و نخب المجتمع مع هذه الفئة الضالة فهذه المواجهة لا تقل أهيمة عن المواجهة الأمنية بل هي خط الدّفاع الأول، و عدم غضّ الطّرف عن مروجي هذه الأفكار تحت غطاء التّدين أو السلفيّة أو المظلوميّة و كل هذا منهم براء، أو الدعة الى عدم وجود حواضن اجتماعية لداعش في بلادنا فقد رأينا ما قد يوقعه بضعة من الأفراد من ضرر وحزن في وطننا، أما توزيعها الجغرافي بين مخيّمات اللّجوء السّوري و مخيّم البقعة و إربد و مخيّمها و قرى الكرك و قصٌبتها، فيُراد به ضرب وحدة مكونات هذا المجتمع و الّلعب على أوتار التفرقة بين مكوّنات البيت الواحد، هذه التفاصيل و غيرها ممّن يعلمها المتابع لهذه الملفات ترسم صورة ما نواجهه ووطننا من مخطط يراد به النّيل منّا، و عليه يجب أن تُقاس ردود أفعالنا لمواجهته. إذًا أين نقف بين مطالبة المراجعة و المحاسبة لمن قصّروا الثقة بدولتنا و أجهزتنا و حكومتنا؟ لابد أن نتمتّع بذكاء المسافة بين التفافنا حول دولتنا و بين واجبنا في محاسبة المخطئ، وأن نتفهّم الضّرورات الأمنيّة و العسكرية لهذه العمليات و ما تتطلّبه من تكتّم لا يحرمنا حقنا في معرفة الحقيقة و لو بعد حين، لابدّ أن نحاسب أذرع الدّولة الإعلامّية على تراجعها عن دورها في توجيه الرّأي العام، و أنّ واجبها أن تكون الرّافد الأوّل في هذه الظّروف للمعلومة فغيابها فتح الباب أمام الشّائعات و الاجتهادات الفردية غير المحترفة، أن نفرّق بين الضابط و الجندي في الميدان و بين السّياسي و الإداري، بين من يطلق النّار و يتلقّى الرّصاص و بين من يسند و يخطط و يخلق التّخبط، لابدّ أن نغلق الباب أمام أي منتهز للفرص أو مصفّ للحسابات، و نفتحه لمن يحمل همّ الوطن و الناس، و لا نريد أن نقع في فخّ المبالغة في جلد الذّات و لا أنّ نسكت عن التخبّط بحجّة المحافظة على الهيبة، أن يدرك المجتمع دوره في حفظ الأمن وإفساح المجال للأجهزة المختصة لأداء واجبها و مراعاة خصوصيّتها، و أن لا يحمّل رجال الأمن حملاً زائدًا نتيجة اندفاعه و لو بحسن نيّة. الدّولة الأردنية هي مشروع الأردنيين، هذا ما يجب أن توحّد عليه و ننصهر في بوتقه و نقف في خندقه و أجهزتنا الأمنية و جيشنا هم طودنا و قلعتنا، الوقوف إلى جانبهم و خلفهم فرض عين، لا يعيبنا أو ينقصهم محاسبة المقصّر و التعلم من الأخطاء، و لا محيد لنا للبقاء من مكافحة الفساد والإرهاب معًا، من تجفيف منابع الإرهاب و ملاحقة مجرميه، من إعادة النّظر بسياساتنا الإعلامية و أحوالنا الإقتصادية و خطبانا الديني و الفكري و النخبوي، من جلسة مصارحة بين الحكومة و شعبها لتوطيد الثقة، لن تهزّ هيبتنا بإقالة المقصّر، هيبتنا في دماء شهدائنا و عرق رجالنا و نخوة أهلنا، و لن يجعلنا التروّي في إطلاق الأحكام و عدم امتطاء الأحداث و البحث عن النّجومية و انتظار انتهاء العمليّات الأمنيّة متواطئين مع التقصير. وفي النهاية نحن الأردنيون تربطنا بعسكرنا علاقة حب خاصة، فهم الأب والأخ و الإبن و القريب، هم نحن! لهذا لن تنجح أيّ محاولة لشق صفنا، و سيبقى أولادنا يلبسون الفوتيك و شهداؤنا في قلوبنا من هزاع ووصفي إلى معاذ وراشد وخليل وأحمد، ستبقى يد الأردني قابضة على السلاح و أختها على التراب. و المجد كل المجد للشّهيد و أمه، و حمى الله الأردن و أهله.
مدار الساعة ـ نشر في 2016/12/24 الساعة 00:58