الغائب الأبرز
مدار الساعة ـ نشر في 2022/03/22 الساعة 11:28
مدار الساعة ـــ في ظل التداعيات الكبيرة للغزو الروسي لأوكرانيا، وفي ظل سيادة حالة عاطفية في الشارع العربي، غابت القراءة الاستراتيجية الهادئة من قبل الأنظمة العربية لمصالحها في عالم يبدو أنه متغير نحو سياقات مختلفة.
لا أعرف إن كانت الأنظمة العربية متحمسة كما هي الشعوب لهذا النمط من الحروب، لكن ما أعرفه جيدا أن نهاية الحرب العالمية الأولى أدت إلى سقوط المنطقة العربية في براثن الانتداب، أو الاستعمار للدقة، كما كان لافتًا كيف وُلدت فرساي العربية التي انطلقت من مدريد من رحم نهاية الحرب الباردة وتجلي اللحظة الأمريكية في المنطقة.
الحروب تغير موقع ومصالح الدول المشاركة وغير المشاركة في كثير من الأحيان، فمثلا، سقط النظام القيصري في موسكو بعد هزيمة روسيا العسكرية في الحرب العالمية الأولى وجاءت الثورة البلشيفية، وسبق ذلك طبعا انتصار اليابان عسكريا على روسيا في الحرب لعام 1905، كما سقط الاتحاد السوفييتي نتيجة لهزيمته العسكرية في أفغانستان ونتيجة لهزيمته الاستراتيجية في الحرب الباردة. لكن بالمقابل أيضا، صعدت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي بعد أن حقق التحالف السوفييي البريطاني الأمريكي الانتصار الكبير في الحرب العالمية الثانية وتراجعت اليابات وايطاليا والمانيا لفترة طويلة جدا.
يعج الغرب وتحديدا في بريطانيا والولايات المتحدة بالكتابات الرصينة والعقلانية حول تأثير هذه الحرب على مصالحهما، والحق أن ما ينشر في مراكز الثنك تانك هو مفيد وعميق وبخاصة مع عودة المدرسة الواقعية للهيمنة مرة أخرى، وبالفعل تجد عشرات الدراسات الجيوبوليتية التي تقدم الصراع وتحلله بمنطق استراتيجي بعيد عن التهويل والأماني أو الانفعال العاطفي الذي يميز مواقف الكثيرين من كُتاب العرب.
هناك كتاب محسوبون على الأنظمة أظهروا عجزَا كبيرا في تقديم وجهة نظر هذه الأنظمة التي لم تعد قادرة على فهم ما يجري وكيف ستخلق لها هذه الحرب التحديات أو ربما الفرص، فماذا تعني هزيمة روسيا الاستراتيجية أو انتصارها بالنسبة للمصالح العربية، وما هي المصالح العربية إن وجدت؟ ثم ما هي الرهانات العربية، ولماذا تصمت الأنظمة وتكتفي بالتصريحات اللائقة سياسيا والفارغة من أي محتوى استراتيجي؟ طبعا، أنا أفهم أن السياسة الدولية هي لعبة الدول الكبرى وليس الصغيرة أو الضعيفة، ولا أطالب بالمستحيل، لكن على الأقل يحق لنا انتقاد غياب القراءة الاستراتيجية لهذه الأنظمة التي ما زال بعض منها يرى بسذاجه أنها فرصة لتصفية حسابات شخصية!!
لن أتحدث هنا عن الجانب الأخلاقي أو ازدواج المعايير، لأننا نتكلم عن علاقات دولية تلتزم فيها الدول الكبرى بالمعيار الإخلاقي بقدر مساهمته في تحقيق مصالحها وتطرحه جانبا إن كان تجاهله يخدم مصالحها الكبرى. لهذا لا استغرب الاستنفار الغربي تجاه أوكرانيا وغيابه بالكامل تجاه ما يجري لمسلمي الايجور أو ما تقوم به دولة الاحتلال من عربدة وضرب بالحائط للقانون الدولي.
زبدة القول، الصين التي تنأى بنفسها عن الأزمة حددت رؤيتها في الحرب، وتسعى إلى قيادة الجنوب لخلق قطب جديد في العلاقات الدولية بزعامتها (الهند في هذه الجالة ستنحاز استراتيجيا للغرب وبخاصة إذا خسر بوتين المواجهة الاستراتيجية وتحولت روسيا إلى دول تابعة لقطب تحت الزعامة الصينية). لكن ما زلنا حائرين وعاجزين عن تقديم موقف استراتيجي موحد، فنحن دول صغيرة وستبقى كالغريق متشبثًة بقشة التبعية لهذا الفريق أو ذاك، وللتذكير فقط لا نستفيد اطلاقا من التغير في بنية النظام الدولي إن لم نكن لاعبين وبرؤية استراتيجية تسخر لها الامكانات، فعندما كان النظام متعدد الاقطاب جاء بلفور بوعده المشؤوم، وعندما أصبح ثنائي القطبية أقيمت دولة الاحتلال في فلسطين باعتراف القطبين، وعندما تحول النظام الدولي إلى نظام القطب الواحد كانت فرساي العربية بمباركة دولية أيضا انطلق قطارها في مدريد ولم ينتهي بالهرولة والتطبيع، ويبقى السؤال الاستراتيجي الكبير والصعب، كيف ستؤثر التغيرات في قطبية النظام الدولي على مصالح العرب، وربما السؤال الأصعب هو ما هي مصالح العرب؟!!!!
لا أعرف إن كانت الأنظمة العربية متحمسة كما هي الشعوب لهذا النمط من الحروب، لكن ما أعرفه جيدا أن نهاية الحرب العالمية الأولى أدت إلى سقوط المنطقة العربية في براثن الانتداب، أو الاستعمار للدقة، كما كان لافتًا كيف وُلدت فرساي العربية التي انطلقت من مدريد من رحم نهاية الحرب الباردة وتجلي اللحظة الأمريكية في المنطقة.
الحروب تغير موقع ومصالح الدول المشاركة وغير المشاركة في كثير من الأحيان، فمثلا، سقط النظام القيصري في موسكو بعد هزيمة روسيا العسكرية في الحرب العالمية الأولى وجاءت الثورة البلشيفية، وسبق ذلك طبعا انتصار اليابان عسكريا على روسيا في الحرب لعام 1905، كما سقط الاتحاد السوفييتي نتيجة لهزيمته العسكرية في أفغانستان ونتيجة لهزيمته الاستراتيجية في الحرب الباردة. لكن بالمقابل أيضا، صعدت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي بعد أن حقق التحالف السوفييي البريطاني الأمريكي الانتصار الكبير في الحرب العالمية الثانية وتراجعت اليابات وايطاليا والمانيا لفترة طويلة جدا.
يعج الغرب وتحديدا في بريطانيا والولايات المتحدة بالكتابات الرصينة والعقلانية حول تأثير هذه الحرب على مصالحهما، والحق أن ما ينشر في مراكز الثنك تانك هو مفيد وعميق وبخاصة مع عودة المدرسة الواقعية للهيمنة مرة أخرى، وبالفعل تجد عشرات الدراسات الجيوبوليتية التي تقدم الصراع وتحلله بمنطق استراتيجي بعيد عن التهويل والأماني أو الانفعال العاطفي الذي يميز مواقف الكثيرين من كُتاب العرب.
هناك كتاب محسوبون على الأنظمة أظهروا عجزَا كبيرا في تقديم وجهة نظر هذه الأنظمة التي لم تعد قادرة على فهم ما يجري وكيف ستخلق لها هذه الحرب التحديات أو ربما الفرص، فماذا تعني هزيمة روسيا الاستراتيجية أو انتصارها بالنسبة للمصالح العربية، وما هي المصالح العربية إن وجدت؟ ثم ما هي الرهانات العربية، ولماذا تصمت الأنظمة وتكتفي بالتصريحات اللائقة سياسيا والفارغة من أي محتوى استراتيجي؟ طبعا، أنا أفهم أن السياسة الدولية هي لعبة الدول الكبرى وليس الصغيرة أو الضعيفة، ولا أطالب بالمستحيل، لكن على الأقل يحق لنا انتقاد غياب القراءة الاستراتيجية لهذه الأنظمة التي ما زال بعض منها يرى بسذاجه أنها فرصة لتصفية حسابات شخصية!!
لن أتحدث هنا عن الجانب الأخلاقي أو ازدواج المعايير، لأننا نتكلم عن علاقات دولية تلتزم فيها الدول الكبرى بالمعيار الإخلاقي بقدر مساهمته في تحقيق مصالحها وتطرحه جانبا إن كان تجاهله يخدم مصالحها الكبرى. لهذا لا استغرب الاستنفار الغربي تجاه أوكرانيا وغيابه بالكامل تجاه ما يجري لمسلمي الايجور أو ما تقوم به دولة الاحتلال من عربدة وضرب بالحائط للقانون الدولي.
زبدة القول، الصين التي تنأى بنفسها عن الأزمة حددت رؤيتها في الحرب، وتسعى إلى قيادة الجنوب لخلق قطب جديد في العلاقات الدولية بزعامتها (الهند في هذه الجالة ستنحاز استراتيجيا للغرب وبخاصة إذا خسر بوتين المواجهة الاستراتيجية وتحولت روسيا إلى دول تابعة لقطب تحت الزعامة الصينية). لكن ما زلنا حائرين وعاجزين عن تقديم موقف استراتيجي موحد، فنحن دول صغيرة وستبقى كالغريق متشبثًة بقشة التبعية لهذا الفريق أو ذاك، وللتذكير فقط لا نستفيد اطلاقا من التغير في بنية النظام الدولي إن لم نكن لاعبين وبرؤية استراتيجية تسخر لها الامكانات، فعندما كان النظام متعدد الاقطاب جاء بلفور بوعده المشؤوم، وعندما أصبح ثنائي القطبية أقيمت دولة الاحتلال في فلسطين باعتراف القطبين، وعندما تحول النظام الدولي إلى نظام القطب الواحد كانت فرساي العربية بمباركة دولية أيضا انطلق قطارها في مدريد ولم ينتهي بالهرولة والتطبيع، ويبقى السؤال الاستراتيجي الكبير والصعب، كيف ستؤثر التغيرات في قطبية النظام الدولي على مصالح العرب، وربما السؤال الأصعب هو ما هي مصالح العرب؟!!!!
مدار الساعة ـ نشر في 2022/03/22 الساعة 11:28