تعرّف على بعض العادات اليومية لـ8 من أشهر الكُتاب والروائيين العالميين
مدار الساعة ـــــإذا كنت ترغب في معرفة كيف تكون كاتباً فأنت على الأغلب قد صادفت الشعور المُحبِط الخاص بالتخطيط لكتابة يوم كامل ووضع سيناريو معين في الذهن لما ستنتجه، ثم ينتهي بك الأمر بالتحديق في صفحة فارغة على مدار اليوم.
ويؤول الأمر على الأغلب إلى الانغماس في التصفح عبر الإنترنت من أجل "البحث" عن البداية والإلهام، والقيام برحلات لا نهاية لها لتناول القهوة وتحضير وجبات خفيفة، قبل الاستسلام أخيراً والخلود إلى النوم للراحة واستجماع القوة لمعاودة الكرّة في اليوم التالي.
قد يتكرر الأمر بهذه الصورة لأيام وأسابيع وحتى شهور قبل أن يتمكن الشخص من كتابة أي شيء، فالتسويف هو معضلة أي كتاب تقريباً، ولكن الشيء الفريد هو فكرة أنه لا يمكنك فقط التعامل مع الأمر بهذه الطريقة.
بدلاً من ذلك قد يكون السر وراء أن تكون كاتباً هو إيجاد طريقة لفهم هذا الإلهام المراوغ قبل أن تبدأ في الكتابة، وتستجمع بعض العوامل من أجل المحافظة على وتيرة الكتابة الثابتة.
في هذا التقرير نستعرض عدداً من العادات اليومية التي اتبعها مشاهير الكُتاب العالميين بشكل ثابت خلال حياتهم، والتي ساعدتهم على أن يحققوا ما وصلوا إليه من ناتج غني وأثر لا يُنسى في عالم الثقافة والأدب.
الكثيرون منا، بمن فيهم أنا وأنت، قادرون على أكثر بكثير مما ننتجه عادة وأفضل عمل لدينا على الأغلب لا يزال مختبئاً بداخلنا، وينتظر اللحظة والظرف المناسب لكي يظهر للعالم.
ولكن، كيف يمكنك إخراج هذه الإمكانات من نفسك ومشاركتها مع العالم؟
ربما تكون أفضل طريقة هي تطوير روتين يومي أفضل يساعدك على الالتزام بعادة الكتابة.
وعندما تنظر إلى الأفضل أداءً في أي مجال، ترى شيئاً أعمق بكثير من الذكاء والمهارة والقدرات الخارقة، إذ يكون لديهم استعداد لا يصدق للقيام بالعمل الذي يجب القيام به، دون ملل أو كلل.
وبالتالي فهم سادة روتين حياتهم اليومية، وذلك بشكل أساسي بسبب قدرتهم على (الالتزام) مهما اختلف الوضع وتغيرت الظروف.
1- ستيفن كينغ وسر الروتين الثابت
بنتاجه الغني ورواياته المثيرة التي تحول الكثير منها إلى أفلام ناجحة، مثل فيلم The Shining، وIT، وShawshang Redemption. نجح مؤلف روايات الرعب والتشويق والجريمة والخيال العلمي ستيفن كينغ في أن يصنع لنفسه بصمة مميزة في عالم الكتابة.
باع ستيفن كينغ أكثر من 50 رواية وباع أكثر من 350 مليون نسخة في مهنة امتدت لأكثر من 40 عاماً.
في مقابلة مع مؤلف Game Of Thrones، جورج آر آر مارتن، سأل مارتن ستيفن كينج كيف يكتب بهذه السرعة وينجز الكثير من العمل.
فكان جوابه: "الطريقة التي أعمل بها أحاول الحصول على ست صفحات في اليوم، لذلك عندما أجلس لأكتب أعمل كل يوم ثلاث أو أربع ساعات، وأحاول الحصول على تلك الصفحات الست، وأحاول أن أجعلها جيدة إلى حد ما".
وتابع: "لذا، إذا كانت المخطوطة مثلاً تتكون من 360 صفحة، فهذا يعني أنني سأجلس للكتابة اليومية لمدة شهرين، هذا بالطبع على افتراض أن الأمور تسير على ما يرام".
ووضح كينغ أن التزامه بالروتين الثابت والموعد المحدد للكتابة هو ما يساعده على الالتزام بالناتج اليومي الذي يحدده لنفسه.
مشيراً في المقابلة إلى أنه يجلس يومياً في نفس المقعد، والأوراق كلها مرتبة في نفس الأماكن على مكتبه، وشدد على أهمية الهدف التراكمي للقيام بهذه الأشياء بنفس الطريقة كل يوم، باعتبارها وسيلة العقل في التمرين على القوة والالتزام.
2- هاروكي موراكامي و"سحر التكرار" والقوة البدنية
في مقابلة له عام 2004 مع مجلة Paris Review، كشف الكاتب الياباني هاروكي موراكامي، الذي يعتبره البعض أحد أعظم الروائيين في وقتنا الحالي، أن روتينه اليومي وعاداته لتحقيق النجاح تعتمد في أساسها على التكرار.
وأوضح: "عندما أكون في وضع الكتابة لرواية أستيقظ في الرابعة صباحاً وأعمل لمدة تتراوح من خمس إلى ست ساعات. في فترة ما بعد الظهر، أجري لمسافة عشرة كيلومترات أو أسبح لمسافة 1500 متر، ثم أقرأ قليلاً وأستمع إلى بعض الموسيقى، ومساءً أذهب إلى الفراش في التاسعة".
"أحافظ على هذا الروتين كل يوم دون تغيير، يصبح التكرار نفسه هو الشيء المهم لي ككاتب؛ إنه شكل من أشكال السحر، وهي تساعدني في أن أصل إلى حالة ذهنية أعمق".
وتابع أن التمسك بهذا التكرار لفترة طويلة يتطلب قدراً كبيراً من القوة العقلية والبدنية. لذلك فإن كتابة رواية طويلة هي بمثابة تدريب على البقاء. مؤكداً أن "القوة البدنية ضرورية مثل الحساسية الفنية والموهبة".
3- الروائي العالمي إرنست همنغواي: "أكتب كل صباح"
في مقابلة أجريت عام 1954، كشف إرنست همنغواي، الروائي الأمريكي الحائز جائزة نوبل، والمعروف بأعماله العظيمة، بما في ذلك "وداعاً للأسلحة" و "العجوز والبحر" ، حول روتينه اليومي للكتابة.
وقال بحسب Paris Review: "عندما أعمل على كتاب أو قصة، أكتب كل صباح في أقرب وقت ممكن بعد الضوء الأول لشروق الشمس. لا يوجد من يزعجك في هذا الوقت، ويكون الجو بارداً نسبياً فتبدأ بالكتابة وتشعر تدريجياً بالدفء".
لافتاً إلى أنه عادةً ما يتوقف وهو يعلم ما الذي سيحدث لاحقاً في الصفحات التالية، وبالتالي لا يتوقف عندما تنفد أفكاره، بل عندما تكون الرؤية واضحة لما سيقوم بكتابته في اليوم التالي. وهي الرحلة التي عادة ما تمتد من السادسة صباحاً تقريباً وتستمر حتى الظهيرة أو تنتهي قبل ذلك بقليل.
عام 1932، وضع الكاتب والرسام الأمريكي هنري ميللر، جدول عمل سجل فيه "الوصايا" التي يمكنك اتباعها كروتين يومي إذا كنت تتساءل كيف تكون كاتباً ملتزماً وتبوء محاولاتك بالفشل.
وبحسب القائمة المنشورة بموقع Medium، يمكنك اتباع الخطوات التالية:
اعمل على شيء واحد في كل مرة حتى تنتهي منه تماماً.
لا تبدأ المزيد من الكتب الجديدة، ولا تضف المزيد من المواد الجديدة.
العمل حسب البرنامج وليس حسب المزاج. توقف في الوقت المحدد وابدأ في الوقت المحدد حتى وإن لم تكن تشعر بالرغبة في الأمر!
عندما لا تستطيع أن تنتج يمكنك العمل، أي المثابرة بغض النظر عن الإلهام.
حافظ على رؤيتك للإنسان! شاهد الناس، اذهب إلى أماكن عامة وتأمل العالم.
انسَ الصفحات التي تريد إتمامها، فكّر فقط في الصفحة الحالية التي تكتبها.
اكتب دائماً، لنفسك قبل أن يكون للآخرين، ثم بعدها قم بالرسم وسماع/عزف الموسيقى ومقابلة الأصدقاء وزيارة السينما وغيرها.
5- سيمون دي بوفوار وأهمية "مقابلة الأصدقاء"
في مقابلة مع مجلة Paris Review عام 1965، تشاركت سيمون دي بوفوار، الكاتبة الفرنسية والفيلسوفة الفكرية والوجودية، استراتيجيتها للتوازن بين العمل والحياة الأدبية والفكرية في روتينها اليومي.
وقالت: "أتناول الشاي في البداية ثم في العاشرة صباحاً أبدأ العمل حتى الواحدة. ثم أرى أصدقائي، وبعد ذلك في الساعة الخامسة أعود إلى العمل وأستمر حتى التاسعة".
مشيرة إلى أن ساعات الظهيرة التي تروّح فيها عن نفسها بلقاء الأصدقاء دائماً ما تُبقيها متحمسة ولديها الكثير من الإلهام والأفكار التي تساعدها في لحظات الكتابة اليومية.
6- الروائي العالمي تولستوي وأهمية الروتين والعُزلة
المؤلف الروسي ليو تولستوي، الذي يُعد أحد أعظم الروائيين في العالم على الإطلاق، ومن أشهر أعماله كتاب "الحرب والسلام"، شارك هو الآخر استراتيجيته حول كيفية الالتزام بأهدافك إذا كنت تريد أن تعرف كيف تكون كاتباً، حتى وإن كنت لا ترغب في فعل أي شيء.
وقال بحسب موقع James Clear الثقافي: "يجب أن أكتب كل يوم دون أن أفشل، ليس من أجل نجاح العمل بقدر ما لكي لا أخرج عن روتيني".
ووفقاً للمؤرخين، عمل تولستوي في عزلة دائمة لم يُسمح لأحد بدخول مكتبه، وأغلقت أبواب الغرف المجاورة لضمان عدم مقاطعته أبداً.
7- تشارلز ديكنز ورحلات البحث عن الإلهام
الروائي الإنجليزي الشهير، الذي يُعتبر على نطاق واسع أعظم الروائيين في العصر الفيكتوري تشارلز ديكنز، اشتهر أيضاً بروتينه اليومي وعاداته الغريبة لإعادة التركيز وتوليد أفكار إبداعية جديدة لممارسة الكتابة بانتظام.
وبحسب موقع Bookishelf الثقافي للكتب، كانت ساعات عمل ديكنز ثابتة.
وذكر ابنه الأكبر أنه "لم يكن هناك كاتب مدينة أكثر منهجية أو تنظيماً منه؛ لم يكن من الممكن تنفيذ أي مهمة رتيبة وتقليدية بمزيد من الالتزام بالمواعيد أو بمزيد من الانتظام مثل العمل، مما قدمه ديكنز للحفاظ على مخيلته الخصبة".
وبحسب الموقع، فقد قام ديكنز في الساعة 7 كل صباح، وتناول الإفطار في الساعة 8، وكان في مكتبه بحلول الساعة 9.
وعادة ما مكث هناك حتى الساعة الثانية، أخذ استراحة قصيرة لتناول طعام الغداء مع أسرته، حيث بدا غالباً أنه في حالة غياب، يأكل ميكانيكياً وبالكاد يتحدث بكلمة واحدة قبل أن يسارع إلى مكتبه مجدداً.
وكان ديكنز في يوم عادي يمكنه أن يكمل حوالي ألفي كلمة بهذه الطريقة، لكن أثناء نوبات الخيال الواسعة التي تصيبه، تمكن أحياناً من كتابة ضعف هذا العدد.
ومع ذلك في أيام أخرى، كان بالكاد يكتب أي شيء؛ لكنه تمسك بساعات عمله دون أن يفشل، وهو يخربش في ورقه ويحدق من النافذة لتمضية الوقت.
بعد الثانية ظهراً، غادر ديكنز مكتبه في نزهة مشي طويلة قد تصل لمدة ثلاث ساعات عبر الريف أو شوارع لندن، واستمر في التفكير في قصته، وكما وصفها، "بحثاً عن بعض الصور التي أردت البناء عليها".
ومع ذلك، كانت ليالي ديكنز هادئة: تناول العشاء في السادسة، ثم يمضي المساء مع العائلة أو الأصدقاء قبل الخلود للنوم في منتصف الليل.
الروائية الإنجليزية التي اشتهرت بكتابة الروايات الشهيرة "كبرياء وتحامل" و"عاطفة وإحساس"، كانت استراتيجيتها للكتابة تكمُن في القضاء على المشتتات والتركيز على العمل.
كانت أوستن تستيقظ مبكراً قبل الجميع، وتلعب البيانو.
وفي الساعة التاسعة كل يوم ترتب وجبة الإفطار للأسرة، وهي أمر أساسي من الأعمال المنزلية العديدة التي كانت تتمها بنفسها.
بعد ذلك، تجلس أوستن في غرفة المعيشة للكتابة، غالباً مع والدتها وأختها في مكان قريب أو في أرجاء المنزل.
أما إذا حضر الزوار فكانت تخفي أوراقها وتنضم إلى الباقين. ثم يحين موعد تقديم الوجبة الرئيسية في اليوم بين الساعة الثالثة والرابعة، بعد ذلك كانت هناك محادثة وألعاب ورق وشاي وترفيه وسمر.
وقد أمضت أوستن معظم أمسياتها في قراءة الروايات بصوت عالٍ للحضور من أسرتها أو الأصدقاء، وخلال هذا الوقت كانت أوستن عادة ما تقرأ عملها الجاري لعائلتها بصوت مرتفع لكي تشعر بما حققته، وأيضاً لتلقّي آرائهم وتعليقاتهم.