ما الذي يراه السفير الأميركي ولا نراه نحن؟
من بين قنوات ووسائل الإعلام والصحف الأردنية، حضيت قناة «رؤيا» بمقابلة للسفير الأميركي «هنري ووستر» الموقرّ والصديق الضالع في الشأن الاردني لجولتين كنائب لرئيس البعثة الدبلوماسية الأميركية ثم سفيرا مفوضا للولايات المتحدة في الأردن، وقد فردت له مساحة واسعة للحديث عن العلاقات الأردنية الأميركية، فضلا عن قضايا إقليمية وعالمية، وهذا سبق يسجل لها، فيما سجل سعادة السفير أهدافا كثيرة في أجوبته وتعليقاته على ما يجري في الأردن وبالطبع على الأحداث الحربية بين روسيا وأوكرانيا، والحرب الدبلوماسية والإعلامية التي تشنها ?ول حلف الناتو، مع كثير من الأماني للأردن بالاستقرار والتقدم.
السفير ووستر من أكثر السفراء، الذين عبروا عمان خلال سبعين عاما، خبرة واطلاعاً على الحاضر والمستقبل الذي قد يحمل متغيرات سياسية واقتصادية وبالتالي اجتماعية، فجولتان له في عمّان كانتا كافيتين ليقارن بين تلك الفترتين وأين كنا وأين نحن اليوم، وهو يتحدث بدبلوماسيته بكل حرص على استقرار الأوضاع في الأردن، ويتمنى ان تكون العلاقة مع واشنطن على خير ما يرام، ويدعم زيادة المساعدات الأميركية للأردن ويحرص على تعافي وحماية الاقتصاد لأنه يفهم ما وراء تردي الاقتصاد على الحكومة والمجتمع.
ووستر تحدث عن العلاقة التاريخية مع أميركا، وقد ظهر مدافعا عن قرارات الحكومات على أساس السيادة الوطنية، نافيا أي دور إجباري لفرض مشاريع تغييرية أو إلزام ما لا يلزم في القوانين والتشريعات والاتفاقيات مع الشركاء، نافيا أي دور للسفارة فيما يقال عن ضغوطات على الحكومة ومراكز القرار والبرلمان، ولكن السفير لا يفاجئنا بأننا واحدة من الدول التي تدعم واشنطن التغيير فيها عبر مسميات نعرفها تماما كتعزيز دور المرأة في المجتمع السياسي والبرلماني وقوى الضغط الممولة، وكذلك الشباب الذين يتم الدفع بهم من عمر التاسعة عشرة الى ?لثلاثين عاما، وينسى أن هذه الفئة العمرية، التي نحبها ونعول عليها، لا تزال تجاهد لتوفير طعامها ورسوم الجامعات وتحقيق أحلامها الشخصية أولاً.
ما يراه السفير ووستر قد لا يراه الكثير من المواطنين، فهو وإن لم يشرح جملة القول بما يتعلق بالوضع الاقتصادي فهو يعلم أن الوضع ليس مستقرا، ورغم كل الجهود التي تبذلها إدارة الدولة الأردنية لتعزيز دور الشباب والمرأة في الحياة السياسية، فإن هذه الحياة لا يعلو شأنها سوى باقتصاد قوي ينخرط فيه الشباب والمرأة في سوق العمل، وبالتالي فإن حرص سعادة السفير يجب أن يتلازم مع السماح للأردن بفتح حدوده مع جيرانه بعيدا عن العقوبات الأميركية، لإعادة تسييل الحركة التجارية وتبادل البضائع، والتفاوض مع الدول المانحة لإعادة وزيادة?المنح والمساعدات للحكومة الأردنية، كما تفعل الولايات المتحدة مع عمّان من خلال التزامها بزيادة المساعدات التي تحققت مؤخرا.
السفير ووستر يدرك حساسية الشارع الأردني من القضية الفلسطينية، وقيادة الملك عبدالله الثاني للجهود المانعة لأي تغيير فيما يتعلق بالوضع القائم في القدس، وإصراره على العودة الى مربع المفاوضات للوصول الى دولة فلسطينية عاصمتها القدس، وهذا بالطبع لن يكون يوما على أجندة السفير ولا الإدارة الأميركية، بل إن الجهود تقابلها القيود العنيفة التي تستخدمها سلطات الاحتلال الاسرائيلي ضد الفلسطينيين العزّل، لهذا كان جوابه على سؤال الزميل محمد الخالدي عن المعايير المزدوجة ما بين الحالة الروسية والحالة الإسرائيلية في تعاطي الع?لم الغربي مع قضيتي الشعب الأوكراني والشعب الفلسطيني، كان الجواب مواربا وغير مقنع بكل الفرضيات الهندسية التي استخدمها، فهناك قتل وتدمير وهنا قتل وتدمير واحتلال لشعب لا يزال يعاني منذ أكثر من 78 عاما.
ولكن أعود الى ما يراه السفير فيما يتعلق بضرورة وصول الأردن الى التعافي في قطاع المياه مع الجانب الإسرئيلي، لأذكره وهو الضالع في علم التاريخ بأن نهر الأردن كان موردا مائيا عظيما حتى نشأ الكيان الإسرائيلي، والذي جر مياه بحيرة طبريا الى النقب وجفف بحيرة الحولة، وهذا كان بدعم من «لاري دالاس» نائب الرئيس الأميركي واقتراح من وزارة التجارة الأميركية عام 1939 التي أوفدت المهندس «لودر ميلك» ليخطو على خطى مشروع وادي «التينسي» ومشروع ميكروث للمياه وأخيرا مشاريع ترومان، وهذا يستوجب إعادة النظر في المنح المخصصة لقطاع ا?مياه من قبل الولايات المتحدة. الرأي
Royal430@hotmail.com