قادة إسرائيل يحجّون إلى عمّان

فايز الفايز
مدار الساعة ـ نشر في 2022/03/31 الساعة 01:20

لم تشهد عمان حراكاً إسرائيلياً على مستوى القيادات مثل ما جرى في الأسبوعين الفائتين حتى أمس الأربعاء، فبعد الزيارة الثانية لوزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس للمرة الثانية خلال عهدته، هرع رئيس الكيان الإسرائيلي اتسحاق هيرتسوغ الى عمان لمقابلة الملك عبدالله الثاني، وفي الأسبوع الماضي زار الأردن وزير الأمن الداخلي عومر بارليف وبمعيته عدد من كبار القادة الأمنيين في زيارة لم يعلن عنها، وهذا يدلل على أن أي تحالفات تسعى لها تل أبيب مع شراء مفترضين لن تكون مفيدة إن لم تكن الجغرافيا السياسية هي الأرضية التي ينطلقون منها، وحتى استبعادهم للسلطة الفلسطينية كواجهة أمامهم، فلا يجدون إلا النسخة الأقرب للفلسطينيين في عمان.

الأردن وخلال الزيارة الأولى التي قام بها بارليف حقق العديد من المكاسب لصالح الأشقاء الفلسطينيين، وأهمها التأكيد على حماية أمن الشعب الفلسطيني من أي اعتداءات اعتادت سلطات الاحتلال على القيام بها كلما واجه الفلسطينيون الاستباحات التي يقوم بها متطرفو الكيان خصوصاً أعضاء الكنيست من اليمينيين والاستفزازات اليومية ضدهم ومهاجمتهم في البلدات العربية ومحاولات طرد سكان بلدة الشيخ جرّاح المهددة بالترحيل، وزيادة على ذلك اشترط الأردن على السلطة الإسرائيلية زيادة أعداد الحراس المرابطين في القدس الشريف وعدم التصعيد الأمني خلال شهر رمضان والسماح للجميع بالصلاة في الأقصى.

كما تم الاتفاق على فتح معبر كرم ابو سالم لتسهيل إجراءات التزويد التجاري لقطاع غزة وتزويده بما يحتاجونه من معدات وأدوات تتعلق بصيد الأسماك، وإدخال أجهزة الأشعة السينية لغايات العلاج، كذلك زيادة عدد تصاريح الدخول لأبناء غزة بواقع عشرين ألف تصريح عمل، وزيادة أعداد المسافرين عبر جسر الملك حسين دون أي تضييقات عليهم، وتقديم المزيد من المساعدات لمحافظات الضفة الغربية، والموافقة على التنقل المباشر لحاويات البضائع من الأردن الى فلسطين عبر جسر الملك حسين مباشرة، وزيادة اعداد تصاريح العمل للفلسطينيين خارج حدود السلطة الفلسطينية.

الملك قام بزيارة الى مقر السلطة الفلسطينية برام الله تأكيدا على أننا لن نتخلى عن الشعب الفلسطيني وحقه في دولة مستقلة، غير آبه بتعقيدات الوضع العربي، وقد أعاد هذا الكلام عدة مرات أمام القادة الإسرائيليين، وفي الأمس سمع الرئيس الإسرائيلي هرتسوغ والوفد المرافق ذلك بكل وضوح، من حيث التأكيد على الثوابت الأردنية في العلاقة مع الفلسطينيين الذين باتوا محاصرين من كل جانب.

وأكد الملك أن أي فرصة لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي يجب أن لا تكون عملية إقصائية أو أن تقتصر على جانب دون آخر، ليتمكن الجميع من رسم ملامح مستقبل الشرق الأوسط، وهذا يجب أن يشمل الأشقاء الفلسطينيين، والمطلوب هنا أن يتم العمل الجاد للحفاظ على التهدئة ووقف كل الإجراءات أحادية الجانب التي تقوض فرص تحقيق السلام، وضرورة تفادي أية إجراءات قد تعيق إمكانية وصول المصلين إلى المسجد الأقصى المبارك أو الحرم القدسي الشريف، خصوصاً مع قرب حلول شهر رمضان الفضيل، كما شدد على ضرورة عدم المساس بالوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس والأماكن المقدسة فيها.

من هنا تبرز الأهمية التي قد لا يلتفت لها البعض أو يحاول تقزيمها وهي الدور الأردني المحوري في القضية الفلسطينية، فرغم أن التركة السياسية الثقيلة المتمثلة بمعاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية، فإن الاردن لم يألو جهدا لدعم صمود وحق الفلسطينيين في العيش بكرامة وحرية واستقلال مثل كل شعوب العالم، بعيدا عن إجراءات الفصل العنصري التي تصر عليها بعض الأطراف في يمين تل أبيب، والاعتداءات التي أضحت أشبه بنزهة صيد لجنود الاحتلال المتأهبين لقتل أي صبي يتحرش بهم.

هذا الحديث ليس إمتاعاً للقارئ، بل هو تأكيد على أن أي أمل في السلام الذي ينشده الكيان الإسرائيلي لن يمر بعيداً عن الأردن مهما كانت التحالفات البعيدة عن القدس وأهلها والضفة الغربية وغزة، عدا مصر، وليس هناك حاجة لقادة تل أبيب ليفرحوا بمهرجاناتهم السياسية التي لا تحمي السكان من الانتقام مقابل الويل الذي يتعرض له الفلسطينيون، ولهذا نرى قادة إسرائيل يحجون الى عمان، لأنهم يعرفون أن لا أحد بات يحمل القضية الفلسطينية غير جلالة الملك عبدالله الثاني، ولا غير الأردنيين يزرعون الأشجار في فلسطين كرامة لها ودعما لصمود شعب الجبارين، في ظل تخلي الجميع عنهم رغم الجعجعة التي يهرطق بها البعض.

Royal430@hotmail.com
الرأي

مدار الساعة ـ نشر في 2022/03/31 الساعة 01:20