زيلينسكي في كنيست إسرائيل: 'الإتّجارٌ' المُشترَك بـِ'الهولوكوست'؟!
فظً وشائن.. هكذا وصفَ مسؤولون إسرائيليون خطاب الرئيس الأوكراني/زيلينسكي, أمام كنيست العدو الصهيوني/عبر تقنية "زووم", خاصة بعدما شبّه العملية العسكرية الروسية بـ"محرقة اليهود/الهولوكوست".. كتعبير من هؤلاء عن استيائهم من "توظيف" زيلينسكي المحرقة في معرض "استجدائه" حكومة بينيت دعم بلاده وتزويدها بالأسلحة, وخصوصاً إدانة روسيا، وهو ما رأى سدنة دولة الاحتلال أنّه "تشويه" كامل للتاريخ.. بعد "انزلاق" الرئيس الأوكراني (اليهودي أيضاً، حتّى لا ينسى أحد) إلى مقارنة غير مقبولة في رأيهم بين "حرب عادية مهما كانت صعبة، وإبادة ملايين اليهود في غرف الغاز", على ما قال عضو الكنيست والقيادي في حزب الليكود يوفال شتاينس، مُستطرداً في استحضار لما بات حكراً على إسرائيل ويهود العالم وهو "الهولوكوست", الذي لم يتوقفوا عن توظيفه بل الاتّجار به وعدم السماح لأيّ شعب أو دولة أو مؤرخ أو باحث, حتّى مجرّد مقارنته بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والمذابح التي حدثت منذ انتهاء الحرب الباردة حتّى الآن, وبخاصّة على يد دول المعسكر الغربي والولايات المتحدة في مقدمته وإسرائيل ذاتها, في أكثر من دولة وضدّ أيّ شعب أكان في فلسطين أم فيتنام والعراق وأفغانستان وسوريا ودول أفريقية عديدة ناهيك عن أميركا اللاتينية.
أضاف شتاينس قائلاً: "إدّعى زيلينسكي بأنّ الشعب الأوكراني ساعد اليهود في المحرقة، صحيح أنّ الآلاف ساهموا في إنقاذ اليهود، لكن الحقيقة التاريخية المحزنة تقول أنّ الكثير ساعدوا النازيين بحماس في مشروعهم ولاحقوا اليهود ونهبوا ممتلكاتهم".
هنا تبدو وكأنها "حملة" على زيلينسكي وأقرب الى تصفية حساب معه, وهو انطباع زائف وهشّ ليس فقط في أنّ الرئيس الأوكراني صهيوني بامتياز ومؤيد بلا تحفّظ للاحتلال, ويقف في كلّ المحافل الدولية إلى جانب إسرائيل وبخاصة تصويت بلاده في الأمم المتحدة لصالح إسرائيل ضدّ من حقوق الشعب الفلسطيني، بل ودائماً لأنّه وظّف ويُوظّف هويّته الدينية كيهودي من أجل الترويج لسياسات داعمة لإسرائيل. لكن قادة العدو يَحظرون على أيّ أحد مهما كان أن يُقارن أيّ حدث أو حرب أو مذبحة بالهولوكوست/المحرقة، بما هي احتكار يهودي بأبعاد سياسية, يتمّ توظيفه للابتزاز السياسي والتجاري والأمني, وسلاح يُشهَر في وجه كل من يحاول نزع القداسة المزيفة كما تجب الإشارة إليه, عبر اتّهامه بمعاداة السامية، كسلاح ثانٍ بل أشدّ مضاء في الفضاء السياسي, من أيّ تهمة أخرى حتّى لو كانت الوصم بـ"الإرهاب".
ماذا عن خطاب زيلينسكي؟
لم يتورّع الرئيس الأوكراني عن القول أنّ "التهديد الذي تواجهه أوكرانيا يشبه التهديد الذي يُواجه إسرائيل" دون أن يوضّح، ما هي التهديدات التي تتعرض لها دولة الاحتلال, وهي التي تواصل سياساتها العدوانية التوسّعية, ويتباهى قادتها بأنّها الدولة الأقوى في المنطقة والقادرة على مواجهة أيّ دولة/دول في الشرق الأوسط في دائرة نصف قطرها أزيَد من ألف كيلومتر, ناهيك عن ترسانتها النووية وغواصاتها وصواريخها الباليستية وسلاحها الجوي, وما تعجّ به مخازن جيشها من عتاد فائض، أسهمت الولايات المتّحدة ودول الناتو ومنها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا في تزويدها, بأحدث الأسلحة وأكثرها تقدّما كالغواصات النووية الألمانية "المجانية" منها وتلك المبيعة خصيصاً لها وبأسعار تفضيلية..
أضِف إلى ذلك كيف استحضر زيلينسكي مقولة جولدا مائير "اليهودية الأوكرانية" صاحبة التصريح الشهير الذي "أنكرت فيه وجود شعب اسمه الشعب الفلسطيني", مقتبساً/زيلينسكي ما قالته جولدا ما ئير سبعينيات القرن الماضي في معرض تبريرها لاستمرار احتلالها الأراضي الفلسطينية والمصرية والسورية "نحن نريد الحياة، لكن (جيراننا) يرغبون برؤيتنا أمواتاً، وهذا لا يترك أمامنا مجالاً لاختيارات كثيرة".. هكذا وبكل تواطؤ وصلف يوافق الرئيس الأوكراني رئيسة حكومة الاحتلال في أقوالها الكاذبة, ولهذا أيضاً دعم المستوطنات واعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل, ودعا مرة أخرى يوم أمس إلى عقد مفاوضات بينه والرئيس بوتين في القدس المحتلة, كـ"أفضل مكان للتوصّل الى سلام بين الجانبين", ولم يأتِ بذكر على عنصرية إسرائيل تجاه أبناء شعبه (من غير اليهود) الذين اعتقدوا أنّ إسرائيل سترحب بهم كلاجئين.
في الخلاصة.. استمرأ الرئيس الأوكراني ما يضفيه عليه الإعلام الغربي من أوصاف وألقاب, تكاد من فرط نفاقها أن تصنع منه أيقونة للنضال وبطلاً في مواجهة روسيا، في محاولة لنفي ما بات مؤكداً عن تعاونه بل تبنّيه خطاب النازيين الجدد في بلاده, الذين أمسكوا بالسلطة منذ انقلاب الميدان شباط/2014, حداً وصل به إلى إصدار قانون يُعلّق فيه "نشاط الأحزاب السياسية ذات الصلات بروسيا", وأهمها حزب "منصة المُعارضة من أجل الحياة" المُمثَّل في البرلمان/المجلس الأعلى الأُوكراني بـ"44" نائباً من أصل "445".