11 عاماً على التغريبة السورية
مدار الساعة ـ نشر في 2022/03/20 الساعة 11:10
أبو جاسم لاجئ سوري متواضع الثقافة لا يحمل توجهات سياسية غادر سوريا للحفاظ على حياته وحياة أسرته وصل الأردن وبدأ يبحث عن حياة جديدة وعمل يعيل به عائلته..اجتمعت معه في عمل إنساني حيث كان أحد المتطوعين وكان خفيف الظل مرحاً عصامياً في عمله وكانت عنده موهبة إعداد الطعام فسخر كل إمكانياته للعمل. وخلال رحلة اللجوء تداعى عليه المرض فأصيب جسده النحيل بأغلب الأمراض المزمنة حتى الجلطة لم تراع حرمة جسده إلى أن أصيب بمرض السرطان لم يكن يتعالج من المرض بانتظام لارتفاع التكاليف..زارني في المكتب وكنت اسأله كيف حالك؟ ويجيب والمرض يأكل من جسده الحمدلله بأحسن حال ولكن جسده المنهك كان يوصل رسالة أخرى.لم يكن يطلب حاجة وكنت أقدم له المساعدات بطريقة إنسانية تليق به، اشتد عليه المرض يماً فأرسلته إلى زيارة أحد الأطباء وعمل الفحوصات المخبرية اللازمة فكانت نتيجة الزيارة بأنه يعيش في أيامه الأخيرة تحدث معي وأخبرني بوضعه الصحي المؤلم قلت له غدا لنا لقاء لترتيب ما تريد وجاء الغد ومعه اتصال من هاتفه في الصباح الباكر ليخبرني بأن أبو جاسم قد وافته المنية. هذا النبأ ترك في القلب غصتين : الأولى على رحيله والثانية لعلمي بأن هناك الكثير من أمثاله ماتوا وسيموتون لعدم مقدرتهم على دفع تكاليف العلاج.بعد 18/3/2011 بدأ اللجوء السوري للأردن في ظل تداعيات محلية وإقليمية ودولية تتحدث عن لجوء قصير الأمد حيث كان يتدفق بشكل يومي وعبر الشريط الحدودي ما يقارب الخمسة آلاف لاجئ من جنوب سوريا أغلبهم من النساء والأطفال وكبار السن وفي بعض الأيام كان يجتاز الشريط الحدودي أكثر من عشرة آلاف لاجئ..كان الأردن يستقبل هذه الموجات الكبيرة من اللجوء بطابع إنساني حيث سخر الأردنيون كل امكانياتهم الفردية والجماعية من أجل استقبال أشقائهم السوريين، في البداية كان مكان الاستقبال الأول لهم بعد عبور الشريط الحدودي هي مدينة الرمثا في سكن البشابشة وحديقة الملك عبدالله والسايبر ستي وصولا إلى أول مخيم رسمي لاستقبال اللاجئين وهو مخيم الزعتري وبعد ذلك المخيم الإماراتي ومخيم الأزرق حيث يقطن ما نسبته 10% من اللاجئين في المخيمات أما الباقي فيعيشون في جميع محافظات المملكة حالهم كحال الأردنيين يتقاسمون معهم لقمة العيش.كانت أغلب القراءات في بداية اللجوء تتحدث عن لجوء قصير المدى وفق تحضيرات مؤقتة لاستقبال الأشقاء السوريين حيث كنا نشاهد مئات العائلات السورية تسكن في منازل المواطنين الأردنيين ظناً منهم أن المكوث سيكون قصيراً . ولكن مع مضي الوقت أخذ استقبال الأشقاء السوريين منحنى آخر وفق دراسات وتداعيات تتحدث عن لجوء طويل الأمد ، والمتتبع لمراكز الدراسات والأبحاث والمؤتمرات والندوات التي تعقد للحديث عن الشأن السوري يجد بأن هناك جهات إقليمية أو دولية تمهد الطريق لحلول نهائية لمسألة اللجوء السوري بخيارت متعددة منها إعادة التوطين أو الاندماج أو العودة بل إن بعض الدول بدأ بالحديث عن عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم عودة آمنة وبعضهم يتحدث عن مناطق آمنة داخل سوريا يتم الترتيب لها لاستقبال اللاجئين في ديارهم عودة طواعية ودون إرغام .
إن الإتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين التي تم اعتمادها يوم 28 تموز 1951 تحتوى على بنود تتعلق بعودة اللاجئين والطرد حيث توضح تحت عنوان ( من الذى يحمي اللاجئين ) بالقول ( تقع على عاتق الحكومات المضيفة، بصفة أساسية، مسؤولية حماية اللاجئين ) وتعتبر البلدان الـ 139 على نطاق العالم التي وقعت على اتفاقية 1951 ملزمة بتنفيذ أحكامها. وتحتفظ المفوضية بـ ”التزام رقابي“ على هذه العملية، وتتدخل حسب الاقتضاء لضمان منح اللاجئين الصادقين اللجوء وعدم إرغامهم على العوده إلى بلدان يخشى أن تتعرض فيها حياتهم للخطر. وتلتمس الوكالة السبل من أجل مساعدة اللاجئين على بدء حياتهم مجدداً، إما من خلال العودة الطوعية إلى أوطانهم وإن لم يكن ذلك ممكناً فمن خلال إعادة توطينهم فى دول مضيفة أو بلدان ”ثالثة“ أخرى.
إن الكثير من الدول الغربية قد أخذت كفايتها من اللاجئين السوريين بمختلف ثقافاتهم وطبقاتهم العلمية والعملية والإنسانية وبالتالي أصبحت الرؤية عند تلك الدول واضحة في مصير اللاجئين وخاصة أن العبء الأكبر في اللجوء تتحمله الدول التي لها حدود مباشرة مع سوريا والتي استقبلت أغلب اللاجئين السوريين في دولها .
ولكن السؤال الأكثر إلحاحا هذه الأيام هل العودة فعلاً طوعية ؟ أم أن المجتمع الدولي أخذ يدفع باتجاه هذه العودة عبر تقليص كافة أنواع المساعدات الإنسانية المقدمة للاجئين عن طريق المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والدول المانحة والمنظمات الدولية حيث إن الكثير من هذه الجهات لم تكتف بتقليص المساعدات بل أوقفت مساعداتها تماماً . وهل العامل الزمني للجوء وتلك السنوات الطوال أثرت على تقديم المساعدات أم أن العامل السياسي هو ما يتحكم بالعودة .
لا شك بأن عودة اللاجئين إلى ديارهم أمر محسوم عند الكثير من اللاجئين وخاصة مع مرور الوقت الذي حدد خيارات كل منهم ، لكن بالتأكيد يبقى عامل المصالح والمفاسد المترتب على قرار العودة هو ما سيرجح كفة القرار النهائي .
إن الإتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين التي تم اعتمادها يوم 28 تموز 1951 تحتوى على بنود تتعلق بعودة اللاجئين والطرد حيث توضح تحت عنوان ( من الذى يحمي اللاجئين ) بالقول ( تقع على عاتق الحكومات المضيفة، بصفة أساسية، مسؤولية حماية اللاجئين ) وتعتبر البلدان الـ 139 على نطاق العالم التي وقعت على اتفاقية 1951 ملزمة بتنفيذ أحكامها. وتحتفظ المفوضية بـ ”التزام رقابي“ على هذه العملية، وتتدخل حسب الاقتضاء لضمان منح اللاجئين الصادقين اللجوء وعدم إرغامهم على العوده إلى بلدان يخشى أن تتعرض فيها حياتهم للخطر. وتلتمس الوكالة السبل من أجل مساعدة اللاجئين على بدء حياتهم مجدداً، إما من خلال العودة الطوعية إلى أوطانهم وإن لم يكن ذلك ممكناً فمن خلال إعادة توطينهم فى دول مضيفة أو بلدان ”ثالثة“ أخرى.
إن الكثير من الدول الغربية قد أخذت كفايتها من اللاجئين السوريين بمختلف ثقافاتهم وطبقاتهم العلمية والعملية والإنسانية وبالتالي أصبحت الرؤية عند تلك الدول واضحة في مصير اللاجئين وخاصة أن العبء الأكبر في اللجوء تتحمله الدول التي لها حدود مباشرة مع سوريا والتي استقبلت أغلب اللاجئين السوريين في دولها .
ولكن السؤال الأكثر إلحاحا هذه الأيام هل العودة فعلاً طوعية ؟ أم أن المجتمع الدولي أخذ يدفع باتجاه هذه العودة عبر تقليص كافة أنواع المساعدات الإنسانية المقدمة للاجئين عن طريق المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والدول المانحة والمنظمات الدولية حيث إن الكثير من هذه الجهات لم تكتف بتقليص المساعدات بل أوقفت مساعداتها تماماً . وهل العامل الزمني للجوء وتلك السنوات الطوال أثرت على تقديم المساعدات أم أن العامل السياسي هو ما يتحكم بالعودة .
لا شك بأن عودة اللاجئين إلى ديارهم أمر محسوم عند الكثير من اللاجئين وخاصة مع مرور الوقت الذي حدد خيارات كل منهم ، لكن بالتأكيد يبقى عامل المصالح والمفاسد المترتب على قرار العودة هو ما سيرجح كفة القرار النهائي .
مدار الساعة ـ نشر في 2022/03/20 الساعة 11:10