الإعلام العربي والغربي

د. عبدالكريم محمد شطناوي
مدار الساعة ـ نشر في 2022/04/01 الساعة 15:45

العربي والغربي مفردتان بنفس نغمة الصوت،وبعدد المفردات مع فارق بفتح راء العربي وتسكينها بالغربي، واستبدال العين بالغين،

والمفارقة الغريبة أن الغربي مستوطي حيط العربي وحاط نقره عليه، والمضحك المبكي أن العربي متمسك فيه ليش؟

ومما يدور من أحداث في العالم فإنني أوجه الحديث إلى محطة الجزيرة خاصة والإعلام العربي عامة الذي يدور خاصة بفلك أمريكا والغرب عامة.

لقد ذاب الثلج وظهر ما تحته فالحرب الروسية في أوكرانيا،

قد عرت الغرب وأسقطت عنه آخر ورقة توت عما افتعله وفعله من حروب عسكرية وبيولوجية ونشر للفايروسات التي الحقت الخراب والدمار في العالم وأزهقت ارواحا بريئة بالإضافة إلى الألوف من ذوي الاحتياجات الخاصة.

كما أن إدعاءهم وتغنيهم بالحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان ما هي إلا الفاظ رنانة كمحسنات بديعية في قطعة أدبية تخفي تحتها حقيقة نفسية الغرب وما فيها من روح سادية وما تضمره من تمييز عنصري واستئثار بنهب خيرات الشعوب والتلذذ بآلامهم وإفقارهم.

كما أن هذه الحرب كشفت الصورة القبيحة لأمريكاخاصة والغرب عامة،حيث اصطفوا صفا واحدا ضد روسيا نصرة لعنصريتهم بصورة لم نر مثيلا لها عندما تعرض العراق لغزو أمريكا وما تعرضت له فلسطين وما زالت منذ سنة ١٩٤٨،فكان اصطفافهم لنصرةالظالم(امريكا)

وليس لنصرة المظلوم(العرب).

من المؤسف حقا عندما نتابع محطات إعلام العرب عامة والجزيرة خاصة أن تجد بأنها لا تتعاطى مع الخبر بمهنيةولا بموضوعية،بل تستشف منها الإنحياز واستقائها الخبر من طرف محدد وله خاوة عليها،

فعلى سبيل المثال فإنك عندما تسمع أرقام الخسائر لدى أحد أطراف الصراع فإنك تتنبأ بأن هذا الجيش قد شارف على الإنقراض بينما في حقيقة الأمر عكس ذلك،متناسية ذكاء المشاهدين وقدرتهم على تحليل ما يجري على الواقع.

وعندما تستمع للمحللين العسكريين العرب فإنك تشعر أنك أمام قادة عظام متمرسين، خاضوا معارك فاصلة أمثال رومل أو مونتغمري،فتتساءل:

أين كانوا طيلة خدمتهم؟؟

واي المعارك التي خاضوها واكتسبوا منها هذه المقدرة على تقييم الأوضاع؟

ومما يثير فضولا أكثر لديناأن إعلامنا عندما يجري لقاءببعض مسؤولي الغرب فإنك تجده ينتهج أسلوب المجاملة وتشعر بحماسته في الإنحياز للغرب فتتساءل:

لماذا لا يكون لدى الإعلامي جرأة بطرح أسئلة عن طبيعة مواقف الغرب اتجاه قضايانا العربية،ولماذا كانت مواقفهم بعيدة كل البعد عن التعاطف معنا مثل إندفاعهم القوي في مواقفهم الحالية واتجاه دولة العدو المغتصب.

وايم الله ! فإنه شيئ مقزز حقا أن ترى شاشات الجزيرة والإعلام العربي وقد جندت حالها لتكون لسان حال امريكا والغرب،فتنشر اخبارا تصب في مصلحته.

وإنني لست بصدد صحة أو عدم صحة ما تتبناه من نشر الأخبار أو الفيديوهات،وإنما بصدد بيان إن إعلامنا ما زال نسخة عن الإعلام الغربي وهو بعيد كل البعد عن التعبير عن آلام وآمال امتنا العربية مما يجعل المواطن العربي بموضع عدم الثقة به.

وتشعر بالإشمئزاز عندما تسمع حوارا على شاشات التلفاز في بعض المحطات ويكون أحد أطرافها شخص ينتسب للعرب وقابع في ديار أمريكا فتجده متبنيا وجهة نظر أمريكا جملة وتفصيلا فتشعر بالخيبة وعلى سبيل المثال:

أتمنى أن تكونوا قد استمعتم إلى ما قاله(د.نصير العمري)من نيويورك ويتغنى بديموقراطية أمريكا ويمتدح رئيس أوكرانيا ويصفه بطلا قومي على شاشة

(آر،تي)الروسية ويصب جام غضبه على بوتين وروسيا،

ويمدح الغرب وأمريكا،وكان يحاوره(د.نزار بوش)وإن لم

يعجبني المقطع الثاني من اسمه إلا أنه أعجبني المقطع الأول،وبهرني برده العلمي على محاوره منتصرا للموضوعية و

للطف المذيعة التي منحت ل (د.العمري)جانبا كبيرا من حرية الرأي لا تمنحه إياها محطات الغرب.

ومجمل القول فإننا نقول :

إن الإعلام الغربي تخندق في خندق واحد وهجم هجمة شرسة ضد روسيا في الوقت الذي فيه مصالح أوروبا العجوز ترتبط كثيرا مع روسيا إلا أن أمريكا قد ساقتها في فرقة جوقة واحدة، كما كانوا جنبها أيضا ايام غزو أمريكا للعراق، ولم نرهم بجانب نصرة العراق.

ومن الجدير بالذكر أننا لم نجدهم في يوم ما في موقف المتعاطف مع قضايا العرب عامة ومع ما جرى ويجري حاليا في فلسطين خاصة، بل نجدهم كلابا مسعورة نحونا، ينهبون خيراتنا، يدعمون أعداءنا

،وبلغة موضة الإنتخابات(أكلتم خيري وانتخبتم غيري).

كما نقول لإعلامنا العربي:

كم كان مقززا ومثيرا للمشاعر أيام ما سمي بالربيع العربي، تهافت الجزيرة والمحطات العربية وهي تتسابق في نشر الفيديوهات التي تعرض استباحة الدم العربي بيد أخيه العربي وتدار بالريموت بيد العدو الأجنبي،وما زلت اذكر منظر ذلك المراسل في الموصل وإذا به بعد انتهاء الحرب يكافأ بإدارة المحطة الفضائية.

أما آن الأوان لكم بأن تكونوا نصيرا لقضايا أمتكم؟

إلا ترون اصطفاف إعلام الغرب في بوتقة واحدة ضد محطة(آر تي)التي ضاقوا بها ذرعا وفرضوا عليها تعتيما؟

كفاكم كفاكم تسحيجا ونفاقا لمعسكر الغرب الذي لم يذقنا

إلا الويل والثبور وعظائم الأمور

فهو حرمنا طعم الحياة التي وهبنا إياها رب العالمين لننعم بها،فقد عشنا وما زلنا عيشة الضنك نفسيا وماديا.

وما زال الإعلام الغربي يتبع أساليبه المبنية على الخداع وتزييف الحقائق وبث سمومه بنشر الأباطيل والأكاذيب..

نرجو الله لأمتنا بأن يسدد رأيها ويهديها إلى درب الخير ويصلح أحوالنا.

والله المستعان.

مدار الساعة ـ نشر في 2022/04/01 الساعة 15:45