أين أنتم عن مركز ابداع الكرك
مدار الساعة ـــــكنت ابحث كعادتي عن أمور يتميز فيها وطني بين الأمم؛ وذهبت أتجول بين صفحات محركات البحث ضمن الشبكة العنكبوتية ووجدت ما يمكننا الاعتماد عليهم من شباب وشابات في مختلف محافظات الوطن استطاعوا ان يثبتوا للعالم دولياً وعلى المستوى العربي أن لدى المملكة الأردنية الهاشمية قدرات هائلة من أصحاب الفكر الناضج ممن تدربوا وتطوروا لدى قطاع الريادة الاجتماعية؛ وان الأردن يستطيع ان يعتمد على هؤلاء الشباب وينمي قدراتهم للوصول الى ما يمكن وصفه بالمستحيل.
لفت انتباهي مجموعة من الأبحاث او الجوائز التي حصل عليها مبدعون تدربوا لدى نادي ابداع يتخصص في المجال التقني وهو مؤسسة أهلية غير ربحية تقدم رغم شح امكانياتها معظم ما يمكن تقديمه (ذاتياً) لرعاية الموهوبين والمبدعين من اعمار مبكرة لرفد هذه المهارات ودعم المبدعين وإتاحة الفرصة لمن لم يتم اكتشاف مواهبهم لإطلاق الطاقات الكامنة لديهم ضمن بيئة علمية، فنية آمنة بهدف نبيل ألا وهو مصلحة مستقبل الوطن.
نعم ... هم منتسبي ورواد نادي الإبداع في محافظة الكرك وسأقدمهم هنا كعينة تظهر حقيقة ما يحدث في المحافظات الأقل حظاً؛ فمنذ تأسيس النادي وهو يعمل لتحفيز الشباب على الإبداع والريادة والابتكار في مجالي العلوم والتكنولوجيا والفنون بمنهج علمي ومتكامل من عمر 6 سنوات إلى ما بعد التخرج من الجامعة، بحيث يكون لكل فئة عمرية برامجها الخاصة.
نادي الابداع ومنذ تأسيسه عام 2010 يشكل حاضنة لدعم وتدريب ورعاية المبدعين واتاحة الفرصة لمن يعتقد أنه غير موهوب ولم يتم اكتشاف مواهبه لا من الأهل ولا من المدرسة أو الجامعة ليتدرب في النادي حسب ميوله وشغفه لإطلاق الطاقات الكامنة لديه.
إليكم ان تتخيلوا وعلى مدى اكثر من عشر سنوات استفاد ما يزيد عن21 ألف شاب وفتاة من برامج النادي حيث قدمت لهم تدريبات عملية / تطبيقية في مختبرات متخصصة في العلوم والتكنولوجيا (روبوتيكس، إلكترونيات، برمجة وكل تطبيقات الذكاء الاصطناعي) وفي مجال الفنون (رسم، موسيقى، مسرح، تصوير، تصميم جرافيك؛ ناهيك عن برامج في تعلم الحرف اليدوية، وبرامج في مهارات صيانة الحاسوب، الموبايل، و التمديدات الكهربائية.
وما يميز نادي الابداع في محافظة الكرك انهم يثبتون للعالم ان لدى المملكة الأردنية الهاشمية قدرات شبابية هائلة فهم لا يكتفون بتقديم الدورات والبرامج التدريبية وانما يخوضون معارك علمية تثبت تميزهم وترفع راية الأردن بين الدول؛ فهم يشاركون في مسابقات عالمية وعربية يحصدون فيها الجوائز والمراتب المتقدمة؛ فعند مشاركتهم في المعرض العالمي للمشاريع العلمية المبتكرة في أندونيسيا عام 2021 حيث فاز نادي الإبداع – الكرك في world innovative science fair in Indonesia WISF 2021 عن مشروع الكلية الاصطناعية للطالب أسامة الطرايرة وحاز على المرتبة الثالثة على مستوى العالم؛ وشارك في مسابقة المشاريع العلمية في تركيا عام 2021 وحصل النادي على الجائزة البرونزية وتمثيل المملكة الأردنية الهاشمية عن مشروع "الكلية الاصطناعية" في المسابقة العالمية للمشاريع العلمية INTOC عن فئة الهندسة والفيزياء في تركيا و التي تتضمن مشاركة 21 دولة و تضم 186فريقا حول العالم؛ وشارك النادي في البطولة العالمية للبرمجة والذكاء الاصطناعي 2020 وعام 2021 Codeovour وحصل النادي على جائزة Honorable prize في البطولة العالمية للبرمجة والذكاء الاصطناعي codevour 2020 والتي أطلقتها شركة Stempedia في الهند ونظمتها شركة روبوتنا في الأردن ، والجدير بالذكر أن النادي أهّل 6 فرق أخرى لهذه المسابقة من عمر 9 سنوات إلى 16 سنة؛ وشارك في العديد العديد من المسابقات المحلية والعربية والدولية التي لا يتسع المجال لذكرها لكثرتها وتنوعها وتميزها والجوائز التقديرية التي حصلوا عليها.
ولكن للأسف ان قطاع الريادة الاجتماعية في المملكة الأردنية الهاشمية لا يكترث به أحد من الحكومة او القطاع الخاص علماً لو انهم ينظرون للدول من حولهم لوجدوا ان من خلال هذا القطاع يستطيعون الوصول لنواة مراكز أبحاث علمية واقتصادية واجتماعية وصناعية وغيرها من المراكز التي تفيد الحكومة والقطاع الخاص والنهوض بالدولة معتمدين على الذات مكتفين ذاتياً في مواجهة أي من التحديات الحالية او المجهولة مستقبلاً.
الابداع الشبابي الأردني في كل الاختصاصات يحتاج لإنشاء أكاديميات متخصصة لرعاية المبدعين وتطوير طاقاتهم واستكشاف الكامنة منها لغير المبدعين؛ بحيث تعمد لإتاحة الفرص لهم وتأهيل مدربين متخصصين متمكنين في مجال رعاية المبدعين وإيجاد نخبة من المبدعين المتميزين والعمل على الارتقاء بإبداعاتهم لأعلى المستويات لجعلهم نواة لتغيير جذري في المجتمع وتقديمهم كمرشحين أقوياء لصناعة القرار مهما كان تصنيفه.
أيها السادة إن الإبداع والتقدم الاجتماعي والإقتصادي صنوان أينما وجد الإبداع وجد التقدم والإنسان المبدع هو المحرك الأساسي للتقدم الاجتماعي والإقتصادي بما يتناسب مع روح العصر والتطور؛ كما يمكننا البحث عن الطاقات الكامنة لغير المبدعين وتحفيزها وإطلاقها وتنميتها ضمن برامج منهجية واضحة، ودعمهم بطريقة غير تقليدية تعتمد على الاستكشاف والتطبيق العملي والتفكير الناقد، والتحليلي والإبداعي وتقديم العلوم بطريقة ممتعة؛ ونبعد شبابنا وننقذهم من المخدرات وويلات آفات المجتمعات التي تحاصرنا من كل الاتجاهات.
فإذا ما وجدت مثل هذه الاكاديميات نكون قد طبقنا فعلاً ما يريده جلالة الملك من كل خطاب يوجهه للشباب الأردني نحو التغيير والتطوير والمشاركة؛ فنعمل من خلال هذه الاكاديميات على ترسيخ منظومة القيم الإنسانية ونشر الفكر المستنير وقبول التنوع في المجتمع بطرق غير نمطية وغير مباشرة بل تقديمها من خلال الفنون المختلفة إضافة إلى تعزيز ثقافة الحوار وقبول الآخر، وإتاحة التبادل الثقافي والمعرفي بين الشباب الأردني ونظرائهم في العالم بشكل مؤسسي ومنهجي وتوجيه وتأهيل الشباب لريادة الأعمال سواء بتأسيس مشاريعهم الخاصة أو العمل في القطاعين العام والخاص؛ والذهاب بالوطن نحو التقدم والريادة والتميز بالانجاز كما يريده الاب القائد جلالة الملك المعظم وولي عهده الأمين.
أين أنتم عن مركز الابداع في محافظة الكرك ... وماذا تنتظرون؟ وما السبب الذي يمنع السلطة التشريعية الممثلة في مجلس النواب من تشريع ينظم عمل الريادة الاجتماعية، هل يعقل أن نظام الجمعيات المعمول به حاليا يخدم هذا المسعى وخاصة وأن العالم من حولنا نظم عمل شركات اقتصادية وشركات اجتماعية ضمن مفهوم الاقتصاد الاجتماعي؛ وما السبب الذي يمنع الحكومة والقطاع الخاص عن تقديم دعم ثابت لمن يريدون لهذا الوطن بلوغ أعالي القمم متميزين في كل شيء؛ لا لشيء فقط من أجل الوطن.