هل يلتقي بوتين وزيلينسكي؟.. أين سيلتقيان؟

محمد خروب
مدار الساعة ـ نشر في 2022/03/31 الساعة 01:14

التقدم «الأهمّ».. عبارة لافتة ومثيرة أطلقها رئيس الدبلوماسية التركية جاوليش أوغلو, مباشرة بعد انتهاء جولة المفاوضات الأولى -والوحيدة- التي عقدها الوفدان الروسي والأوكراني في إسطنبول أول أمس/الثلاثاء, معلناً -أوغلو- أن «لا جولة ثانية ستُعقد", مضيفاً أنّه من الآن وصاعداً سيتعين على وزيري خارجية البلدين الاجتماع لحلّ «أصعب» القضايا.. أضِف إلى ذلك ما قيل إنه «أجمعت» عليه مصادر دبلوماسية وخصوصاً إعلامية تركية كما أوروبية وإقليمية, بأنّ مفاوضات الساعات الثلاث في إسطنبول شكّلت اختراقاً «أول» بين موسكو وكييف.. فهل ثمّة مُعطيات أو جهود مكثفة بُذلِت خلف الكواليس, ما سمح بحدوث «اختراق» كهذا, كان كافياً لإلغاء الجولة الثانية، خاصّة أنّ رئيسي الوفدين الروسي والأوكراني التقيا على «انفراد» على هامش المباحثات هذه؟

من السابق لأوانه التكهّن بالمدى الذي سيصمد أمامه «التفاؤل» الذي ساد الأجواء السياسية والدبلوماسية, والذي ترافق مع خطوة روسِيّة دراماتيكية تمثّلت بإعلان موسكو «تقليص نشاطها العسكري في المناطق المحيطة بكييف»، مباشرة بعد انتهاء مباحثات إسطنبول التي وصفها رئيس الوفد الروسي/ميدنسكي بأنّها...مفيدة.

وإذ لم تتوقّف عواصم غربية وتحديداً واشنطن ولندن, عن التشكيك في «صدقية» الخطوة الروسية واتّهام موسكو بأنّ إعلانها مجرّد مناورة لم تتمّ ترجمتها ميدانياً, وهو ما تجسّد في تصريحات وزير الخارجية الأميركية/بلينكن الذي قال من الرباط المغربية: «لم أرَ ما يشير إلى أنّ الأمور تتحرك بطريقة فعّالة, لأننا -أضاف- لم نلمس مؤشرات جدية حقيقية»، فإنّ وسائل الإعلام الفرنسية بادرت هي الأخرى إلى الغمز من قناة أنقرة والتصويب على الرئيس التركي/أردوغان عبر اتّهامه بمواصلة الادّعاء بأنّه «الأب الروحي» للمفاوضات الروسية الأوكرانية, كما «عَنونَت» صحيفة «لوفيغارو» صفحتها الأولى أمس, وآخر مظاهرها هو استقبال أردوغان شخصياً أعضاء الوفدين قبل انطلاق الجولة الأولى.. خاصّة أنّ ذلك رافقته المكالمة الهاتفية «الجديدة» التي أجراها ماكرون مع بوتين.

فهل ثمّة تقدم «مُهم» واختراق حقيقي قيل إنّه حصل في جولة الثلاثاء الوحيدة، ما يسمح بلقاء على مستوى القمة بين بوتين وزيلينسكي؟

يستدعي التوقف عند تصريحات رئيس الوفد الروسي/ميدنسكي, الذي وإن كان لم يستبعِد إمكانية حدوث لقاء كهذا, إلا أنّه ربطه بالتوصل إلى اتّفاق بين البلدين بـ"كل تفاصيله»، وبالضرورة أن يأتي مُتزامناً مع توقيع وزيري خارجية البلدين عليه بالأحرف الأولى، في الوقت ذاته الذي ما يزال زيلينسكي يُطالب بلقاء مباشر مع بوتين, لحلّ القضايا والملفات العالقة كافة، فضلاً عن ضغوط أوروبية يرشّح أنّها تُمارس على الرئيس الأوكراني, لتسريع المفاوضات وتقديم تنازلات، خاصّة بعد أن بدأت آثار العقوبات التي فرضتها أوروبا وأميركا على روسيا تفرض نفسها على مواطني ومؤسسات هذه الدول، زد عليها ما قد يرفع من وتيرة وتأثير هذه الآثار، إذا ما مضت موسكو قدماً في فرض تسعير غازها ونفطها بالروبل، فيما لا تُبدي واشنطن اكتراثاً بكلّ ما يحدث في أوروبا من انعكاسات سلبية لهذه العقوبات.

صحيح أنّ «الحياد» وعدم سماح أوكرانيا بتواجد قواعد وقوات أجنبية على أراضيها, وتصفية كل الأبحاث والمختبرات والنشاطات النووية والبيولوجية, كانت العنوان الرئيس والأهم لجدول أعمال المفاوضات منذ انطلاقها في بيلاروس وعبر تقنية الفيديو، ولاحقاً في إسطنبول, بما في ذلك لقاء وزيري الخارجية الروسي والأوكراني في أنطاليا, إلا أنّ ملفات عديدة مثل مستقبل إقليم الدونباس كذلك تبعية شبه جزيرة القرم لروسيا وغيرها لم تتضح بعد المواقف النهائية منها، تُضاف إليها مسألة «الاستفتاء» الذي قيل إنّ كييف ستجريه حول أيّ اتفاق محتمل مع موسكو، وهل لهذا الاستفتاء «صفة» دستورية؟ أم أنّ البرلمان الأوكراني/الرادا... هو المُخول التصديق على أيّ معاهدة مع دولة أخرى وبموافقة ثلثي أعضائه؟

هل قلنا أين سيلتقي بوتين وزيلينسكي؟..قد تكون «تركيا» المرشحة المفضلة أُوكرانِيّاً وربما روسِيّاَ لاستضافة حدث دراماتيكي كهذا, ما يمنحها ورقة مهمة ودوراً إقليمياً ودولياً طالما سعت إليه وحلمت به, خاصة بعد عزلة سياسية/ودبلوماسية عانتهما طويلاً, وربما نافستها دولٌ «قليلة» أخرى, لكن الأولوية الآن للاتّفاق الذي لم يتبلور بعد وخصوصاً لمعرفة موقف واشنطن منه, في ظل الهدف الأميركي الرئيس الرامي إلى استنزاف روسيا وعزلها.

أضف إلى ذلك معرفة أسماء وعدد الدول الضامنة لهذا الاتفاق, وخصوصاً موقف موسكو من بعضها, إذ تقترح كييف.. تركيا وإسرائيل وكندا وبولندا, رغم أن ميخايلو بودولياك مستشار زيلينسكي كان «غرّد": إن أوكرانيا «ترغب في أن تكون الولايات المتحدة وبريطانيا وتركيا وفرنسا وألمانيا دول ضامنة، في حال تم التوصل لاتفاق سلام مُحتمل مع روسيا", وهو اقتراح نحسب أن موسكو ستتحفظ عليه إن لم ترفضه..بحزم.

kharroub@jpf.com.jo
الرأي

مدار الساعة ـ نشر في 2022/03/31 الساعة 01:14