انتهازية قذرة!

فايز الفايز
مدار الساعة ـ نشر في 2022/03/17 الساعة 02:49

في الوقت الذي ينتظر الجميع حلول شهر رمضان المبارك والصوم العظيم، يتجهز الكثير من أهل الفضل لتوفير مسلتزمات الشهر الفضيل واحتياجات فئات مستهدفة من فقراء الأحياء التي يعرفونها، رغم أن معدلات الفقر باتت حرجة خارج العاصمة والمدن الكبرى، وهناك من المتفضلين يبحثون عن عائلات تنتظر الشهر تلو الشهر على أمل الحصول على مساعدات اجتماعية نفاخر بها دوماً، ولكن الجميع أكانوا من طبقة الأغنياء أو الميسورين أو المحتاجين ليس لديهم سوى مصدر واحد للحصول على المواد الغذائية والألبسة والمستلزمات البيتية، وهنا يأتي دور التجار وأص?اب الوكالات ممن تربعوا على هرم الاستيراد أو الإنتاج، ومن هناك تبدأ الحيرة مع طيف منهم حينما يرفعون الأسعار بلا داع.

هذا العام ليس كمثله فيما سبق، فمن ينظر إلى الشارع يدرك كم أن الناس سكارى وما هم بسكارى، والأمر لم يعد خاصاً بالطيف الأكبر من المعوزين، بل بمن كانوا يظنون أنفسهم من أهل الطبقة الوسطى التي رحلت إلى جارتها الطبقة الأكثر إيلاماً، وبات العوز الشديد يطاردهم، وكثير منهم يخبئ وجهه بكفيه، فالفواتير العامة والخاصة باتت تهدد العائلات وتضطر العديد من العائلات الشابة والمتزوجين حديثاً الى الطلاق الذي لو خرجت إحصائياته لواجهنا واقعاً أمرّ من الحنظل، في ظل بطالة كسرت حاجز اللامعقول.

من هنا تظهر جهود طيبة استدركتها الحكومة لكبح جماح التغول التجاري، ولكن ذلك لا يكفي، فالارتفاع المغالي في الأسواق خصوصاً المواد التموينية وهي الأهم للمنازل لم يترك للمواطن نافذة أمل ليسد حاجته، فبعض كبار المستوردين وكبار الطبقة التالية من التجار لا ينظرون إلى المسؤولية الاجتماعية على أنها واجب، بل يطاردون جيوب الزبائن كي يشاركهم قيّم الشحن والرسوم والإيجارات، بل حتى المنتجات المحلية باتت في ارتفاع عنيف قد لا يستطيعها المواطن، والمشكلة الأكبر حينما يقولون إن السوق العالمي هو الذي يحدد ارتفاع الأسعار، ولكن هن?ك طريقة لنعرف الصادق من غيره! على الجهة التي تراقب الأسعار أن تكشف تواريخ فواتير المستوردات وقيمها، ومن هناك تظهر الحقيقة، أما أن تقفز الأسعار اللاطمة، وتُخبأ المواد في المخازن حتى تشح في السوق ليعاد تدفقها بأسعار عالية، فتلك اللصوصية التي يفعلها البعض ولا نعمم، لأن هناك من أشراف التجار من يتحمل جزءاً من المسؤولية المجتمعية ليحافظ على استقرار الأسعار، ولكن من يراقب البقالات والمحال البعيدة عن الأعين، ولقد رصدت ثلاثة محال تجارية متجاورة تتفاوت أسعار مادة واحدة بشكل عجيب ومعيب، وأنا غير مختص بأسعار المواد.

ليست المواد الغذائية فحسب، بل إن الأدوية باتت شحيحة في الصيدليات، وهناك نقص واضح في كثير من أصناف الأدوية وهذا أدى الى ارتفاع مخيف، وكلما سألت تاجراً في جميع القطاعات يتنطع أحدهم ليقول: إن الارتفاعات عالمية ولا دخل لنا بها، فأي ارتفاعات عالمية والبلد منذ ثلاث سنين يتداول الشراء بأقل القليل؟.. وهنا نتكلم عن الشريحة السكانية الأعظم التي تحولت إلى مشاريع متسولين، مع فارق التشبيه بالطبقة الميسورة والأغنياء الذين أنعم الله عليهم بحلاله، فأولئك قد يتحملون الارتفاعات، ولكن ثقوا أن هناك عائلات لا تجد قوت يومها ولا?يستطيعون مراجعة الطبيب، والديون تتراكم عليهم من حدب وصوب.

نعلم هنا أن هناك الكثير من الخيرين الذين يبادرون في إخراج صدقاتهم لصالح عائلات قد تكون مسجلة بقوائم خاصة في جمعيات أو أحزاب، ولكن الأساس هم المستوردون والمنتجون، أكانوا في القطاع التجاري أو الزراعي أو الصناعي حتى، وتجربتنا في جائحة كورونا كانت مخزية من البعض، فقد بيعت كميات كبيرة من البضائع ذات المواصفات المتدنية، حتى أن مخازن الرز الذي هو المادة الأساس، وزعت فيما وزعت أرزاً تالفاً، ومهما طاردت فرق التفتيش الرسمية لن تستطيع إحصاء الجشع واللصوصية عند فئة من المتاجرين لا التجار المحترمين.

نحن لا نزال تحت قانون الدفاع، وهذا يلزم الحكومة باتخاذ الاجراءات اللازمة للوقوف على تغول كل من له يدّ طويلة، مع فهمنا أن سلاسل التوريد العالمية باتت شحيحة في ظل ما يجري عالمياً، ولكن هذا يستوجب معالجة الوضع المعيشي من خلال إعفاءات أيضاً على المواد الغذائية والصحية.

Royal430@hotmail.com

الرأي

مدار الساعة ـ نشر في 2022/03/17 الساعة 02:49