الرئيس الخصاونة في منتدى الاستراتيجيات
لا شك أن منتدى الاستراتيجيات الأردني أسهم على مدى عقد مضى على تأسيسه في اثراء الحياة الاقتصادية وكان جريئا في طروحاته.
الرئيس الخصاونة تحدث أمام اعضاء المنتدى وعرض رؤية الحكومة لمستقبل الايام واهمها ان الحكومة لن تستمر كمدير للأزمات بل أنها ستبادر وستطرح افكارا ومشاريع اقتصادية.
هذا ما سبق وأن سجلناه كملاحظة، إذ أن أسلوب إدارة الأزمات التي برعت الحكومات فيها لناحيتين الأولى إدارة خبيرة أما الثانية فإن بعض هذه الحكومات اتخذتها شماعة للعجز عن تقديم أفكار وإنتاج حلول تنموية.
إضافة إلى ذلك يتعين على الوزراء والمسؤولين التخلص من صفة التردد في اتخاذ القرار خوفا من النقد ولطالما قلنا إن قرار المسؤول إن كان اخطأ فلكل مجتهد نصيب، وإن كان أصاب فإن له امتياز السبق لكن سياسة سكن تسلم كي يسلم رأسك فهي لا تنفع.
في سياق آخر يتفهم الرئيس الخصاونة أن الأحداث تثبت دائما أن تحصين الاقتصاد سيبقى الأولوية الأولى فهي من الملفات التي تهم المواطن بالدرجة الأولى أكثر من الاعتقاد بأن الإصلاح السياسي هو الأهم!
سيبقى الاقتصاد والإصلاحات فيه في مقدمة الأولويات, حتى في ظل المخاطر السياسية والأمنية.
الاقتصاد هو الجذر للاستقرار الأمني والسياسي اللذين يجب ألا يتقاطعا أو يعطلا الاصلاحات الاقتصادية, لكن السؤال الأهم, هل هذه الاصلاحات حاجة اقتصادية أم استحقاق يدفع الى المقدمة كلما اقتضت الضرورة.
حتى وقت قريب جرى تقديم الاصلاحات الاقتصادية باعتبارها شروطا دولية للحصول على المنح ووسيلة للاقتراض الميسر وبأسعار فائدة متدنية, لكن هذه الإصلاحات باتت مهمة اليوم للاستقرار الأمني والسياسي.
بالطبع ظروف المنطقة والعالم سبب بالغ الأهمية لإعادة ترتيب الأولويات, لكن لو سمح لنا أن نختلف مع بعض صناع القرار والمنظرين, فسنعيد وضع التحديات لأن نقول إن الاقتصادية أولا.
الترتيب على هذا المنوال لسبب وجيه وهو أن «الراحة» الاقتصادية هي السد المنيع في وجه المهددات الأمنية وهي الطريق السلس لنجاح الإصلاحات السياسية, وهذا ليس اختراعا إكتشفه كاتب هذا المقال بل هو نموذج مجرب نجحت دول كثيرة في العالم فيه.
عندما يحقق المواطن، موظفا كان أم مستثمرا، مكتسبات اقتصادية حقيقية بفضل بيئة مواتية ومحفزة فإنه سينشغل في الدفاع عنها مهما كانت المهددات الأخرى صعبة وكبيرة وخطيرة, ولن يستطيع أن يزيح بنظره عنها ويقول «وأنا مالي» فيصبح حينها هو رجل أمن بطبيعته ويغدو مواطنا ذا عين يقظة تتبع الخلل والخطأ وتقاوم كل محاولات العبث بمنجزاته وكل محاولات اختطاف مكتسباته وكل محاولات اختراق بيئته التي نمت في ظلها هذه المكاسب وهي اقتصادية بالطبع.
نحن إذا أمام توازي المسارات, الاقتصادية والسياسية والأمنية وليس تقاطعها أو تجاوز أحدها للآخر وكما في السباقات, حصان الاقتصاد في المقدمة وإن جاز أن نعيد صياغة الشعار فنقول إن تعافي الاقتصاد مهم لدوام نعمة الأمن والأمان..