محكمة أردنية ترد دعوى ضد شركة جوجل قيمتها مليار دينار بخصوص فلسطين
مدار الساعة - في حكم قابل للاستئناف قررت محكمة بداية عمان رد الدعوى التي أقام المدعي (أيمن يعقوب عبد الحسيني بواسطة وكيله المحامي محمد عادل الطراونة) بمواجهة المدعى عليها (شركة جوجل انترناشونال الأردن) والتي موضوعها (المطالبة بالتعويض عن الضرر المعنوي بقيمة مليار دينار أردني لغايات الرسوم وإعادة الحال إلى ما كان عليه)، والتي أساسها، وفق ما اطلعت مدار الساعة، ما يلي:
اولاً: دولة فلسطين (تحت الاحتلال) تضم شعباً وأرضاً ومعترفاً بها من قبل المملكة الاردنية الهاشمية كدولة مستقلة ولها سفارة قائمة وعاملة فيها ومعترف بها أيضاً من قبل جامعة الدول العربية والأمم المتحدة كعضو مراقب وكافة المنظمات والهيئات الدولية حيث بدأ العمل بخريطة فلسطين المعروفة بحدودها بعد تقسيم الوطن العربي إلى الخريطة المعروفة اتفاقية سايكس بيكو التي تنص على تقسيم الدول العربية شرقي المتوسط في عام 1916 في إطار تقسيم أراضي الامبراطورية العثمانية المتداعية.
ثانياً: حيث كانت فلسطين من نصيب المملكة البريطانية التي دخلت الأراضي الفلسطينية كمحتلة عام 1917 ثم تحولت إلى انتداب بتاريخ 6/6/1921.
ثالثاً: قام الانتداب البريطاني برسم حدود فلسطين غربا البحر الأبيض المتوسط وشرقا امارة شرق الأردن وشمالاً لبنان وسوريا وجنوباً مصر وقامت بتفريغ وتثبيت تلك الحدود على شكل خارطة جغرافية.
رابعاً:- مكنت حكومة الانتداب البريطاني لليهود بالهجرة إلى فلسطين واصدرت قرار وعد بلفور الذي تضمن إنشاء وطن قومي مزعوم لهم.
خامساً: استمر الانتداب البريطاني حتى عام 1947 حيث استصدرت سلطة الانتداب البريطاني قراراً دولياً من الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرار تقسيم حدود أراضي فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية وأن يقتطع منها أراض للدولة اليهودية.
سادساً: في عام 1948 قامت سلطات الانتداب بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية المنتدبة ولحق ذلك إعلان دولة الكيان الاسرائيلي.
سابعاً: إن خارطة فلسطين المشار إليها في البند الثالث وهي الحدود المعتمدة للأمم المتحدة و المنظمات الدولية التابعة لها اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية بصفتها ممثلاً للشعب الفلسطيني ومنحتها حق المشاركة في مداولات الجمعية العامة بشأن قضية فلسطين.
ثامناً: وحيث تم الاعتراف من أكثر من 80 دولة بدولة فلسطين وأعلن منظمة التحرير الفلسطينية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اعتراف 94 دولة.
تاسعاً: في 15/12/1988 استبدلت منظمة التحرير الفلسطينية باسم فلسطين في منظومة الامم المتحدة.
عاشراً: في 23/12/2011 تم منح الجمعية العامة لعضوية فلسطين مركز دولة غير عضو لها صفة مراقب في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة وفي 17/12/2012 قرر رئيس بروتوكل الأمم المتحدة الرسمية ان تستخدم الامانة اسم دولة فلسطين في جميع الوثائق حيث كان يوجد في الأمم المتحدة دولة واحدة تتمتع بهذه الصفة وهي الفاتيكان.
حادي عشر: إن اعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطين دولة مراقبة لها في الأمم المتحدة يعني أنها ستسمح لدولة فلسطين بالانضمام إلى المعاهدات ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة.
ثاني عشر: إن هذه البقعة الجغرافية موجودة منذ آلاف السنين حقيقة ولا تقبل الشك وما تضمنه من مدن تاريخية ذكرت في التاريخ مثل القدس وأريحا وعكا ويافا وحيفا وغزة تسمي دولة فلسطين.
ثالث عشر: إن إزالة أو إزاحة اسم فلسطين وخريطته الجغرافية عن محرك البحث جوجل التابع للمدعى عليه واستبداله بخريطة اسرائيل يشكل إساءة وإهانة بالغة لكرامة هذه الشعوب وتاريخها والحضارات لا يقدر بثمن.
رابع عشر: إن ما قامت به المدعى عليها من فعل ضار وتقصير قد تسبب بإضرار نفسية ومالية بالغة بالمدعي وللشعب الفلسطيني عامة الأمر الذي من شأنه إضاعة كثير من فرص تجارية بكافة أقطاب الأرض.
خامس عشر: كما وقع الضرر على عائلة المدعي وتاريخها بهذه الصفة ألحق ضررا كبير بالمدعية وعائلته وكل من ينتمي إلى شعب ودولة فلسطين.
وقد عللت المحكمة قرارها برد الدعوى وسببته، وفق ما اكلعت مدار الساعة، على النحو التالي:
((تجد المحكمة ان محركات البحث (الجهة المدعى عليها) في حقيقتها آليات تقنيّة تستعمل المؤشرات لمعرفة الوثائق المطابقة للمصطلحات الّتي وقع كتابتها في عمليّة البحث، ويتمثل محرك البحث ببرمجيّة تستهدف التّحرك سعياً إلى توفير المعرفة للباحث عبرها، وتتضمن الموقع أو الصّفحة أو المكان الّذي يمكن منه استرداد معلومة محددة مثلما هو الحال في استخدام محرك البحث (Google)، والتي تضطلع بدورها من خلال الإستفهام والاستفسار من قاعدة البيانات، باستخدام كلمات مفتاحيّة مسجلة في قاعدة بيانات منضمة والكلمات المفتاحيّة تتطابق مع مصدر أو مع العديد من المصادر على الإنترنت فكلُّ محرك بحث لديه نظام معين من الكلمات المفتاحيّة يبحر من خلالها ضمن مجال أسماء النّطاق.
في حين يؤدي مورّد المعلومات كوسيط تقني من وسطاء شبكة الانترنت دورًا كبيراً ومهمّاً في وجود المضمون غير المشروع على شبكة الإنترنت، فمورّد المعلومات سواءً كان شخصًا طبيعيّاً أم معنويّاً صاحبُ الدورِ الإيجابيِّ والسّلطةِ الحقيقيّةِ في وجود المضمون غير المشروع ومراقبته لأنّه هو من يقوم بتأليفه أو جمعه ونشره على شبكة الإنترنت، فهو من يملك توريده لمستخدمي شبكة الإنترنت أو الإمتناع عن ذلك وقد يكون المضمون مشروعا في ذاته ولكنه سبّبَ ضرراً للغير ممّا يستوجب تعويضه عنه أو تكون عدم المشروعيةِ صفةً ملازمةً له، وحتى يكون مورد المعلومة ضامناً للضّررِ الّذي يُلحقه بالغير يجب أن يتَّصفَ عملُه بعدم المشروعيّةِ، إذ نصَّتْ المادةُ 256 من القانون المدنيّ الأردنيّ على أنّ: "كلَّ إضرار بالغير يُلزم فاعله، ولو غير مميِّز بضمان الضّررِ"؛ فالإضرارُ وليس الخطأ، هو مناطُ المسؤوليّة التّقصيريةِ، فالإضرارُ يختلف عن الضّررِ فهو يعني إحداث الضّررِ بفعل غير مشروع أو على نحوٍ مُخالفٍ للقانون.
فمورّد المعلومات الّذي يُلحق ضرراً بالغير نتيجةَ مساهمتِه في نشر مضمونٍ إلكترونيٍّ غير مشروع يلتزم، بحسب أحكام القانون الأردنيّ، بضمانه حتّى ولو انتفى خطأه، ومُؤدَّى ذلك أنّه وفي ظلِّ غياب نصٍّ خاصٍّ يحكم مسؤوليّة مقدّمي خدمات الإنترنت ويُبيِّن شروطها وأساسها، فإنّ تنصُّلَهم من المسؤوليّة عن المضمون الإلكترونيّ الضّارِ بالغير لن يكون بالأمر الهيِّنِ، فمورّد المعلومات لا يستطيع أن يُثبت أنّه لم يأتِ بفعلٍ غير مشروعٍ عند نشره لمضمونٍ إلكترونيٍّ مُخالفٍ للقانون، ولو لم يكن عالماً بهذه المخالفة، لأنّ مناطَ المسؤوليّة هو الإضرارُ، وليس العلم والإدراك، وفي سبيل ذلك يجب أن لا يكون له أيُّ دورِ إيجابيٍّ أو سلبيٍّ في وجود أيِّ مضمون غير مشروع.
وبهذه الصّفةِ الأخيرة يقوم مورّد المعلومات بنشر المعلومات على شبكة الإنترنت، فهو من يملك توريدها لمستخدمي شبكة الإنترنت أو الامتناع عن ذلك؛ لأنّه هو من يقوم بتأليفها أو جمعها ونشرها على شبكة الإنترنت، فهو مُلزم بالرقابة والاشراف على المعلومات ومحتواها لضمان مشروعيتها بالإضافة إلى أنّه ملزمٌ بامتلاك الوسائلِ الفنيّةِ اللّازمةِ لممارسة الرّقابةِ والسّيطرةِ على المعلومات بهدف احترام حقوق الآخرين ، وتنهض مسؤوليّة مورّد المعلومة عن المضمون غير المشروع في حالة العلم بالمضمونِ غَيْرِ الْمَشْرُوْعِ ، ويتميّزُ المضمونُ غير المشروع بأنّه ذو طابعٍ عالميٍّ، ففداحةُ الأضرار النّاتجة عن بثِّ المضمون غير المشروع ضاعف من الأضرار والخسائر الّتي تُخلفها الاعتداءات الواقعة على النّظامِ المعلوماتيِّ.
فالمورّد للمعلومة يُعدُّ مسؤولاً إذا كان يعلم بالطّابعِ غير المشروع للمحتوى أو إذا كان يعلم بالظّروفِ الّتي تجعله واضحاً وظاهراً، إذ لا يُفترض علمه بمحتوى المعلومة الّتي ينقلها.
واستناداً إلى ذلك تتوافر صفة العلم بوجود المضمون غير المشروع على شبكة الإنترنت متى أُخطر مورّد المعلومة إخطاراً قانونياً بوجوده، ولابدَّ من توافر الإخطار ، فالامتناع عن إزالة هذا المحتوى حال توافر هذه الضّابطِ يكون سبباً لقيام المسؤوليّة التّقصيريةِ لمخالفته أحكام القانون العامّة، ولكن كيف يمكن أن يتحقّق العلمُ الفعليُّ؟ وما هي الظّروفُ الّتي يمكن أن تُظهر الطّابعَ غير المشروع؟
وبالرجوع إلى نصوصِ القانونِ الأردنيّ، نجد أنّه لم ينظّمْ مسؤوليّة مورّد المعلوماتِ وبالتّالي فإنّه إزاءَ هذا السّكوتِ لا يبقى خيارًا سوى إخضاعه للقواعد العامّة للمسؤوليّة، ولكن مع تطويعها بما يتناسب مع خصوصيّةِ تقديم خدمات شبكة الإنترنت.
وبذلك تظهر أهميّة تحديد ضوابط الإخطار كوسيلةٍ لتحقيق العلم بعدم مشروعية المضمون الإلكترونيّ، وعلى ضرورة إخطار مزود خدمة المعلومات بوجود مضمون غير مشروع، واشتراط أن يشتمل هذا الإخطار على وصف دقيقٍ للأفعال غير المشروعة، وأن يتضمّن تحديدا دقيقاً لمواضيعها فالشّخصُ المتضرّرُ الّذي يريد وقف أو سحب المضمون غير المشروع، مُلزم بإخطار مورد المعلومة بالكشف عن هويته، كما يجب بيان عدم أسباب المشروعية، وتبرير عدم إمكانيّةِ الإتّصال بمؤلف المعلومة، وتوجيه رسالة يطلب فيها وقف بثِّ المعلومة غير المشروعة.
ويجب أن تُرفق الرّسالة بالإخطار المقدّمِ، وبعد ذلك على المورّد فحص مشروعية المعلومات غير المشروعة بشكل واضحٍ، وعن طريق ما تم الاتفاق عليه عالميا ً في مجال ادارة شبكة الانترنت بإجراء الإخطار والسّحب أو الرفع Notice and Take Down والّذي يوجّه من المضرور، وبه يتوافر العلمُ الفعليُّ لدى المورّد، ويتوجب عليه إتخاذ الإجراءات اللازمة نحو رفع الاعتداء، ومنع الجمهور من الوصول إلى المضمون غير المشروع.
فإذا استوفى الإخطارُ هذه الشّروط تعيّن على المورّد للمعلومة فوراً أن يحجب المضمونَ غير المشروع أو يمنع الوصول إليه، وإلا تحققت مسؤوليته، فلا تقوم المسؤوليّة إلّا بتحقّق العلمِ الفعليِّ بعدم المشروعيّةِ، وهو ما لا يتحقّق إلّا بطريق الإخطار من المضرور الّذي يتعين عليه إثبات عدم المشروعيّةِ.
وبالبناء على ما تقدم وحيث أن محرك البحث جوجل (Google) لا يقوم إلا بدور تقني سلبي إذ يتيح الوصول إلى الموقع وفقًا للكلمات المفتاحية أو التعبيرات المختارة من قبل أصحاب هذه المواقع.
وان المدعي لم يقم بتقديم ما يُثبت بإخطار مورد المحتوى المعلوماتي كوسيط فني له سيطرةٌ كاملةٌ على المعلومات الّتي يقوم ببثِّها عبر الشّبكةِ مستقل بذاته عن محرك البحث الالكتروني من خلال اشتمال الاخطار على وصف دقيق للأفعال غير المشروعة المتمثلة باستبدال وحذف خارطة دولة فلسطين واسماء المدن الفلسطينية على الشبكة العنكبوتية بخريطة اسرائيل، فلا تقوم المسؤوليّة إلّا بتحقّق العلمِ الفعليِّ بعدم المشروعيّةِ، وهو ما لا يتحقّق إلّا بطريق الإخطار من المضرور الّذي يتعين عليه إثبات عدم المشروعيّةِ، كما أنّه ليس بالإمكان مساءلته، إستناداً لأحكام مسؤوليّة المتبوع أو حراسة الأشياء، والّتي يُشترط لقيامها إثبات تقصير، أو تعدِّي من جانب المتبوع أو الحارس، فالعالمُ الإفتراضيُّ عالم لا مركزيّ، لا يُوجد فيه خضوع أو تبعيّة مُتدخِّل لآخر، ومقدِّمو خدمات الإنترنت ليسوا بحرَّاسٍ للمنظومة المعلوماتيّةِ الإلكترونيّةِ، فلا ينطبق عليهم وصف حارس الأشياء.
وعليه وتأسيسا على ما تقدم تقرر المحكمة ما يلي:
عملاً بأحكام المواد (256و267و291) من القانون المدني رد دعوى المدعي لعدم استنادها الى اساس قانوني سليم.
عملا بأحكام المواد 161 و 166 من قانون اصول المحاكمات المدنية تضمين المدعي الرسوم والمصاريف)).
ومن الجدير ذكره أن المدعي (أيمن يعقوب عبد الحسيني) لم يرتض بحكم المحكمة فطعن به استئنافاً لدى محكمة استئناف عمان بواسطة وكيله (المحامي محمد عادل الطراونة) وسنوافي الرأي العام بنتيجة هذا الاستئناف وقرار المحكمة به لتعلقه بمسألة تهم الرأي العام الأردني والعربي والاسلامي والانساني.